أثارت دعوة شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي الى حصر دور الأزهر داخل مصر وعدم الخوض في أمور تخص بلداناً أخرى ردود فعل قوية أمس. وإذا كان طنطاوي سعى الى احتواء الضجة التي أحدثتها الفتوى التي أصدرها عضو لجنة الفتوى التابعة للأزهر الشيخ النبوي محمد العش، وحرم فيها الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي في العراق أو التعامل معه، مؤكداً أنها لا تمثل رأي الأزهر، فإن ما اعتبره حلاً أدى بدوره الى مشكلة. وشهدت ساحة الأزهر أمس تظاهرات عبر المشاركون فيها عن دعمهم المقاومة العراقية ورفضهم التعامل مع مجلس الحكم الانتقالي، فيما غاب طنطاوي عن خطبة الجمعة في الأزهر اذ كان في محافظة مرسى مطروح، شمال غربي مصر، وأمّ المصلين هناك والقى خطبة خلت من اي اشارات سياسية. غير أن القوى السياسية بدت وكأنها حرصت على أن تتبرأ من موقف طنطاوي، فجماعة "الاخوان المسلمين" برزت على الساحة عبر بيان اصدره مرشدها العام المستشار مأمون الهضيبي لم يشر من قريب أو بعيد الى طنطاوي او الأزهر لكنه تضمن مفردات وعبارات تخالف تماماً موقف شيخ الأزهر. فقد دعا الهضيبي إلى "إتباع طريق الجهاد لتحقيق النصر على الأعداء"، مشيراً إلى أن جماعة "الإخوان" ظلت على قناعة منذ تأسيسها بأن "الكيان الصهيوني لن يهزم إلا بالجهاد"، منتقداً "دعاوى السلام الزائف"، و"الوعود الكاذبة". وشن الهضيبي في رسالة وجهها إلى المسلمين، حصلت "الحياة" على صورة منها، هجوماً حاداً ضد الولاياتالمتحدة، مؤكداً أن "الحل ليس بيد أميركا". واضاف: "إن واجب الأمة اليوم حكاماً وشعوباً هو دعم إخواننا وأهلينا في فلسطين، وهو واجب ديني وفرض عين على كل مسلم ما دامت أرضه قد استبيحت، وإننا نطالب حكام المسلمين في ذلك الوقت العصيب أن يقوموا بدورهم ويضطلعوا بمسؤولياتهم أمام الله ثم أمام شعوبهم...". ودخلت الاتحادات المهنية على خط الأزمة، إذ نظم اتحاد الاطباء العرب مساء اول من امس مؤتمراً جماهيرياً حاشداً ضم الآلاف بحضور الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي. والقى الدكتور عبدالمنعم ابو الفتوح الامين العام المساعد للاتحاد كلمة اكد فيها "ان الامة العربية والاسلامية تعيش حرباً عليها من كل الجهات وفتناً تتوالى من بلد لبلد"، واوضح ان الحرب الدائرة في فلسطين الآن والعراق "هي حرب على العقيدة والقرآن وضد الخطاب الديني والعمل الاغاثي والخيري الذي يريدون منعه بعد نجاح كل ذلك في كبح جماح العمل التبشيري". ثم القى مؤسس حركة "المقاومة الاسلامية" حماس الشيخ احمد ياسين كلمة عبر الهاتف أشاد فيها بموقف مصر من القضية الفلسطينية، موضحاً ان شعب مصر هو الذي قاد المعارك لتحرير فلسطين منذ بداية التاريخ. كما أكد الشيخ ياسين ان فلسطين ستظل صامدة ولن تلين المقاومة الفلسطينية حتى يتحقق النصر ويتم تحرير كل شبر من ارض فلسطين. واستنكر القرضاوي في كلمته تقاعس الدول العربية والاسلامية عن نصرة فلسطين، داعياً دول الطوق الى فتح الحدود امام المجاهدين لينضموا الى المقاومة. واستنكر اغلاق الحدود والاقتصار على حل القضية بالسلم، موضحاً ان التاريخ يؤكد ان الاوطان التي اغتصبت بالقوة لم يتم استردادها الا بالقوة لا بالمفاوضات. واشار القرضاوي الى ان شارون وعصابته وبوش وادارته يريدون ان تقوم حرب اهلية فلسطينية ويتم تجريد المقاومة من سلاحها من خلال نزع اسلحة فصائل المقاومة، مشيراً الى ان جميع الفصائل على وعي بخطورة تسليم سلاحها والوقوع في مصيدة الحرب الاهلية والاحتراب الداخلي. وانتقد القرضاوي "خريطة الطريق" واصفا اياها بأنها مشروع لشق الصف الفلسطيني، واكد ان الدفاع عن فلسطين واجب شرعي وفريضة على كل مسلم، واكد على ان من يستطيع التسلل الى فلسطين فليفعل ومن لا يستطيع فعليه الجهاد بماله. واوضح القرضاوي ان الاميركيين بالمرصاد لأي اموال تصل للفلسطينيين، واشار الى المشروع الذي يشرف عليه وهو مشروع ائتلاف الخير الذي يساعد الاسر الفلسطينية كاشفاً انه يتعرض لضغوط كبيرة لوقف هذا المشروع. ودعا القرضاوي الى الاستمرار في المقاطعة للبضائع الاميركية والصهيونية وايضاً البريطانية.