استقبل وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان امس ممثلي أسر ضحايا طائرة "يوتا" الفرنسية وقوّم معهم ما آلت اليه مفاوضاتهم في شأن التعويضات التي وُعدوا بالحصول عليها من طرابلس، والتي لم تسفر عن نتيجة بعدما كان بدا مطلع الاسبوع ان اتفاقاً بهذا الشأن بات على وشك التوقيع. اعتبرت أسر ضحايا تفجير طائرة "يوتا" الفرنسية العام 1989 ان عدم التوصل الى اتفاق مع ليبيا على التعويضات التي ستدفعها لها سيؤدي الى "فيتو" فرنسي في مجلس الامن ضد مشروع قرار رفع العقوبات الدولية، مما يُعتبر "انتصاراً مرّاً بالنسبة لفرنسا وإنما يبقى انتصاراً". واوضح الناطق باسم اسر الضحايا غييوم دو سان مارك في اتصال اجرته معه "الحياة" ان الاتفاق لم يوقع لأن الجانب الليبي "لم يف بالالتزامات" التي تعهد بها اثناء وجود وفد يمثل أسر الضحايا في طرابلس خلال عطلة نهاية الاسبوع الماضي. ورفض كشف طبيعة هذه الالتزامات لكنه اشار في المقابل الى اتصال هاتفي أجراه امس مع رئيس "مؤسسة القذافي الخيرية" سيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي، وبحث معه كيفية الخروج من العرقلة الحالية. واشار الى انه لا يريد ان يكون سلبياً لكن الامور تبدو اليوم في فترة صعبة. وذكر ان الحديث مع سيف الاسلام اتسم بايجابية بالغة، وان ممثلي اسر الضحايا قد يقومون بزيارة جديدة الى طرابلس في موعد لم يكشفه، لتذليل العقبات التي تعترض الاتفاق. وعبّر عن اعتقاده بضرورة بذل كل ما يمكن للتوصل الى اتفاق "قبل الاستحقاق"، في اشارة الى طرح بريطانيا مشروع قرار برفع العقوبات عن ليبيا في مجلس الامن، والذي لن يكون من الممكن تأجيله الى امد بعيد. ورأى ان عدم التوصل الى اتفاق سيؤدي الى وضع قد لا يكون سيئاً لأسر الضحايا ويتمثل ب"الفيتو" الفرنسي ضد رفع العقوبات "الذي سيعزز موقف هذه الاسر الداعي الى العدل ويشكل بالنسبة اليها انتصاراً مراً انما يبقى انتصاراً". وأكد دو سان مارك استعداده لبذل كل ما امكن للحؤول دون الوصول الى مثل هذا الوضع. لكنه كرر القول ان أسر الضحايا "لا تخشى الفيتو بل العكس فإنها ترى فيه اعترافاً وانتصاراً سلبياً كونه سيعزز الحقد والتوترات ولا يشكل حلاً جيداً لأي طرف". واشار الى انه ابلغ سيف الاسلام بذلك خلال اتصالهما الهاتفي، مؤكداً ان نجل الزعيم الليبي حساس ومتفهّم للوضع، على رغم عدم امتلاكه الهامش الكافي للتحرك وتسوية مشكلة تسمم العلاقات الدولية. يذكر ان 170 شخصاً من بينهم حوالى 40 فرنسياً قتلوا في حادثة تفجير طائرة "يوتا" الفرنسية فوق صحراء النيجر سنة 1989، وان باريس حاكمت سنة 1999 غيابياً ستة ليبيين ودانتهم بالسجن المؤبد كما فرضت على ليبيا تعويضات تراوحت قيمتها بين ثلاثة آلاف و30 ألف يورو لكل من ذوي الضحايا. لكن هذه المبالغ بدت مجحفة في ضوء التعويضات التي وافقت ليبيا على دفعها لأسر ضحايا طائرة "بانام" الاميركية التي فجرت فوق بلدة "لوكربي" اسكتلندا وبلغت حوالى عشرة ملايين دولار لكل منهم 2.7 بليون دولار للجميع. وكان السفير الليبي في لندن محمد الزوي أ ف ب قال ان خلافاً على توقيت دفع التعويضات يعيق التوصل إلى اتفاق. وذكر ان بلاده اقترحت دفع المبلغ بعد رفع العقوبات الدولية التي تقررت في 1992، لكن فرنسا تطالب بأن يتم الدفع قبل ذلك، كما تم دفع جزء من التعويضات لضحايا انفجار طائرة "بانام" الاميركية فوق لوكربي. وقال الزوي ان "فرنسا طلبت الحصول على الضمانات نفسها التي قدمتها ليبيا في قضية لوكربي، خلال محادثة بين وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان ووزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى، وهذا أزعج الليبيين".