عاد وفد مجلس الحكم الانتقالي الى بغداد في ختام جولة شملت عدداً من الدول العربية معرباً عن ارتياحه الى المحادثات التي أجراها. وقالت مصادر مطلعة في أبوظبي ل"الحياة" ان رئيس دولة الامارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان شكر رئيس الوفد ابراهيم الجعفري ل"جهوده المخلصة من أجل تحقيق الاستقرار في العراق الشقيق". وأكد المصدر ان الامارات "تؤيد عودة العراق الى المشاركة في اجتماعات جامعة الدول العربية ممثلاً بمجلس الحكم". وفي تحرك مضاد للمجلس استقبل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى رئيس "لجنة الدفاع عن الشعب العراقي" مزهر الدليمي الذي أعرب عن "رفض القوى الوطنية والقومية للمجلس الذي عينته الولاياتالمتحدة". وقال الدليمي ان موسى أكد له ان "لا مقومات قانونية لشغل مقعد العراق في الجامعة". لكن السفير العماني في القاهرة عبدالعزيز الهنائي قال بعدما سلم رسالة لموسى من وزير الخارجية يوسف بن علوي ان عُمان تدعم تمثيل المجلس في الجامعة العربية. علمت "الحياة" ان الشيخ زايد شكر الجعفري وأعضاء المجلس على ما يقومون به من "جهود مخلصة وجادة من أجل تحقيق الاستقرار والأمن في العراق الشقيق وتمنى لهم النجاح والتوفيق"، وأكد "دعم الامارات حكومة وشعباً وتأييدها التام لكل ما يسعى المجلس الى انجازه من مخططات ومشاريع لخير العراق ومصلحة شعبه". ونوه بالجولة التي قام بها وفد مجلس الحكم على عدد من الدول العربية، و"التي أظهرت حرص المجلس على توثيق علاقاته بالدول العربية". وأكد ان دولة الامارات "تؤيد عودة العراق الى المشاركة في اجتماعات جامعة الدول العربية ممثلاً بمجلس الحكم". وكان وفد المجلس عاد الى بغداد في ختام جولة شملت عدداً من الدول العربية معرباً عن ارتياحه الى نتائج المحادثات التي اجراها. ونقل التلفزيون العراقي عن رئيس المجلس ابراهيم الجعفري قوله "انني اشعر بسعادة غامرة بعد جولتنا العربية التي شملت سبع دول وجامعة الدول العربية، لأنني وجدت ان قيادات هذه الدول على أعلى المستويات تتفهم حقيقة ما يجري في العراق وتنظر بشكل متفائل وتحرص على ان يحتل العراق موقعاً متقدماً ويزخر بالأمن والازدهار الاقتصادي". واضاف ان "الترحاب كان منقطع النظير". وأكد عضو المجلس عدنان الباجه جي ان "الرحلة كانت موفقة وممتازة حيث اوضحنا للمسؤولين ما يجري في العراق وما يقوم به مجلس الحكم وما نأمل بأن نحققه، خصوصاً في ما يتعلق باستعادة العراق سيادته وحقه في التمثيل في جميع المحافل الدولية، خصوصاً في جامعة الدول العربية والامم المتحدة". واضاف ان "الوفد وجد تعاطفاً كبيراً ودعماً وتفهماً في هذا الامر من المسؤولين في جميع الدول العربية التي قمنا بزيارتها". وشملت جولة وفد المجلس بالاضافة الى الجامعة العربية، سبع دول عربية هي: الامارات وسلطنة عمان والبحرين والكويت ومصر والمملكة العربية السعودية والاردن. وكان من المفترض ان يزور اليمن ايضاً لكن الزيارة ارجئت. وفي تحرك عراقي مضاد للمجلس الانتقالي التقى الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى رئيس "لجنة الدفاع عن الشعب العراقي" مزهر الدليمي الذي قال إنه أطلع موسى على الأوضاع الداخلية في العراق و"تشاورنا معه وأعربنا عن رفض وامتعاض القوى الداخلية في العراق لمجلس الحكم فهناك قوى وطنية وقومية ضد المجلس المعين من الولاياتالمتحدة". ورداً على سؤال عن مطالبه من الجامعة، قال: "لا نطلب من الجامعة شيئاً، نحن نتشاور مع الجامعة". وأكد ان موسى كان واضحاً وصريحاً وانه يرى ان "لا مسوغات قانونية لإشغال مقعد العراق في الجامعة لأنه يجب أن يكون هناك دولة، والدولة غير موجودة ومحتلة ويجب أن تكون هناك حكومة شرعية وهي غير موجودة الآن". وأضاف: "إذا كانت بعض الدول أيدت المجلس فنحن ليس لدينا سلطة عليها، لكن التأييد يعتبر كارثة للعراقيين"، وطالب بطيّ صفحة الماضي. وزاد ان اللجنة "تطالب بالتعويض عما تقوم به أميركا سواء في الجنوب أو الشمال ومن يقتل أو يهدم بيته"، وأكد أن القوات الاميركية "قوات احتلال وليست قوات تحرير بل قوات تدمير وتمزيق". وعن محاولات تقسيم العراق الى ولايات، قال: "نرفض التقسيم جملة وتفصيلا وسنقاتل بما نملك بأيدينا وباللسان وبالعقل وبالبندقية من اجل الحفاظ على وحدة العراق". وتابع ان "بقاء مقعد العراق شاغراً في الجامعة افضل من شغله بمجلس اميركي هو المجلس الانتقالي لحين تشكيل حكومة