دعا ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز السعوديين الى التزام منهج الحوار وقواعده وآدابه، كي لا يتحول الحوار الاجتماعي القائم الى "فوضى تضر ولا تنفع"، مطالباً كل مواطن يود البحث في الشؤون العامة بالتحلي بالحكمة والاتزان وتجنب ركوب الموجة وحب الظهور. وقال الأمير عبدالله في كلمة وجهها امس الى المواطنين السعوديين عبر التلفزيون السعودي ان "هذا الوطن اما ان يكون مسلماً او لا يكون على الاطلاق"، وان ابناءه "لا يحتاجون الى من يعلمهم امور الدين او يزايد عليهم"، مشدداً على "أن الدولة ماضية في نهجها الاصلاحي المدروس ولن تسمح لأحد ان يقف في وجه الاصلاح سواء بالدعوة الى الجمود او الدعوة الى القفز في الظلام"، مشيداً بتوصيات اللقاء الثاني للحوار الوطني التي قال انها تدعم الوحدة الوطنية وتعزز قيم الحوار والاعتدال والتسامح. وجاء في الكلمة: "يسعدنى أن أتحدث اليكم بعد انتهاء اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري الذي انعقد في الآونة الاخيرة بجوار بيت الله الحرام في مكةالمكرمة وكان موضوعه "الغلو والاعتدال، رؤية منهجية شاملة". لقد جسد هذا اللقاء روح الاخوة الاسلامية والوطنية، وكان الحوار يدور في جو من المودة والاحترام المتبادل. ولقد بحث اللقاء دراسات مهمة أعدها المختصون من أهل الخبرة تعالج الغلو من كل جوانبه وانتهى اللقاء بتوصيات بناءة تدعم الوحدة الوطنية وتعزز قيم الحوار والاعتدال والتسامح، وستلقى هذه التوصيات ما تستحقه من عناية الدولة، وانني أتطلع الى انعقاد اللقاء القادم في رحاب المدينةالمنورة، مدينة نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ليبحث موضوعين مهمين هما: "التعليم والمرأة". بالاضافة الى الحوار المنظم الذي يتم في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، يشهد المجتمع السعودي هذه الايام حواراً واسعاً يشمل فئات من المجتمع، ويتم عبر وسائل الاعلام المختلفة. ان الحوار من حيث المبدأ ظاهرة ايجابية صحية الا أننا يجب أن نحرص كل الحرص حتى لا تتحول النعمة الى نقمة. وان أي حوار لا يلتزم بمنهج الحوار وقواعده وآدابه يتحول الى فوضى لا تغني ولا تسمن من جوع وتضر ولا تنفع. ان علينا جميعاً أن نتذكر الوضع الخاص لهذا الوطن الغالي، وهذا الوضع جاء فضلاً وكرماً من رب العالمين عز وجل حين شرفنا بخدمة الحرمين الشريفين ورعاية الحجاج والمعتمرين وجعل المسلمين في كل مكان يتجهون الى القبلة وجعل هذا الوطن قلب العالم الاسلامي. ان أبناء هذا الوطن لا يحتاجون الى من يعلمهم أمور الدين أو يزايد عليهم في أمور الدنيا، فهم بحمد الله أبناء الفطرة السليمة، توارثوا الدين الصحيح أباً عن جد وجيلاً عن جيل، ان كل مواطن في هذا البلد مؤمن مؤتمن حتى يثبت العكس لا سمح الله، ولا مجال في مجتمع المؤمنين لمن يكفر أو يثير الفتنة. ومن ناحية أخرى يجب ألا يغيب عن ذهن أحد أن هذا الوطن لن يرضى أبدا بأن يمس أحد كائناً من كان عقيدته الاسلامية باسم حرية الرأي أو بأي اسم آخر. ان مجتمعنا يستمد كل مقومات وجوده من الدستور الالهي الخالد: القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأي تعرض لهذا الدستور الالهي يعني طعن الوطن في الصميم. ان هذا الوطن اما أن يكون مسلماً أو لا يكون على الاطلاق وسيظل ان شاء الله وطناً مسلماً عربياً حراً يتمتع جميع مواطنيه بالعزة والكرامة والامان لا فرق بين مواطن ومواطن. ان الدولة ماضية بعون الله في نهجها الاصلاحي المدروس المتدرج ولن تسمح لأحد بأن يقف في وجه الاصلاح سواء بالدعوة الى الجمود والركود أو الدعوة الى القفز في الظلام والمغامرة الطائشة، وأن الدولة تدعو جميع المواطنين الصالحين الى أن يعملوا معها يداً بيد وفي كل ميدان لتحقيق الاصلاح المنشود، الا أن الدولة لن تفتح المجال أمام من يريد بحجة الاصلاح أن يهدد وحدة الوطن أو يعكر السلام بين أبنائه. انني أطلب من كل مواطن يود بحث الشؤون العامة أن يتحلى بالحكمة والاتزان وأن يتجنب ركوب الموجة وشهوة الظهور. اننا لا نود التعرض لحرية الرأي المسؤولة الواعية ولكننا في الوقت نفسه لن نترك سلامة الوطن ومستقبل أبنائه تحت رحمة المزايدين الذين يبدأون بالاستفزاز وينتهون بالمطالب التعسفية. ان الغلو مذموم سواء جاء من هذا الفريق أو ذاك، والتطرف مكروه سواء كان مع هذا الموقف أو ذاك. ان السبيل القويم هو سبيل الوسطية التي لا تفرط والاعتدال الذي لا يميل. انني أدعوكم جميعاً وأدعو نفسي الى هذا المنهج الاسلامي الحكيم، منهج الوسطية والاعتدال، منهج القرآن الكريم ومنهج نبينا عليه الصلاة والسلام، ولا يراودني أدنى شك في أنكم ستكونون كما عهدناكم دائماً، المواطنين الصالحين الصادقين الساعين الى خدمة الدين والوطن بالصبر والعمل".