فشلت الجهود التركية حتى مساء أمس، في اطلاق عدد من العسكريين الاتراك، اعتقلتهم القوات الاميركية في السليمانية، قال وزير الخارجية التركي عبدالله غل ان العسكريين نقلوا الى بغداد حيث وضعوا قيد الحبس الاحتياطي. وكان مقررا ان يتصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان هاتفياً بنائب الرئيس الاميركي ديك تشيني في محاولة لايجاد مخرج لهذا الحادث الذي القى بظلال كثيفة على العلاقات المتوترة بين الحليفين. تسبب اقدام الاميركيين على توقيف اثني عشر جندياً تركياً في شمال العراق ازمة جديدة في العلاقات بين انقرة وواشنطن بعد مرور اربعة اشهر على التوتر بين الحليفين اثر رفض البرلمان التركي التعاون عسكرياً مع الولاياتالمتحدة في حربها على بغداد. وردت الحكومة التركية وهيئة الاركان والصحافة بغضب على هذه العملية الملفتة، وطالبت بالافراج فوراً عن العسكريين الاتراك الاحد عشر او الاثني عشر الذين اعتقلوا الجمعة في السليمانية. وتظاهر مواطنون اتراك ظهر أمس، امام سفارة الولاياتالمتحدة في انقرة احتجاجاً على اعتقال القوات الاميركية الجنود الاتراك ويلوحون بلافتات كتب عليها "افرجوا عن جنودنا" و"لتخرج اميركا" و"لن نصبح ابداً أُجراء لأميركا". وحاول المتظاهرون وعددهم نحو 250 شخصاً، اقتحام الحاجز الامني، لكن رجال الشرطة تمكنوا من تفريقهم. وجرت السبت، تظاهرات صغيرة امام السفارة الاميركية في انقرة وكذلك امام القنصليتين في اسطنبول وازمير. وبثت وكالة انباء الاناضول ان انصار القوميين واليسار المتطرف في تركيا تظاهروا أمس، قرب قنصلية الولاياتالمتحدة في اسطنبول احتجاجاً على اعتقال القوات الاميركية الجنود الاتراك. وتجمع نحو 100 شخص في ساحة "تقسيم" في الجزء الاوروبي من المدينة للتوجه الى القنصلية الاميركية، لكن الشرطة حالت دون ذلك باستخدامها الغاز المسيل للدموع، كما اوضحت الوكالة. واضافت ان مجموعة صغيرة من ناشطي حزب العمال غير ممثل في البرلمان تجمعت قرب القنصلية الاميركية قبل ان تتفرق من دون حوادث. أردوغان واعلن رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان انه كان مقرراً أن يجري مساء أمس، اتصالاً هاتفياً مع نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني في شأن قضية الجنود المحتجزين، وأنه يأمل بأن لا يزيد الحادث من توتر العلاقات بين الحليفين. وقال اردوغان للصحافيين أمس: "سأجري محادثة مع تشيني". وقال اردوغان في وقت سابق إنه يأمل بأن تحل المسألة بشكل مرض "وأن لا تكدر صفو الاجواء الايجابية التي تتشكل بين الولاياتالمتحدةوتركيا". وقال اردوغان السبت ان بعض الجنود افرج عنهم، لكن سيميل سيسيك الناطق باسم الحكومة قال بعد اجتماع لمناقشة الازمة ان الجنود المحتجزين كانوا جزءاً من مجموعة قوامها 24 وانهم نقلوا الى بغداد. وقال سيسيك: "أعربنا لواشنطن عن ان اطلاق سراح قواتنا هو المنهج الذي يتماشى مع صداقتنا وتحالفنا، وان تلك الحوادث يجب الا تتكرر. وذكرناهم بحساسية الرأي العام التركي". واوضح أن الاميركيين اطلقوا بعض المدنيين الذين احتجزوا مع المجموعة. ونقلت وكالة انباء الاناضول عن وزير الخارجية التركي عبدالله غل قوله ان العسكريين الاتراك لم يطلق سراحهم وانما نقلوا الى بغداد. واضافت الوكالة ان ما مجموعه 24 شخصاً، بينهم 11 او 12 عسكرياً تركياً ومقاتلين اكراد وتركمان، نقلوا الى العاصمة العراقية في حين كان من المفترض ان يكونوا في مدينة كركوك شمال العراق. وفي كركوك، اكد مسؤول عسكري اميركي في رد على سؤال أمس عن اعتقال الجنود الاتراك، ان قوات اميركية في شمال العراق "نفذت غارة. وما زال الجيش الاميركي يحاول تحديد انتماء المعتقلين العرقي، لكن من المحتمل ان يكونوا اتراكاً". وقالت مصادر ديبلوماسية في الشرق الاوسط ان أحد المحتجزين ضابط تركي برتبة كولونيل طردته القوات الاميركية والبريطانية من العراق مرتين في الماضي "لقيامه بنشاطات مشبوهة". ولم يصرح مسؤولون اميركيون بسبب احتجاز الاتراك. وما زالت الاسباب الكامنة وراء هذه الاعتقالات غامضة، حتى الآن غير ان الصحافة التركية تشير الى ان العسكريين الاتراك متهمون بالتخطيط لارتكاب اعتداء على المحافظ الكردي لمدينة كركوك، وهي تهمة وصفها وزير الخارجية التركي عبدالله غل بأنها "حماقة". وتصدرت الصحف التركية عناوين غاضبة منها: "الاميركي القبيح". وكتبت صحيفة "ميليت" واسعة الانتشار: "ذكر شهود ان القوات الاميركية وضعت اكياساً على رؤوس الجنود الاتراك وربطت أيديهم خلف ظهورهم مثل ارهابيي القاعدة". وعنونت "ملييت" في صفحتها الاولى: "الاميركيون يثيرون النفور" بينما تساءلت صحيفة "راديكال" "أهذه هي الشراكة الاستراتيجية؟"، في اشارة الى الحليف الاميركي الذي تقيم معه تركيا علاقة تعاون عسكري وثيقة. ونقلت الصحافة عن القائد التركي الاعلى الجنرال حلمي اوزترك قوله "انه وضع غير مقبول بتاتا ومهين تماما للقوات المسلحة التركية". ونقلت وكالة الاناضول عن ياشار بيوكانيت نائب قائد القوات المسلحة التركية قوله: "لا يمكننا تفهم اهداف الاميركيين. هذا التصرف من جانب حليفتنا على مدى 50 عاما احزننا بشكل عميق وصدمنا".