وسط طقس صيفي لاهب، تجاوزت الحرارة فيه 49 درجة مئوية، أدلى الناخبون الكويتيون أمس بأصواتهم لانتخاب خمسين نائباً لمجلس الأمة البرلمان. وتجاوزت نسبة المشاركة في الاقتراع 85 في المئة من الناخبين البالغ مجموعهم 137 ألفاً، وذلك في معظم الدوائر الانتخابية الخمس والعشرين، ومرة أخرى غابت المرأة الكويتية عن الانتخابات. ووسط توقعات ترجح خسارة مقاعد للمستقلين، اتهم اسلاميون الليبراليين بالتنسيق مع الحكومة ضدهم. وأكد سياسيون ل"الحياة" ان التغيير في تركيبة البرلمان الجديد سيطاول أكثر من نصف مقاعده. أمام عشرات من المدارس الحكومية، حيث مقار الاقتراع، نصب المرشحون خيماً بين منازل متنقلة ومظلات، وقدموا الولائم والمياه المثلجة والمشروبات للناخبين، فيما اصطف عشرات من مؤيدي المرشحين أمام كل مقر، يوزعون النشرات الدعائية ويبذلون محاولات أخيرة مع الناخبين للفوز بأصواتهم. ولم تشهد مراكز الاقتراع أي مظاهر عنف أو اضطراب، تعد نادرة في الانتخابات الكويتية. وهذه هي الانتخابات البرلمانية العاشرة منذ بدء العمل بالدستور عام 1963. السياسيون الذين تحدثوا الى "الحياة" توقعوا تغييراً في أكثر من نصف مقاعد المجلس، وقال المعلق الاقتصادي والسياسي الليبرالي جاسم السعدون ان الانتخابات "لن تخلو من مفاجآت في بعض الدوائر، بسبب اختلاف القوى السياسية وعدم تنسيقها في عدد من الدوائر". وتوقع "ان يصب ذلك في مصلحة مرشحي ونواب الخدمات الأقرب الى الحكومة". أما النائب عدنان عبدالصمد وهو اسلامي شيعي مرشح للدائرة الأولى، فلاحظ "تدخلاً واضحاً من الحكومة في عدد من الدوائر". وأوضح ان هذا التدخل "تمثل في دعم مرشحين محسوبين عليها عن طريق تسهيل المعاملات أو باتصال ممثلي الحكومة مع مجموعات الناخبين، وكذلك في بعض الدوائر بالدعم المالي المباشر". ورأى عبدالصمد ان هذا التدخل "يستهدف المرشحين الاسلاميين بالدرجة الأولى، سواء كانوا من السنة أو الشيعة، ورغم ذلك فإن هؤلاء المرشحين أوفر حظاً من فئات أخرى، في زيادة مقاعدهم في المجلس الجديد". النائب الاسلامي السلفي الدكتور وليد الطبطبائي قال ل"الحياة" ان الدوائر التي ترشح فيها رموز الاسلاميين "شهدت تنسيقاً حكومياً ليبرالياً ضد المرشح الاسلامي"، لكنه توقع "ان يحقق الاسلاميون زيادة بنسبة 20 في المئة في مقاعدهم"، وأضاف: "الليبراليون سيخسرون في عدد من الدوائر بسبب تحالفهم مع الحكومة منذ العام 1999 وتبنيهم مواقف ضد مشاريع وقوانين شعبية". صفقات وشهدت الدوائر الانتخابية الداخلية ليل الجمعة اتفاقات اللحظات الأخيرة، وصفقات لتبادل الأصوات بين عدد من المرشحين، أما في الدوائر الخارجية حيث يغلب الناخبون القبليون فإن تحالفات قبلية أبرمت قبل أسابيع تنتظر نتائج صناديق الاقتراع لتبرهن على جدواها. وكان متوقعاً اعلان نتائج الدوائر الانتخابية الصغيرة الحجم في الساعة الحادية عشرة ليلاً أما الدوائر الأكبر حجماً فتعلن نتائجها فجر اليوم. وتفيد قراءات أخيرة لتوجهات الناخبين ان القوى السياسية عموماً قد تخسر مقاعد لمرشحين مستقلين، وقد ينخفض عدد النواب الليبراليين من ثمانية الى ستة، وكذلك الاسلاميون الشيعة من خمسة الى أربعة. وقد يحافظ الاسلاميون السنة من السلفيين وتيار "الاخوان المسلمين" على رقم 13 نائباً، لكن اسلاميين مستقلين قد يزيدون عددهم من 12 الى 15، أما القبائل فيبدو أن كلاً منها ستحتفظ بمقاعد ممثليها. غياب المرأة ولم تتحقق أمس الرغبة التي كان عبر عنها أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح عام 1999 بأن تشارك المرأة في انتخابات 2003 اقتراعاً وترشيحاً، ذلك ان مجلس الأمة أسقط مشروعاً لتعديل قانون الانتخاب قدمته الحكومة لتحقيق هذه الرغبة. وتعويضاً عن ذلك، شكلت جمعية الصحافيين الكويتية أمس لجنة رمزية دعت النساء الكويتيات الى المجيء والاقتراع فيها تعبيراً عن حق المرأة في المشاركة. وشاركت مئات من الكويتيات اللواتي يصنفن ضمن أصحاب التوجه الليبرالي في هذه الاحتفالية الرمزية أمس. لكن المحامية كوثر الجوعان، وهي من الناشطات في مجال المشاركة السياسية للمرأة، امتنعت عن المشاركة في هذا "التصويت". وقالت لوكالة الأنباء الكويتية انها امتنعت لأنها تعتقد بأن هذا الحق السياسي هو من الحقوق الأساسية للمرأة والتي يجب أن تحصل عليها وتمارسها فعلياً. واعتبرت ان نتيجة الانتخابات الرمزية "لن تكون ذات تأثير على الانتخابات الحقيقية، كما أن طريقة التصويت لا تعكس الصورة الانتخابية الحقيقية في الدوائر".