عراقية منتخبة". وتلقى موسى رسالة من وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبدالله تتعلق باجتماعات المجلس الوزاري المقبل لوزراء الخارجية العرب في 9 و10 ايلول سبتمبر المقبل للبحث في الأوضاع الراهنة في العراق وفلسطين. ونقل الرسالة عبدالعزيز الهنائي سفير سلطنة عمان في القاهرة خلال لقائه السيد موسى. وصرح السفير العماني عقب اللقاء أن بلاده "تدعم التوجه العربي العام في كل القضايا الراهنة وفي مقدمها الاوضاع في العراق وفلسطين". وقال إن هناك "اجماعاً لدى الدول العربية على ضرورة ان يكون الشعب العراقي حراً وسيداً وقادراً على تقرير مصيره بنفسه" معتبراً أن "تشكيل مجلس الحكم الانتقالي في العراق يمثل الشريحة الأوسع من الشعب العراقي ويجب دعمه ومساندته واحتضانه من الدول العربية". وأشار إلى أن بلاده رحبت بتشكيل المجلس والاعتراف به باعتباره "يمثل شريحة واسعة من الشعب العراقي ورموزه وقياداته ذات مكانة سياسية ودينية". وعن تأييد بلاده لتمثيل المجلس في الجامعة العربية قال السفير العماني: "لا نعلم أن الجامعة العربية رفضت تمثيل العراق وحضور الاجتماعات، وعضوية العراق مستمرة وقائمة"، مشيراً الى ضرورة تمثيل العراق في كل المحافل الدولية باعتباره بلداً حراً "ويجب ان يبقى ليدافع عن حريته وسيادته وان يكون له حضوره ومشاركته العربية". وحول لقائه الأمين العام للجامعة العربية قال إنه لمس "دراية كاملة لدى الأمين العام واستطاع ان يرتب بحنكة سياسية المسائل التي ستتم مناقشتها خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الشهر المقبل وفي مقدمها الأوضاع في العراق وفلسطين". الى ذلك أكد الأردن أمس أنه سيستمر في التعامل مع مجلس الحكم الانتقالي في العراق ودعمه سياسياً، على رغم السجال الإعلامي العنيف الذي شهدته الشهور الماضية بين عمان ورئيس "المؤتمر الوطني العراقي" أحمد الجلبي الذي سيتولى الاثنين المقبل الرئاسة الدورية للمجلس. وصرح وزير الإعلام الأردني نبيل الشريف ل"الحياة" بأن عمان "تتعامل مع تركيبة حكم في بغداد تملأ فراغاً سياسياً وتعبر عن الأطياف السياسية العراقية، من منطلق دعمها شعب هذا البلد وحرصها على أن ينعم بالأمن والاستقرار، في ظل حكومة شرعية مقبلة" مؤكدا أن رئاسة الجلبي للمجلس "لن تؤثر في علاقاتنا مع العراق الشقيق، لأننا نتعامل مع دولة وشعب، وليس مع أشخاص". وتصاعدت في الأسبوعين الماضيين حدة التراشق الإعلامي بين عمان والجلبي، بعدما نددت صحيفة "المؤتمر" الناطقة باسمه في بغداد بشدة بالحملة النيابية الأردنية التي تطالب بتسليمه واعادة محاكمته في قضية فساد مالي دين بها عام 1990، واتهمت "الاستخبارات الأردنية بتلفيق القضية للتغطية على السرقة المنظمة لأموال الشعب العراقي وممتلكاته" ما اعتبره الأردن الرسمي والنيابي "مهاترات ومحاولة لتزوير الحقائق الثابتة من قبل لص فار من وجه العدالة". وذكر الشريف أن رئاسة الجلبي الدورية "لن تحول دون دعم الأردن حضور وفد من مجلس الحكم الانتقالي اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة الشهر المقبل"، وزاد ان عمان "تتفهم أيضاً مطالبة المجلس بمقعد العراق في الجامعة العربية، وستوافق على أي قرار عربي في هذا الخصوص". الى ذلك، اتهم مسؤول أردني بارز الجلبي ب"محاولة توتير الأجواء بين المملكة ومجلس الحكم الموقت". وقال ل"الحياة" ان "الأردن لم يناصبه العداء بصفته السياسية، ولم يبادر الى افتعال أي أزمة معه، فيما كان يهاجمنا من دون وجه حق، ويطلق اتهامات لا تستقيم الى الحقيقة" وأكد أن الجلبي "يستطيع في أي وقت شاء أن يواجه الاتهامات القضائية الموجهة اليه في قضية بنك البتراء أمام قضائنا المشهود له بالنزاهة العالية". ويتهم القضاء الأردني الجلبي باختلاس نحو 300 مليون دولار من بنك البتراء، عندما كان رئيس مجلس إدارته عام 1990، وطالب نواب أردنيون الشرطة الدولية الانتربول بتسليم الجلبي لإعادة محاكمته، ووقعوا مذكرة تدعو الى عقد جلسة خاصة للبرلمان لمعاودة فتح ملف البنك الذي لا يزال تحت التصفية . وتطرقت محادثات رئيس المجلس الانتقالي إبراهيم الجعفري في عمان الاثنين الماضي الى قضية الجلبي، واعتبر أن "لهذه المسألة خصوصيتين شخصية وسياسية، ونحن نفرق بينهما، لجهة أن قضية الجلبي في الأردن قضائية، وهي ضمن هذا المسار، ومن حقه أن يدافع عن نفسه، فيما نتعامل معه في مجلس الحكم على أساس كفاءته السياسية".