تعقد الإدارة العليا ل"هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي اجتماعاً استثنائياً اليوم عشية اصدار لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البرلمان البريطاني تقريرها عن أسلحة الدمار الشامل العراقية. وأكدت الهيئة أن مجلس محافظيها سيناقش اليوم الهجوم الذي يشنه مدير الاتصالات والصحافة في مقر رئاسة الوزراء البريطانية الستير كامبل على "بي بي سي" بسبب التقرير الذي أذاعته أخيراً، واعتبر أن حكومة توني بلير بالغت في تقويم حجم أسلحة الدمار الشامل العراقية لاقناع الرأي العام بضرورة شن الحرب على العراق. وقال ناطق باسم ال"بي بي سي" ان مجلس محافظيها، وهو أعلى هيئة في المؤسسة، سيوافق على اتخاذ موقف موحد، موضحاً أن الاجتماع يعقد لأن "مبادئ وسمعة" ال"بي بي سي" تتعرض للخطر والمساءلة. ويعقد الاجتماع في وقت تتردد تكهنات بأن تقرير لجنة الشؤون الخارجية سيؤيد كامبل بالنسبة إلى الأدلة التي قدمها تقرير "بي بي سي"، وذلك بالإقرار بخطأ "هيئة الإذاعة البريطانية". وكانت الهيئة على لسان مراسلها أندرو غيليغان نسبت إلى مصدر في الاستخبارات البريطانية، لم تسمه، ان حكومة بلير زعمت في تقريرها عن أسلحة الدمار الشامل الذي صدر في أيلول سبتمبر الماضي ان بإمكان العراق شن هجوم بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية في غضون 45 دقيقة. وقال المصدر إن الحكومة أبرزت هذا الزعم عمداً في الملف. وأفادت ال"بي بي سي" آنذاك أن أجهزة الاستخبارات البريطانية أعربت عن قلقها من مثل هذه المزاعم. ونفى أندرو غيليغان لدى ادلائه بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم الاتهامات القائلة إن هدفه من نشر هذه المزاعم كان الاساءة إلى الحكومة، وتوجيه الاتهامات إليها بأنها كذبت على الرأي العام. واتهم كامبل في شهادته أمام اللجنة "بي بي سي" بالكذب، لكن الهيئة أصرت على صحة تقريرها. وتبادل كامبل ومدير الأخبار في الهيئة رسائل غاضبة تمسك فيها كل طرف بموقفه، ووجه الاتهامات إلى الطرف الآخر. وعلم أن "بي بي سي" باشرت تحقيقاً داخلياً للتأكد مما إذا كان غيليغان أعطى وقتاً كافياً للحكومة للتعليق على تقريره قبل اصداره في 29 أيار مايو الماضي. ولم يُعرف هل يحضر غيليغان اجتماع الهيئة اليوم للادلاء بمعلوماته عن هذه الأزمة التي سيطرت على وسائل الإعلام المحلية منذ أكثر من أسبوعين، وطرحت علامات استفهام حول صدقية الحكومة البريطانية وكذلك "بي بي سي". وفي السياق ذاته، أفادت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية أمس ان مصدر المزاعم التي أثارت ضجة في تقرير المحطة الاخبارية هو خبير بريطاني عسكري يعمل الآن في العراق. ونسبت الصحيفة إلى مصدر عليم في ال"بي بي سي" قوله إن غيليغان كان كشف هوية هذا المصدر الاستخباراتي لرئيس إدارة الأخبار في الهيئة. ويرى مسؤولون في ال"بي بي سي" ان كشف اسم المصدر سيؤدي إلى تحويل مسار الجدل الدائر حول الأزمة، كما سيخرق العرف الصحافي. وأبلغ الصحافيون في "هيئة الإذاعة البريطانية" أن هذا المصدر المجهول يعمل الآن ضمن مجموعة تضم مئة من خبراء الاستخبارات وأسلحة الدمار الشامل في العراق، في إطار الجهود البريطانية والأميركية للبحث عن أسلحة الدمار الشامل. وأشارت الصحيفة إلى أن لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية ستوجه انتقادات إلى كامبل، أحد أبرز معاوني بلير، في شأن تعامله مع معلومات الاستخبارات، خصوصاً تلك التي اقتبسها من دراسة أكاديمية لطالب عراقي في جامعة كاليفورنيا عن أسلحة الدمار الشامل العراقية. ولم يذكر الملف الذي أصدرته الحكومة في شباط فبراير الماضي واستند إلى حد كبير على هذه المعلومات مصدر البحث. وكتبت "ذي تايمز" ان "بي بي سي" تستعد للإقرار بالهزيمة حول الزعم الخاص بال45 دقيقة، والاعتراف بأن حكومة بلير لم تكذب في هذا الشأن أو تتلاعب بالمعلومات. وتحاول رئاسة الحكومة تفادي الدخول في صدام مع أجهزة الاستخبارات البريطانية، خصوصاً أن كامبل يعتبر أن هيبة هذه الأجهزة تعرضت للأذى بسبب معلومات ال"بي بي سي" عن دورها في اصدار ملف أيلول.