وجه صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني امس الى المواطنين الكلمة التالية .. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله القائل في محكم كتابه.. "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ."والصلاة والسلام على رسول الله الامين القائل .." يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا."أيها الاخوة والاخوات .. يسعدني أن أتحدث اليكم بعد انتهاء اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري الذي انعقد في الآونة الاخيرة بجوار بيت الله الحرام في مكةالمكرمة وكان موضوعه "الغلو والاعتدال رؤية منهجية شاملة"، لقد جسد هذا اللقاء روح الاخوة الاسلامية والوطنية وكان الحوار يدور في جو من المودة والاحترام المتبادل. ولقد بحث اللقاء دراسات هامة أعدها المختصون من أهل الخبرة تعالج الغلو من كافة جوانبه وانتهى اللقاء بتوصيات بناءة تدعم الوحدة الوطنية وتعزز قيم الحوار والاعتدال والتسامح وسوف تلقى هذه التوصيات ما تستحقه من عناية الدولة وانني أتطلع الى انعقاد اللقاء القادم في رحاب المدينةالمنورة مدينة نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليبحث موضوعين هامين هما .. التعليم والمرأة. أيها الاخوة والاخوات .. بالاضافة الى الحوار المنظم الذي يتم في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني يشهد المجتمع السعودي هذه الايام حوارا واسعا يشمل فئات من المجتمع ويتم عبر وسائل الاعلام المختلفة. ان الحوار من حيث المبدأ ظاهرة ايجابية صحية الا أننا يجب أن نحرص كل الحرص حتى لا تتحول النعمة الى نقمة وان أى حوار لا يلتزم بمنهج الحوار وقواعده وآدابه يتحول الى فوضى لاتغني ولا تسمن من جوع وتضر ولا تنفع. ان علينا جميعا أن نتذكر الوضع الخاص لهذا الوطن الغالى وهذا الوضع جاء فضلا وكرما من رب العالمين عز وجل حين شرفنا بخدمة الحرمين الشريفين ورعاية الحجاج والمعتمرين وجعل المسلمين في كل مكان يتجهون الى القبلة وجعل هذا الوطن قلب العالم الاسلامى. ان أبناء هذا الوطن لا يحتاجون الى من يعلمهم أمور الدين أو يزايد عليهم في أمور الدنيا فهم بحمد الله أبناء الفطرة السليمة توارثوا الدين الصحيح أبا عن جد وجيلا عن جيل ان كل مواطن في هذا البلد مؤمن مؤتمن حتى يثبت العكس لا سمح الله ولا مجال في مجتمع المؤمنين لمن يكفر أو يثير الفتنة. ومن ناحية أخرى يجب ألا يغيب عن ذهن أحد أن هذا الوطن لن يرضى أبدا أن يمس أحد كائنا من كان عقيدته الاسلامية باسم حرية الرأى أو بأي اسم آخر ان مجتمعنا يستمد كل مقومات وجوده من الدستور الالهى الخالد القرآن الكريم والسنة المطهرة وأى تعرض لهذا الدستور الالهى يعنى طعن الوطن في الصميم. ان هذا الوطن اما أن يكون مسلما أو لا يكون على الاطلاق وسوف يظل ان شاء الله وطنا مسلما عربيا حرا يتمتع كل مواطنيه بالعزة والكرامة والامان لا فرق بين مواطن ومواطن. أيها الاخوة والاخوات ان الدولة ماضية بعون الله في نهجها الاصلاحى المدروس المتدرج ولن تسمح لاحد بأن يقف في وجه الاصلاح سواء بالدعوة الى الجمود والركود أو الدعوة الى القفز في الظلام والمغامرة الطائشة وأن الدولة تدعو كل المواطنين الصالحين الى أن يعملوا معها يدا بيد وفي كل ميدان لتحقيق الاصلاح المنشود الا أن الدولة لن تفتح المجال أمام من يريد بحجة الاصلاح أن يهدد وحدة الوطن أو يعكر السلام بين أبنائه. اننى أطلب من كل مواطن يود بحث الشؤون العامة أن يتحلى بالحكمة والاتزان وأن يتجنب ركوب الموجة وشهوة الظهور. اننا لا نود التعرض لحرية الرأى المسؤولة الواعية ولكننا في الوقت نفسه لن نترك سلامة الوطن ومستقبل أبنائه تحت رحمة المزايدين الذين يبدأون بالاستفزاز وينتهون بالمطالب التعسفية ان الغلو مذموم سواء جاء من هذا الفريق أو ذاك والتطرف مكروه سواء كان مع هذا الموقف أو ذاك ان السبيل القويم هو سبيل الوسطية التي لا تفرط والاعتدال الذي لا يميل. اخواني وأخواتي .. اننى أدعوكم جميعا وأدعو نفسي الى هذا المنهج الاسلامي الحكيم منهج الوسطية والاعتدال منهج القرآن الكريم ومنهج نبينا عليه الصلاة والسلام ولا يراودني أدنى شك أنكم ستكونون كما عهدناكم دائما المواطنين الصالحين الصادقين الساعين الى خدمة الدين والوطن بالصبر والعمل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.