شكّل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الجمعة حكومة جديدة من اولى مهماتها الحصول على الضوء الاخضر من البرلمان لانتشار القوات الاميركية في تركيا الذي يعتبر العنصر الاساسي في الخطط الحربية التي أعدتها الولاياتالمتحدة للحرب على العراق وحضر واشنطن بديلاً لاعتمادها على انقرة بدأت تهيئ سفنها لضرب العراق من البحر الاحمر. وعلى الفريق الحكومي الجديد المؤلف من 22 وزيراً والذي نال موافقة الرئيس أحمد نجدت سيزر الحصول على ثقة البرلمان، وهو اجراء شكلي نظراً الى هيمنة حزب "العدالة والتنمية" 365 مقعداً من اصل 550. وقد يجرى التصويت الجمعة المقبل. ونقلت وكالة انباء الاناضول عن اردوغان تأكيده مساء الجمعة ان طرح مسألة انتشار القوات الاميركية على التصويت في البرلمان ليست مدرجة الآن على جدول اعماله. وقال: "ان هذا ليس على جدول اعمالنا في الوقت الراهن. سيكون ذلك بعد تبني مذكرة الثقة" في البرلمان، موضحاً: "سنعقد الاثنين اجتماعاً للحكومة ثم سنعرض برنامجها على البرلمان وقد يتم ذلك الثلثاء او الاربعاء، ثم سيفتح المجال للنقاشات والتصويت على الثقة". وتضم الحكومة الجديدة معظم اعضاء الحكومة السابقة برئاسة عبدالله غل، الساعد الأيمن لأردوغان حليف الولاياتالمتحدة، الذي اصبح نائباً لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية. وستكون مهمة غل 52 عاماً شاقة عشية تحرك عسكري اميركي متوقع ضد العراق لاسيما انه التزم شخصياً بحل سلمي للازمة العراقية عبر قيامه أخيراً بجولة في المنطقة ثم تنظيم اجتماع اقليمي لوزراء خارجية دول عربية في اسطنبول. لكنه دعا بعد ذلك البرلمان للموافقة على انتشار مكثف للجنود الاميركيين في تركيا. ونقل عن غل الذي نشأ وسط عائلة متواضعة في قيصرى وسط معقل الاسلاميين حيث انتخب اربع مرات نائباً منذ 1991، قوله انه يفضل العيش في الولاياتالمتحدة او في اوروبا بدلاً من ايران او ليبيا. ونال غل دكتوراه في الاقتصاد من احدى جامعات بريطانيا وعمل بين 1983 و1991 خبيراً اقتصادياً في بنك التنمية الاسلامي في جدة قبل ان يعود الى تركيا لخوض حملة الانتخابات التشريعية في 1991 الى جانب رئيس الوزراء السابق نجم الدين اربكان رائد الاسلام السياسي في تركيا والذي حظر حزبه "الرفاه" في 1998 بتهمة "أنشطة معادية للعلمانية". ومن اولى مهمات الحكومة الجديدة الاستجابة للضغوط المتزايدة التي تمارسها الولاياتالمتحدة على انقرة للموافقة على انتشار 62 الف جندي اميركي على الاراضي التركية تمهيداً لفتح "جبهة شمالية" في العراق والسماح بتحليق الطيران الاميركي في الاجواء التركية. وهذان الاجراءان يجب ان يحصلا على الضوء الاخضر من البرلمان الذي سبق ورفض في الاول من الجاري مذكرة حكومية في هذا الصدد بغالبية ضئيلة من ثلاثة اصوات. ولذلك على اردوغان الذي تلقى الخميس طلبات ملحة من الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني ان يستخدم كل نفوذه لإقناع قسم من نواب حزب التنمية والعدالة الرافضين التحالف مع الولاياتالمتحدة. وحسب مصادر مقربة الى الحكومة فان بين 15 و20 نائباً من المتشددين في مواقفهم حيال واشنطن سيهددون بالانسحاب من الحزب، ما سيشكل صفعة لرئيس الوزراء الذي تسلم مهماته للتو. وأوضح وزير الخارجية المنتهية ولايته يشار ياكيش الجمعة ان اردوغان "سيسعى الى معرفة مواقف النواب في ما يتعلق بمذكرة ثانية" قبل ان يقرر طرحها على النواب، والمشاورات قد تستمر بضعة أيام. وتعتبر مساعدة تركيا البلد المسلم الوحيد في حلف شمال الاطلسي عنصرا اساسيا في الاجراءات التي تتخذها واشنطن حول العراق لتطويقه ووضعه بين فكي كماشة من الشمال والجنوب. والخميس صدرت اشارة جديدة عن نفاد صبر الرئيس بوش الذي طلب في رسالة الى اردوغان فتح المجال الجوي التركي "على عجل" كما طلب اجوبة سريعة عن طلب انتشار قواته. وتكثف الوجود الاميركي في تركيا منذ ان سمح البرلمان في شباط فبراير الماضي بوصول 3500 اخصائي في الهندسة مكلفين صيانة المرافىء والمطارات العسكرية الممكن استخدامها. ومنذ ذلك الحين تعبر قوافل الاليات العسكرية الاميركية التي انزلت في ميناء الاسكندرون جنوب شرقي تركيا يوميا الطريق الشرقي باتجاه العراق. وامام رفض انقرة المتواصل السماح للاميركيين بالتحليق في اجوائها اعلن البنتاغون الخميس نقل "عشر الى 15 سفينة او غواصة قاذفة لصواريخ عابرة من طراز توماهوك" من المتوسط الى البحر الأحمر للتمكن من قصف العراق. ولم يشأ البنتاغون القول ما اذا كان طلب رسمي وجه الى اسرائيل والاردن للسماح بمرور صواريخ فوق اراضيهما مكتفياً بالقول "هذا ممكن".