تبين أمس ان للاستخبارات الاسرائيلية دوراً مهماً في قضية اليورانيوم التي تراجعت الولاياتالمتحدة عنها، معتبرة أن وثائقها مزورة، في حين أصرت بريطانيا على أنها تملك معلومات مختلفة عن المعلومات الأميركية، مصدرها دولة ثالثة. ونفت ايطاليا، بعد فرنسا، أي علاقة لها بالموضوع. وفيما واصلت الدول العربية ردود فعلها على مجلس الحكم الموقت الذي أعلن في بغداد الأحد، فاعتبرته سورية في "مرحلة اختبار"، واستقبلته ايران بحذر شديد، أعلن المجلس أمس تشكيل محكمة لجرائم الحرب ليمثل أمامها رموز النظام السابق. وأحبط الجنود الأميركيون 9 آلاف الذين كان مقرراً أن يعودوا الى بلادهم هذا الشهر بعد صدور قرار بإبقائهم في العراق الى أجل غير مسمى لمواجهة المقاومة. واشتدت الحملة على الرئيس جورج بوش داخل الولاياتالمتحدة فاتهمه السيناتور الديموقراطي ادوارد كنيدي ب"الغطرسة"، وطالبه بإشراك الأممالمتحدة ودول أخرى في إدارة العراق. ودافع مصدر ديبلوماسي اسرائيلي عن بوش الذي يواجه اتهامات بأنه ضلل شعبه بالاعتماد على معلومات استخباراتية خاطئة لتبرير الحرب على العراق، وقال ان إسرائيل وبريطانيا خلصتا الى ان لدى العراق اسلحة دمار شامل، بشكل مستقل عن واشنطن، في حين نفت فرنسا وقبلها إيطاليا أن تكونا المصدر الذي زود بريطانيا معلومات عن محاولة العراق شراء اليورانيوم من أفريقيا. وقال المصدر الذي كان يتحدث على هامش زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون للندن "هذه الدول الثلاث توصل كل منها بشكل مستقل الى فهم المخاطر المحتملة... من الصعب الاعتقاد بأن كل هذه القوى توصلت الى النتيجة نفسها من دون ان تكون صحيحة". وما زالت الأروقة السياسية ووسائل الإعلام في بريطانياوالولاياتالمتحدة منهمكة في تحديد مصدر المعلومات الكاذبة عن محاولة العراق شراء اليورانيوم من النيجر، التي استعملت ذريعة لشن الحرب الأميركية - البريطانية على العراق. في بغداد، قرر مجلس الحكم الانتقالي أمس خلال اجتماعه الثاني منذ تشكيله الأحد الماضي، انشاء محكمة لمحاكمة مجرمي الحرب من المسؤولين العراقيين في نظام صدام حسين، واعادة حقوق العراقيين من ضحاياه. وفيما قتل الجيش الأميركي خمسة عراقيين واعتقل سادساً أمس بعد تعرض احدى مركباته لمكمن لدى مغادرتها مستودع ذخيرة غرب بغداد، ندد عضو في مجلس الحكم بالهجوم الذي استهدف أول من أمس مبنى يضم القوات الأميركية، واتهم "عناصر طالبان جدداً" بتنفيذه. وعقد مجلس الحكم الانتقالي العراقي جلسة أمس برئاسة السيد محمد بحر العلوم اتخذ خلالها قرارات عدة أهمها انشاء محكمة لمحاكمة مجرمي الحرب من المسؤولين العراقيين في النظام السابق، والعمل على إعادة حقوق العراقيين من ضحايا النظام، وبحث سبل "استئصال" بقايا حزب البعث. وذكر انتفاض قنبر، الناطق باسم "المؤتمر الوطني العراقي" الذي يتزعمه أحمد الجلبي أحد أعضاء مجلس الحكم، ان الولاياتالمتحدة لم تعلن حتى الآن كيف ستتعامل مع ال55 مطلوباً من كبار أركان نظام صدام، لذلك سيأخذ مجلس الحكم على عاتقه محاكمتهم ومعاقبتهم طبقاً للقانون. وندد عضو مجلس الحكم موفق الربيعي بالهجوم الذي استهدف أول من أمس مبنى يضم القوات الأميركية، متهماً "عناصر طالبان جدداً" بتنفيذه. في واشنطن، قال السناتور الديموقراطي ادوارد كنيدي أمس ان الجنود الأميركيين يدفعون ثمن السياسة "المتغطرسة" التي تتبعها ادارة بوش. ودعا الى اشراك المجتمع الدولي في الأمر. وانضم السناتور ذو النفوذ الى قائمة طويلة من الديموقراطيين الذين ينتقدون سياسات بوش في العراق قبيل بدء حملة الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وأضاف كنيدي في برنامج على شبكة تلفزيون "ان بي سي" ان "المأساة الكبرى هي ان يجازف جنود أميركيون بحياتهم ويفقدوها في العراق على أساس معلومات معيبة ومشوهة وخاطئة". وزاد: "على الادارة ان تتخلى عن موقفها المتغطرس في السياسة الخارجية... موقف اما الاذعان أو الحرمان، وتستعين بالمجتمع الدولي". وتابع ان الاستعانة بقوات أجنبية في العراق ستتيح للولايات المتحدة التركيز على محاربة تنظيم "القاعدة"، وأكد انه لا يصدق "المعلومات التي تشير الى ان العراق كان يشكل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة. ما يظل يشكل تهديداً هو قضية الارهاب". الى ذلك أ ف ب، أعلن مسؤول عسكري كبير أمس ان جنود الفرقة الثالثة في سلاح المشاة في الجيش الأميركي سيبقون في العراق مدة غير محددة. وكانت شبكة "سي ان ان" الاميركية أفادت نقلاً عن مسؤولين عسكريين اميركيين ان حوالى تسعة آلاف جندي كانوا ينتظرون العودة الى بلادهم سيضطرون للبقاء في العراق لفترة غير محددة بسبب سوء الأوضاع الأمنية. وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه "سيواصلون مهمتهم". إلا أنه نفى أن يكون تمديد مهمتهم التي كان يفترض أن تنتهي في نهاية أيلول سبتمبر مرتبطاً بتصعيد العمليات ضدهم. وأضاف ان "آلية عودة القوات الى الولاياتالمتحدة ... لا ترتبط بوقت محدد". ونقلت المحطة عن محللين قولهم ان هذا الاعلان كان له أثر "مدمر" في معنويات الجنود الذين ينتمون الى فرقة المشاة الثالثة الموجودة في العراق منذ بدء الحرب. ونقلت "سي ان ان" عن المسؤولين العسكريين قولهم ان مهمة تسعة آلاف من أولئك الجنود ستمدد بسبب سوء الأوضاع الأمنية في العراق، حيث تستهدف هجمات الجنود الأميركيين يومياً. والفرقة الثالثة تكبدت أفدح الخسائر، اذ قتل منها 37 عنصراً.