بدأت بريطانيا باجراء اتصالات لطرح وساطة بين الحكومة السودانية و"متمردي دارفور" الذين ينشطون في غرب البلاد فيما اعلنت "حركة تحرير السودان" استعدادها لاستئناف التفاوض مع الخرطوم. كما بدأ قادة قبليون بخطوة مماثلة. وفيما افادت انباء عن تحرك تشاد لاحياء اتفاق وقف النار الذي انهار بفشل محادثات في نجامينا بين الخرطوم والمتمردين، جددت الحكومة السودانية اتهام جهات خارجية وداخلية بتأجيج الصراع المسلح في دارفور. وعلم ان لندن اجرت اتصالات مع "حركة تحرير السودان" وحصلت على موافقة مبدئية من قادتها على التزام حل المشكلة سلماً والعودة الى طاولة المفاوضات وتسلمت شروطاً منهم، وستجري اتصالات مماثلة مع الحكومة قبل طرح وساطتها بصورة رسمية. وذكر الناطق باسم الحركة حسن مانويلا ل"الحياة" في اسمرا ان المتمردين يطالبون بتجديد ميليشيات الجنجاويد من أسلحتها والسماح بمرور الاغاثة الى المنطقة. وأكد القيادي في الحركة عثمان البشري ان دولة "أوروبية مهمة ومؤثرة"، رفض تسميتها، أجرت اتصالاً بالحركة بغرض طرح وساطة مضيفاً ان اتفاق الهدنة الذي وقعته حركته مع الحكومة في مدينة أبشي التشادية في وقت سابق غير سار. وشملت شروط "حركة تحرير السودان" رقابة دولية لأي اتفاق وقف للنار وبروتوكول لحماية المدنيين وتمرير الاغاثة الى المتضررين واجراء تحقيق دولي في انتهاكات حقوق الانسان والمجازر التي ارتكبتها الحكومة في حق المدنيين في دارفور. الى ذلك، يتوجه الى نجامينا الثلثاء وفد من قيادات قبلية يضم 50 من رموز قبيلة الزغاوة التي يتحدر منها معظم قادة "متمردي دارفور" لاجراء محادثات مع الرئيس التشادي ادريس دبي الذي ينتمي الى القبيلة ذاتها في اطار وساطة لانهاء المواجهات المسلحة في دارفور واعادة الحكومة والمتمردين الى طاولة المفاوضات. وكان دبي نجح في طرح وساطة ادت الى توقيع الحكومة والمتمردين اتفاقاً للهدنة في ايلول سبتمبر الماضي لكن المحادثات التي جرت الشهر الماضي بينهما انهارت بسبب طرح المتمردين شروطاً اعتبرتها الخرطوم تعجيزية. وأجرى مبعوث الامين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية توم فرانسلن الذي يزور نجامينا حالياً محادثات مع السفير السوداني حسن بشير ووزراء الداخلية والامن والهجرة ركزت على تحسين اوضاع اللاجئين السودانيين الذين فروا من الحرب واحياء وقف النار. وتفقد المسؤول الأممي امس معسكرات اللاجئين على الحدود بين البلدين ووعد باستقطاب العون لهم. وسيلتقي فرانسلن الرئيس التشادي في وقت لاحق لمناقشة معاودة الوساطة وتجديد وقف النار. وفي الخرطوم جددت الحكومة امس اتهام جهات خارجية وداخلية لم تسمها بتغذية الصراع ودعم "متمردي دارفور". ووصفت الوضع السياسي والانساني في ولايات دارفور بأنه خطير وحذرت من تحول الصراع الى نزاع ومواجهات بين القبائل العربية والافريقية. وقال مسؤول الحزب الحاكم في الخرطوم ومسؤول ملف دارفور في الحزب الحاج عطا المنان في مؤتمر صحافي امس عقب عودته من دارفور ان هناك سيارات اجنبية استخدمها المتمردون استولت عليها القوات الحكومية في منطقة كلبس مما يكشف الدعم الاجنبي للمتمردين، كما اتهم قوى داخلية بتغذية الصراع. ونفى دعم الحكومة بعض الميليشيا القبلية بالاسلحة وقال ان التمرد تحول الى مواجهات بين القبائل العربية والافريقية، وحذر من تفتت النسيج الاجتماعي. واعترف وزير الشؤون الانسانية ابراهيم محمود حامد الذي تحدث في المؤتمر الصحافي بخطورة الاوضاع الانسانية لكنه ذكر انها محصورة في خمس محافظات بينما هناك 18 محافظة يشهد فيها الوضع الغذائي استقراراً ملحوظاً، وقدّر عدد المتأثرين ب437 الفاً في ولايات دارفور الثلاث. في غضون ذلك اتهم المتمردون "القوات الجوية الحكومية بمواصلة القصف على المواقع المدنية". وقالوا: "ان 11 مدنياً لقوة مصرعهم الخميس في مناطق كرنوي، بينهم 4 أطفال و3 نساء". كما اتهموا "شركات طيران محلية ودولية مدنية بنقل جنود حكوميين ومعدات عسكرية مما يعد خرقاً لقوانين الطيران المدني". على صعيد آخر حذّرت "منظمة العفو الدولية" من "ان السلام في السودان لن يتحقق مع استمرار انتهاكات حقوق الانسان في غرب البلاد". وأوضحت المنظمة في بيان صحافي انها تلقت قوائم بمئات القتلى والمخطوفين، مؤكدة "ان قتلى حرب دارفور وفقاً لمعلومات الاممالمتحدة بلغ عددهم 3 آلاف معظمهم من المدنيين".