عكس الاهتمام الذي حظيت به زيارة وفد مجلس الحكم الانتقالي العراقي للقاهرة رغبة في تجاوز الخلاف بين الطرفين، اذ استقبل رئيس الحكومة المصرية الدكتور عاطف عبيد وفد المجلس برئاسة رئيسه ابراهيم الجعفري، والذي التقى أيضاً وزير الخارجية المصري احمد ماهر والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. واعلن الجعفري ان محادثات الوفد مع وزير الخارجية والامين العام تشكل "اعترافاً صريحاً" بالمجلس من الدول العربية، وذكر ان مندوباً عراقياً سيحضر اجتماع وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة في القاهرة في أيلول سبتمبر المقبل. وأعلن ماهر عقب لقائه الوفد أن موقف بلاده من المسألة العراقية لم يتغير، مشيراً الى ان "تشكيل مجلس الحكم مجرد خطوة على طريق يجب ان يمتد حتى تشكيل حكومة عراقية تمثل الشعب العراقي". لكنه أضاف: "يجب ان تترك الأمور لتسير في صورة طبيعية حتى تتأكد استقلالية المجلس وتشكيل حكومة". وحين سئل ماهر عن مسألة الاعتراف بالمجلس، أجاب: "الاعتراف ليس الموضوع المطروح الآن، بل المطروح ان مصر تساند كل جهد لتأكيد سيادة الشعب العراقي واهمية اضطلاع الاممالمتحدة بدور أكبر". ورداً على سؤال عن سعي شخصيات الوفد العراقي الى الحصول على موافقة عربية لشغل المجلس الانتقالي مقعد العراق في الجامعة قال ماهر: "إذا كان الموضوع سيطرح على اجتماعات مجلس الجامعة في ايلول، فإن لكل مقام مقال". وأضاف ان العراقيين "يعتبرون الدور المصري محورياً". أما الجعفري فشدد على حرص المجلس على "التحرك في الفضاء العربي" واشار الى أن الوفد "أجاب عن بعض الاستفسارات لدى الجانب المصري ما أدى الى زيادة التفاعل الايجابي". وأعرب الجعفري عن اعتقاده بأن الاعتراف بمجلس الحكم اصبح "مسألة مسلماً بها". وقال: "إن معنى توجيه دعوة الى الوفد لزيارة هذه الدول العربية وعلى مستوى معين، واستقباله والتعامل معه هو بمثابة اعتراف صريح اكثر منه ضمنياً بلغة القانون"، واضاف: "لم نأت بصفة شخصية ولم نأت للسياحة بل جئنا لعمل سياسي معين فعبرنا عما نريد وتلقينا وجهات نظر الدول العربية واحترمناها". وعما إذا كان المجلس يعتزم شغل مقعد العراق في اجتماعات مجلس الجامعة على مستوى الوزراء الشهر المقبل، قال الجعفري: "إن الحكومة التي سيتم تشكيلها قريباً سيكون من ضمن اعضائها وزير الخارجية الذي سيأتي ويشغل مقعد العراق، ونتطلع الى تمثيل ديبلوماسي بأسرع ما يمكن لدى الدول العربية، والعديد من الدول العربية وبينها مصر أبدت حرصاً متبادلاً في هذا الخصوص". وطالب الجعفري الدول العربية بدعم العراق لتحسين وضعه سياسياً واعلامياً واقتصادياً. وعقب لقائه موسى، قال الجعفري: "طرحنا على الأمين العام مبدأ المشاركة في اجتماعات المجلس، ونتطلع الى ان يمثل العراق المجلس الانتقالي لان العراق ليس عقيماً كي يعجز عن تمثيل نفسه في مجلس الجامعة، وموسى وعد بطرح هذه الرغبة على الوزراء". واكد موسى عدم اعتراف الجامعة بالمجلس، وقال: "اننا نتعامل معه بصفته