شن بيتر ماندلسون الوزير البريطاني السابق القريب من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، هجوما عنيفا امس الاحد على هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي ودورها في الحرب الكلامية التي سبقت وفاة مفتش الاسلحة الدولية الخبير ديفيد كيلي انتحارا على يبدو. وفي الوقت الذي يواجه بلير اسوأ ازمة في تاريخه السياسي، هاجم ماندلسون في مقال نشرته صحيفة الاوبزرفر ما وصفه بهوس البي بي سي بمهاجمة مسؤول الاتصالات في مكتب بلير الستر كامبل مما قد يجعل منها كبش فداء ثان لانقاذ ماء وجه رئيس الوزراء وحكومته وقال ماندلسون ان هوس البي بي سي (بكامبل) هو الذي ادى اكثر من اي شيء آخر الى قطع العلاقات بين الحكومة وهذه الوسيلة الاعلامية الرسمية الرئيسية في بريطانيا مما قاد الى النتيجة التي رأيناها. وكانت اصابع الاتهام وجهت الى كيلي (59 عاما) بانه المصدر الاستخباراتي الذي ابلغ مراسل البي بي سي اندرو غيليغان في ايار/مايو الماضي ان الحكومة البريطانية تلاعبت في الملف الذي قدمته في ايلول/سبتمبر 2002 حول اسلحة الدمار الشامل العراقية من اجل تعزيز مبرراتها في المشاركة في الحرب على العراق الى جانب الولاياتالمتحدة. غير ان كيلي خبير الاسلحة الجرثومية في وزارة الدفاع البريطانية نفى امام اللجنة البرلمانية الثلاثاء ان يكون المصدر الرئيسي الذي استندت اليه البي بي سي في تقريرها. وبعد يومين اختفى من منزله وعثر على جثته الجمعة في غابة قرب منزله في اوكسفوردشاير في الوقت الذي كان بلير متوجها الى طوكيو بعد ان زار واشنطن حيث لقي استقبالا حارا في الكونغرس الاميركي. وكشفت الشرطة السبت ان كيلي قام على ما يبدو بقطع الشريان في احد معصميه. وافادت عائلة كيلي بانه تعرض لضغط لا يمكن احتماله في الاسابيع والايام التي سبقت التحقيق القاسي الذي تعرض له امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني يوم الثلاثاء. وكان تقرير البي بي سي اثار حربا كلامية مريرة بين الحكومة البريطانية والهيئة حيث اتهم كل منهما الاخر بالكذب. واقر ماندلسون الذي كان وزيرا لشؤون ايرلندا الشمالية، بان كامبل ليس ملاكا ويرتكب اخطاء لكنه اعتبر انه كان يتوجب على البي بي سي ان تعترف بحقيقة ان معلوماتها كانت خاطئة بدلا من تحويل خلاف قابل للحل الى معركة طاحنة حول كرامتها واستقلالها كهيئة بث. من جهته، قال رئيس لجنة الثقافة والاعلام والرياضة في مجلس العموم جيرالد كوفمان ان البي بي سي يجب ان تخضع لمراقبة مكتب الاتصالات الحكومي (اوفكوم)، معتبرا ان اكبر مؤسسة اعلامية بريطانية تصرفت بشكل مؤسف وهناك انعكاسات خطيرة على مستقبلها. ورأى ان طريقة تعامل البي بي سي مع الضجة حول الملف الذي نشرته الحكومة في ايلول/سبتمبر اظهر ان اعضاء مجلس حكامها لم يكونوا قادرين على اخضاع الهيئة للمحاسبة. وكانت البي بي سي رفضت بشدة كشف المصدر الذي استندت اليه في التقرير الذي بثته في ايار/مايو. من جهة اخرى كشفت صحيفة الصنداي تايمز امس الاحد ان كيلي بعث برسالة الكترونية الى صحافي اميركي قبل وقت قصير من وفاته تحدث فيها عن اشخاصا يعملون في الخفاء يحيكون الخدع. وفي رسالة الكترونية اخرى وجهها الى احد زملائه من العلماء قال كيلي انه سينتظر حتى نهاية الاسبوع لتقييم تأثيرات الشهادة التي ادلى بها امام اللجنة البرلمانية. ونقلت الصندي تايمز عن كيلي قوله في الرسالة آمل ان تمر (الشهادة) سريعا واعود الى بغداد واواصل عملي. وفي مقابلة اجراها مؤخرا مع الصحيفة الاسبوعية قال كيلي انه تعرض لضغوط لا تطاق من قبل وزارة الدفاع عندما كشفت الوزارة عن هويته. واضاف انه مصدوم، موضحا انهم قالوا لي ان هذا الامر برمته سيبقى سريا.