وضع اندرو غيليغان المراسل العسكري ل"هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي النقاط على الحروف، حين أدلى أمام لجنة التحقيق المكلفة النظر في ظروف انتحار خبير الأسلحة البريطاني ديفيد كيلي، بشهادة أكد فيها أن مقر رئاسة الوزراء البريطانية، تحديداً مستشار توني بلير الاعلامي ألستير كامبل، كان وراء طلب تعديل بعض الفقرات في التقرير المعد عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، لتبدو أكثر إثارة. وواجه غيليغان استجواباً في شأن لقاءاته مع كيلي الذي انتحر بعد كشف الحكومة انه المصدر الرئيسي لمعلومات اذاعتها "بي بي سي" تتهم حكومة بلير بالتلاعب بالتقرير الخاص بأسلحة العراق، لتبرير قرار شن الحرب. وقال رداً على اسئلة لمحامي الدفاع جيمس دنغمنز ان كيلي أبلغه في الثاني والعشرين من أيار مايو الماضي، في فندق "تشيرنغ كروس" وسط لندن ان الحكومة هي التي أضافت جملة تؤكد ان العراق قادر على استخدام سلاح كيماوي وبيولوجي في غضون 45 دقيقة. واعتمد غيليغان على ملاحظات دوّنها، نقل فيها عن كيلي ان "كامبل أضاف المعلومة خلافاً لرغباتنا". وسأل رئيس لجنة التحقيق اللورد هاتون الصحافي غيليغان عما إذا وضع السؤال "من أجل جعلها أكثر إثارة"، فأجاب: "نعم، كيلي قال نعم لجعلها أكثر إثارة". في اشارة الى طلب كامبل. وأقر غيليغان بأنه التقى كيلي ثلاث مرات، أولاها مطلع عام 2001 والثانية في 11 نيسان ابريل 2002، وأشار الى انه بعد لقائه الأخير حاول تأكيد معلومات من مصدرين آخرين في الحكومة، لكن "أياً منهما لم يؤكد هذه المعلومات ودعياه الى مواصلة التدقيق في هذا الاطار"، الأمر الذي يعني انه لم يتلق تأييداً وان كان الجواب لا يعني النفي. وتنفي حكومة بلير ومستشارها ألستير كامبل ان يكونا طلبا في شكل أو آخر اضافة معلومات، على رغم ان سوزان وات، وهي مراسلة أخرى ل"بي بي سي" تنوي عرض تسجيلات لمكالمات مع كيلي في مناسبات أخرى، تدعم أقوال زميلها. ونقل غيليغان عن كيلي وصفه لبرنامج العراق التسليحي بأنه "صغير" لن يؤدي في أي حال الى قتل أعداد كبيرة من الناس. واطلعت لجنة هاتون أمس على مراسلات داخلية ل"بي بي سي" بينها بريد الكتروني لرئيس تحرير برنامج "اليوم" كيفن مارش، يقول فيه عن تقرير غيليغان انه تحقيق صحافي جيد، لكنه يتضمن لغة فضفاضة. وتوضح مراسلة أخرى ان مجلس الأمناء في "هيئة الاذاعة البريطانية" اعترف بأن غيليغان لم يستخدم لغة دقيقة في تقاريره. ومع أن زميلته سوزان وات تنوي دعم موقف "بي بي سي" بشهادات أمام اللجنة، من خلال عرض تسجيلات لمحادثات أجرتها مع كيلي، ستكون صدقية الهيئة مجدداً على المحك، خصوصاً أن كامبل وبلير يصران على أنهما لم يطلبا أي تعديل على تقرير العراق، الأمر الذي لا يترك أمام "بي بي سي" سوى دعم أقوالها بأدلة جديدة، وان كان ذلك لا يلغي القول ان رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع ستدفعان ثمناً ما في قضية كيلي. الى ذلك، قال غيليغان ان الملف الحكومي الثاني حول العراق والذي نشر في شباط فبراير 2003 ونقل قسم كبير منه عن دراسة طالب اميركي، يبرر الشكوك التي أحاطت بملف أسلحة الدمار الشامل المنشور في أيلول سبتمبر 2002. وزاد: "اذا كانت الحكومة نقلت الملف في شباط يمكن أن تكون فعلت ذلك في ملف أيلول، وكل ذلك لا يشكل اثباتات دامغة على كلام كيلي، لكنه يعطي أقواله مزيداً من الصدقية".