أكد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو امس ان الزعم بأن النظام العراقي السابق كان قادراً على شن هجوم بالاسلحة الكيماوية والبيولوجية خلال 45 دقيقة، اضيف الى ملف الحكومة البريطانية حول اسلحة الدمار الشامل العراقية قبل نشره في 24 ايلول سبتمبر الماضي. لكن سترو قال ان ذلك لم يكن سببه ان حكومة توني بلير طلبت من اللجنة المشتركة لشؤون الاستخبارت ان تضخّم خطر هذه الاسلحة، بل لان المعلومات عن ال45 دقيقة كانت بلغتها وخضعت للتحليل قبل صدور الملف الذي صار محوراً في ما يعرف بفضيحة "عراق غيت". وتحلل هذه اللجنة معلومات الاستخبارات، وتضم رؤساء الاجهزة الامنية والاستخباراتية، وهي مسؤولة امام بلير. وقال سترو في جلسة استماع ثانية عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البرلمان امس، ان تلك النقطة اضيفت الى المسودة الاولى للملف بعدما علم بها. وكان اليستر كامبل احد ابرز معاوني بلير في مجال الاعلام، ابلغ اللجنة الاربعاء الماضي ان مسألة ال45 دقيقة اضيفت الى الملف الذي صدر في ايلول الماضي. لكن اعضاء اللجنة البرلمانية استمعوا امس الى ما يفيد ان وثائق توضح تفصيلياً معلومات الاستخبارات عن اسلحة الدمار الشامل العراقية كانت وزعت على الوزراء في وقت مبكر جداً، يعود الى آذار مارس الماضي. وذكر سترو ان كامبل مدير الاتصالات لدى رئاسة الوزراء سيوضح في مذكرة الى اللجنة البرلمانية كانت متوقعة امس، ان موضوع ال45 دقيقة اضيف الى الملف الاول الذي اعدته اللجنة المشتركة للاستخبارات. ورفض سترو طلباً بمثول رئيس هذه اللجنة امام اللجنة البرلمانية وكذلك تقديم المسودات التي اعدتها لجنة الاستخبارات كشهادة حتى يمكن اعضاء اللجنة البرلمانية ان يحكموا بانفسهم على مدى التغييرات التي ادخلت على الملف. وكان رئيس اللجنة الاخيرة النائب العمالي دونالد اندرسون اقترح ان يمثل امامها رئيس لجنة الاستخبارات المشتركة. لكن سترو اتهم اللجنة بأنها تريد التورط في "حرب على الاختصاصات" مع اللجنة البرلمانية الثانية التي تحقق في اسلحة الدمار الشامل العراقية، وهي لجنة الامن والاستخبارات في مجلس العموم. ورد اندرسون قائلاً: "انك تستخدم نقاط الاختصاصات لمنع اللجنة من الحصول على ادلة حاسمة، بما في ذلك ما يمكن الحصول عليه من رئيس اللجنة المشتركة". وأصر اندرسون على انه يحتفظ بحقه في استجواب رئيس اللجنة جون سكارليت. وشهدت الأزمة بين البرلمان والحكومة البريطانية تجاذباً حول تقرير كشفته "هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي يفيد ان المعلومات الواردة في ملف ايلول تعرضت للتضخيم من المكتب الصحافي لرئاسة الوزراء. واصر سترو في شهادته على انه سيقرأ في جلسة سرية امام اللجنة البرلمانية مقتطفات من تقويم اللجنة المشتركة للاستخبارات لاسلحة الدمار الشامل العراقية كي يمكن مقارنة ما جاء فيه بالملف في شكله النهائي لدى اصداره في ايلول الماضي. واتهم وزير الخارجية دونالد اندرسون بمحاولة توريط الحكومة بحرب على الاختصاصات مع لجنة الامن والاستخبارات في البرلمان البريطاني، وهي تحقق ايضاً في ملف الاسلحة العراقية والملابسات التي سبقت الحرب على العراق. ويعين رئيس الوزراء اعضاء هذه اللجنة وتقدم تقاريرها اليه وحده. ورفضت "هيئة الاذاعة البريطانية" ان ترد في الموعد المحدد الذي فرضه كامبل عليها اول من امس والذي كان من المطلوب ان تجيب فيه عن سلسلة من الاستفسارات حول تقريرها الخاص بالملف الاول الذي اصدرته حكومة بلير عن الاسلحة العراقية. ويصر كامبل على ضرورة اعتذار ال"بي بي سي" ومدير الاخبار فيها ريتشارد سامبروك. لكن الاخير اكد انه مرتاح الى المعلومات التي جاءت من "مصدر رفيع المستوى يمكن الوثوق به" في اجهزة الاستخبارات. وشكت ال"بي بي سي" من ان حكومة بلير تمارس ضغوطاً شديدة عليها، فيما اعتبر وزير الخارجية السابق روبن كوك ان الازمة مع "بي بي سي" قد تتحول الى محاولة لصرف الاهتمام عن اسئلة رئيسية متعلقة بالاسلحة العراقية. وكان كوك استقال احتجاجاً على الحرب على العراق، وطريقة معالجة ملف هذه الاسلحة. وقال ان "المسألة الحقيقية هي هل أبلغنا اموراً كمبرر للحرب ثبت لاحقاً انها خطأ".