ظهر أمس عنصر جديد في حملة الضغوط السياسية المتصاعدة التي يواجهها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بسبب مشاركته في الحرب على العراق، مع كشف كتاب جديد يصدر قريباً عن مساع بذلها وزير الخارجية جاك سترو في اللحظة الاخيرة لثني بلير عن قراره لكنه رفضها. واستناداً الى الكتاب وعنوانه "حروب بلير" للصحافي السياسي جون كامفنر، ارسل سترو الى رئيس الوزراء مذكرة قبل بضعة أيام من اندلاع الحرب في آذار مارس الماضي يحثه فيها على ان يعلم الرئيس الاميركي جورج بوش بأن بريطانيا ستقدم له دعماً معنوياً وسياسياً وليس عسكرياً، ورفض بلير هذه النصيحة مشدداً على "انه لن يتراجع" وطلب من سترو ان يؤكد له انه سيدعم الحرب على رغم تحفظاته، داعياً اياه الى التزام الصمت. وفي كتابه الذي يصدر في 22 ايلول سبتمبر الجاري، كشف كامفنر ان رئيس الوزراء نفسه كانت لديه شكوك حول تقارير اجهزة الاستخبارات بشأن اسلحة الدمار الشامل العراقية التي استند اليها لتبرير الحرب، كما حصل على دليل على ان قدرة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين على انتاج اسلحة كيماوية وبيولوجية كانت تتراجع. ويضيف ان سترو حاول في مذكرة شخصية ارسلها الى مكتب بلير بعد قمة الازور البرتغالية وقبل اندلاع الحرب بأربعة ايام، اقناعه بأن خوض الحرب من دون قرار من الاممالمتحدة سيضر ببريطانيا وسيؤدي الى زيادة تهديدات الجماعات الارهابية. واقترح عليه ان يعرض على الاميركيين نشر قوات بريطانية بعد انتهاء النزاع بهدف حفظ السلام واعادة اعمار العراق، الا ان هذا الاقتراح أتى متأخراً جداً لأن قرار الحرب كان قد اتخذ. وكشف الكتاب ايضاً ان بلير قرر الدخول في الحرب في ربيع 2200 وليس قبيل العمليات العسكرية، كما أخفى قراره عن بقية اعضاء حكومته حسب كامفنر. وجاء نشر هذه المعلومات في الوقت الذي يواجه فيه بلير تقويضاً لمصداقيته وزعامته اثر أزمة انتحار العالم ديفيد كيلي الذي كان مصدر تقرير هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي الذي اتهم الحكومة بالمبالغة بشأن اسلحة الدمار الشامل العراقية. وامتنعت اجهزة رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية عن الادلاء بأي تعليق حول المعلومات التي وردت في الكتاب، الا ان وزير الشؤون البرلمانية بيتر هين قال امس في حديث مع شبكة "سكاي نيوز" التلفزيونية ان كل اعضاء الحكومة بمن فيهم سترو أيدوا موقف بلير بالنسبة للمشاركة في الحرب باستثناء وزير الخارجية السابق روبين كوك ووزيرة التنمية الدولية كلير شورت اللذين استقالا احتجاجاً على الحرب. وقال هين انه لا يعرف شيئاً عن موضوع المذكرة الشخصية من سترو الى بلير، رافضاً التعليق عليها. على صعيد آخر قررت الولاياتالمتحدةوبريطانيا تأجيل نشر التقرير الكامل عن اسلحة الدمار الشامل العراقية الى أجل غير مسمى في الوقت الذي لم يجد المفتشون بعد أدلة على وجودها كما ذكرت امس صحيفة "صنداي تايمز"، التي قالت ان عمليات التفتيش التي اجراها خلال الاشهر الاربعة الماضية، فريق "ايراك سيرفاي غروب" الاميركي - البريطاني المكون من 1400 عالم وخبير عسكري ورجال استخبارات، لم توفر اي دليل على وجود اسلحة كيماوية او بيولوجية في العراق.