الجيش الاميركي على أهبة الاستعداد. ليس لاعلان حرب على بلد آخر بعد العراق، بل لتفادي اكبر إهانة سينمائية توجهها هوليوود الى جنوده وشرفهم العسكري. شريط "بافالو سولدجرز" Buffalo Soldiers المقتبس من رواية شهيرة للكاتب روبرت اوكنر، يثير حتى قبل عرضه شعبياً والذي سيبدأ الاسبوع المقبل بعد خمسة تأجيلات، فضيحة تلو الآخرى، لانه تجرأ على تصوير عمليات لصوصية ونهب وجريمة منظمة قام بها جنود اميركيون في قاعدة في المانيا. الشكوى الاولى اطلقها الكولونيل فرانكلين هندرسون ممثل "جمعية الخيالة التاسعة والعاشرة" الذي عبر عن سخطه لهذه الاهانة التي "اظهرت الشرطة العسكرية الاميركية وهي تقوم باعمال عنف وتتورط في عمليات فساد". والادهى، يضيف حانقاً، ان "بعض افراد المجموعة الاجرامية هم من سود فوج بافالو سولدجرز الذين كلفوا بمهمات منحطة". وهذا الفوج الذي يضم بأكمله جنوداً من اصول افريقية انشئ العام 1866. البيت الابيض والبنتاغون ما زالا صامتين، على رغم حرارة الصفعة التي وجهت الى "ابطال الوطنية الاميركية" و"حماة الديموقراطيات". وطلت مؤشرات العاصفة السياسية برأسها لتضاف الى هموم الرئيس جورج بوش الذي يواجه تشكيكاً سياسياً في شأن تضخيم التهديد العراقي، مع تهكم صحيفة "لوس انجليس تايمز" على صمت الكبار في المؤسستين النافذتين امام شجاعة صانعي الفيلم الذين تحصنوا بوقائع حقيقية لهذه الفضيحة العسكرية. الاستفزاز السياسي لهذا الشريط الذي اخرجه الاسترالي جورج جوردن، يبدأ من ملصقه. اذ حمل جملة "أسرق كل ما تستطيع سرقته!" وصورة الممثل جواكين فينكس اشتهر في فيلم "المصارع" Gladiator، الذي يؤدي الشخصية الرئيسية راي آيلوود، مرتدياً بزته القتالية وهو يرفع شارة النصر، مزنراً بحزام من الطلقات النارية لفه حول عنقه، وخلفه العلم الاميركي الذي تحولت فيه نجماته الكثيرات الى رمز الدولار #. يدير آيلوود شبكة من جنود "قاعدة ثيودور روزفلت" في مدينة شتوتغارت الالمانية، يغرقون السوق السوداء بقطع الاسلحة المسروقة من العنابر لتصل الى العصابات المحلية والاوروبية، ويبيعون الكوكايين تحت اشراف رئيس الشرطة العسكرية السرجنت رعد، الذي يؤدي الدور ممثل يدعى شيخ محمود باي!. يتورط آيلوود بعداء شخصي مع الزوجة التركية للقائد العسكري والغيورة من نجاحات البطل ومزاحمتها في سوق المخدرات! وتنتهي الامور الى جريمة ومطاردات على خلفية انهيار جدار برلين. حين عرض هذا الفيلم، ليلة التاسع من سبتمبر ايلول 2001 في مهرجان تورنتو الكندي، لم يلفت انتباهاً. لكنه بعد يومين مع حصول الهجمات الانتحارية في نيويورك وواشنطن، فتح جرح "وطنية" هوليوود. إذ اتهمه بعض النقاد بانه "يتشفى" من أخلاقية المؤسسة العسكرية وجبروتها. واليوم، مع تصاعد الهجمات على الجنود الأميركيين في العراق، يكون هذا الشريط، كما يقول مخرجه جوردن الذي رشقه احد المشاهدين بقنينة بلاستيكية احتجاجاً اثر عرض الشريط في مهرجان ساندانس الاخير: "أحد الدوافع الى ان يطرح الناس اسئلتهم عن الفظاعات التي نشهدها اليوم". فيما قالت احدى المشاهدات، مستنكرة الفيلم بعد عرض تجريبي في نيويورك: "في هذا الوقت، الذي نحتاج فيه ان نكون وطنيين، اعتقد بأن الاميركيين سيمتنعون عن مشاهدة هذا الشريط".