احتجز ناشطون فلسطينيون من "كتائب شهداء الأقصى" الجناح العسكري لحركة "فتح" في جنين محافظ المدينة حيدر إرشيد، وطالبوا الرئيس ياسر عرفات بتقديمه الى المحاكمة بتهمة "العمالة" لمصلحة اسرائيل. ونفى قائد "شهداء الأقصى" في جنين زكريا الزبيدي في تصريح الى "الحياة" ان تكون مجموعته قامت ب"خطف" إرشيد، معتبراً ان ما تم هو "سحب" المحافظ، تمهيداً لاتخاذ اجراءات ضده على يدي السلطات الفلسطينية المختصة "بعدما تجاوزت تصرفاته المسيئة للشعب الفلسطيني ولهذه البلدة جنين المناضلة ودم الشهداء". واكد انه تم اتخاذ هذا "الاجراء" في ضوء "إرسال إرشيد بعضاً من أعوانه في سيارة الجيب خاصته لاغتيال أحد قادة "شهداء الأقصى" ايمن السعدي مساء الجمعة - السبت، اذ اطلقت النار في اتجاهه إلا انه لم يصب بأذى". واضاف الزبيدي: "نحن لن نكون القاضي والحكم بأي حال من الاحوال. ولكن ارشيد لا يمثل لا الرئيس ولا أهالي المدينة. ونحن طالبنا غير مرة بإقصائه من موقعه بسبب علاقاته مع الاسرائيليين وتكثيف التنسيق الأمني معهم"، مشيراً ان لدى أهالي جنين "دلائل مادية واثباتات تؤكد ادانته"، منها ان إرشيد "أطلق النار على ثلاثة ناشطين من كتائب الأقصى قبل نحو عام احدهم ما زال في حالة موت سريري". وقال: "نحن نطالب الرئيس الذي يمثل أعلى السلطة بمحاكمة هذا المتعاون مع الاحتلال على جرائمه التي ارتكبها... يجب فتح ملف الخونة والمتعاونين وتقديمهم للمحاكمة". وذكرت مصادر فلسطينية ان مسلحين تمكنوا امس من اخراج إرشيد من سيارته أمام الناس واعتدوا عليه بالضرب قبل ان ينقل في سيارة اخرى الى داخل مخيم جنين للاجئين. وهذه المرة الأولى التي يتعرض فيها مسؤول فلسطيني على هذا المستوى لمثل هذه المعاملة من مجموعات فلسطينية ناشطة، خصوصاً منذ دخول السلطة الى أراضي الحكم الذاتي قبل حوالى عشر سنوات. وقال الزبيدي ان "أهالي المحافظة طالبوا الرئيس الفلسطيني بمحاسبة إرشيد، غير ان الحصار المفروض على الرئيس والظروف الاحتلالية التي تعيشها المدن الفلسطينية حالت دون ذلك". ويشغل إرشيد منصب القائم بأعمال محافظ جنين قبل نحو عامين بعد استقالة زهير مناصرة من هذا المنصب. وكانت جنين ومخيمها أول محافظة فلسطينية تعيد اسرائيل احتلالها في اطار عملية "السور الواقي". وشهدت أزقة المخيم فيها مجزرة استشهد فيها عشرات الفلسطينيين. وتمت تسوية قطاع واسع من الاحياء السكنية بالأرض، فيما قتل أكبر عدد من الجنود الاسرائيليين فيه خلال عمليات مقاومة شرسة استمرت اكثر من 13 يوماً. ويسلط هذا الحادث الضوء على التحديات التي تنتظر الحكومة الفلسطينية الجديدة بعد سحب قوات الاحتلال الاسرائيلي جنودها من الأراضي الفلسطينية التي خضعت للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقات اوسلو، من بينها فرض سلطة القانون وفتح ملف "المحاسبة" الذي وعدت هذه الحكومة ورئيسها محمود عباس بالقيام به في اطار الاصلاح الداخلي. وهذا الحادث يعتبر في نظر الكثير من الفلسطينيين مؤشراً مهماً لجهة طبيعة العلاقات المستقبلية بين السلطة الفلسطينية واسرائيل.