أمراً واقعاً وليس اعترافاً قانونياً، فالاعتراف يكون بدولة أو حكومة، ونحن نتعامل مع اعضاء المجلس ولا نعترض على تشكيله". "حوار مطلوب" ومع وصول وفد مجلس الحكم الانتقالي برئاسة الجعفري الى عمان امس، اعتبر الأردن ان قضية رئيس "المؤتمر الوطني العراقي" أحمد الجلبي المحكوم في قضية فساد مالي في المملكة عام 1992 "لا تشكل أكثر من جزئية" في العلاقات "التاريخية والراسخة بين شعبي البلدين". في الوقت ذاته، تسملت رئاسة البرلمان الأردني مذكرة وقعها عشرات من النواب تطالب ب"عقد جلسة خاصة لمناقشة ملف بنك البتراء" الذي دين الجلبي باختلاس 300 مليون دولار من مدخراته، عندما كان رئيساً لمجلس ادارته عام 1990. وصرح وزير الاعلام الأردني نبيل الشريف الى "الحياة" بأن وفد مجلس الحكم سيلتقي اليوم رئيس الوزراء علي أبو الراغب ومسؤولين آخرين "للبحث في آخر التطورات المتعلقة بالعراق". وقال ان "الأردن الحريص على تأكيد دعمه للشعب العراقي وخياراته يعتبر ان وجود مجلس الحكم خطوة ايجابية ومهمة في طريق تشكيل حكومة عراقية منتخبة، وان الحوار معه مطلوب في هذه المرحلة من اجل مستقبل العراق السياسي ومصلحة شعبه". واكد ان "قضية الجلبي بالنسبة الى الأردن جزئية لا تقدم ولا تؤخر في العلاقات الوطيدة والتاريخية بين الشعبين الشقيقين". وزاد: "موقفنا منها واضح ومعروف". وترى عمان ان قضية الجلبي "قضائية وليست سياسية". وعلمت "الحياة" من مسؤول في القصر الملكي ان الملك عبدالله الثاني لن يلتقي الوفد الذي سيغادر عمان الى اليمن. ومعروف ان الأردن اكد مرات انه "سيتعامل" مع مجلس الحكم الانتقالي من دون "الاعتراف" به. الى ذلك، قال ل"الحياة" النائب الأردني المستقل محمود الخرابشة، الذي يقود منذ اسبوعين حملة نيابية لمعاودة فتح ملف "بنك البتراء" ان المذكرة التي وقعها عشرات من النواب سلمت امس الى رئيس مجلس النواب سعد السرور، وبموجب النظام الداخلي على البرلمان ان يناقشها في غضون 14 يوماً. وتابع انها "تتضمن دعوة الحكومة الى الطلب من الشرطة الدولية الانتربول تسليم الجلبي لاعادة محاكمته في تهم الاختلاس وسوء الائتمان" التي أدت الى انهيار البنك وإلحاق خسائر فادحة بالاقتصاد الأردني، مشيراً الى ان "الحكومة لم تمارس اي ضغط على النواب لسحب تواقعيهم على المذكرة". الى ذلك أ ف ب قال وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي أمس ان زيارة وفد مجلس الحكم الانتقالي لليمن "تأجلت يومين نتيجة لقاءاته في القاهرة". وكان مصدر رسمي يمني اعلن أن الوفد سيصل الى اليمن اليوم في إطار جولته العربية. ورداً على سؤال هل يعني استقبال اليمن وفد المجلس الاعتراف به كممثل للعراق، قال الوزير: "لم يطلب منا احد الاعتراف به. وانما هدف هذه الزيارة الاستماع الى الاخوة العراقيين". وجدد مطالبة الاممالمتحدة بالاضطلاع بدورها في مساعدة الشعب العراقي لاختيار حكومته "لتكون ممثله الشرعي بطريقة ديموقراطية وبسرعة انهاء الاحتلال وخروج الاميركيين والبريطانيين من العراق".