شغلت الأوساط المالية والمصرفية الأسبوع الماضي بإحدى أكبر الفضائح المصرفية في لبنان التي تطاول مصرفي "المدينة" و"الاعتماد المتحد"، اللذين وضع مصرف لبنان المركزي اليد عليهما، وعين مديراً عاماً موقتاً لهما بعد مضي اكثر من خمسة أشهر على اكتشاف هيئة الرقابة على المصارف فقدان التوازن بين موجودات المصرفين ومطلوباتهما، ووجود حسابات وهمية وحسابات مدينة من دون كفالات... الخ، بلغت قيمتها في حينها ما بين 1000 و1200 مليون دولار أميركي فيما لا تتعدى ودائع المصرفين ال700 مليون دولار بحسب معلومات مصرفية. وقد سدد جزء من المبلغ وعجز القيّمون على المصرفين عن تسديد المتبقي بين 275 و320 مليون دولار. وثارت ضجة بين المودعين خصوصاً من الحجمين المتوسط والصغير، الذين كانت تغريهم سياسة المصرف بإعطاء فائدة عالية على الودائع، فلم يتمكنوا من سحب سوى نسب مئوية قليلة منها خلال الأسابيع والأشهر الماضية. راجع ص7 وتبدأ النيابة العامة التمييزية غداً الاثنين تحقيقاتها في القضية ثم تباشر استدعاء 21 شخصاً بينهم ممثلو شركات، بعد أن يبلغ هؤلاء بصورة قانونية، إذ أن ادارة المباحث تعد قائمة بأسمائهم. وتوقعت مصادر مصرفية أن يتسع عدد الذين سيحقق معهم من المديرين في المصرفين، الذين أعطوا تسهيلات مخالفة للأصول للبعض، وأن يشمل هذا التوسع بعض اصحاب الحسابات المدينة المكشوفة. وكانت هيئة التحقيق الخاصة وصفت مخالفات وأفعال كل من رئيس مجلس ادارة "المدينة" عدنان أبو عياش وشقيقه الأصغر المدير العام ابراهيم أبو عياش، ومجموعة الأشقاء طه وباسل ورنا قليلات التي لها منصب مديرة في "المدينة" مفوضة بالتوقيع، وعدد آخر من شركاء آل قليلات وغيرهم وطالبت بملاحقتهم، بتهمة السرقات الجنائية. وعممت على المصارف وأصحاب العلاقة بتجميد حساباتهم وموجوداتهم بعد رفع السرية المصرفية عن حساباتهم كافة. وتشمل قائمة الأسماء شركتي "كواترو" للسيارات و"زنتا" العقارية اللتين يملكهما آل قليلات طه يملك فندق كورال بيتش. وتبين أن رجل الأعمال اللبناني عدنان أبو عياش، يشغل منصب المدير العام لشركة "الرشيد للهندسة" في الرياض في المملكة العربية السعودية، قد سحب من حساب الشركة ما يقارب ال150 مليون دولار من دون علم رئيس مجلس ادارتها رجل الأعمال السعودي ناصر الرشيد، لتسديد بعض متوجبات البنك للمودعين وان الثاني اشتكى الى مصرف لبنان، وان الأول اعترف بذلك مبرراً بأنه اضطر للقيام بهذا العمل إيفاء لتعهده بتسديد عجز المصرفين عند اكتشاف أزمتهما قبل نحو خمسة أشهر. وكان مصرف لبنان عاد عن ملاحقة المصرفين قضائياً بناء لهذا التعهد لعله يضمن مصالح المودعين من أموال اصحاب الحسابات المدينة المكشوفة. وذكرت مصادر مصرفية ان اصحاب حسابات مدينة آخرين لم يقوموا بتغطية حساباتهم المكشوفة على رغم انهم يملكون اصولاً عقارية وغير عقارية. وأفادت معلومات مصرفية ان محامي "بنك المدينة" تمكّن أمس من الاستحصال من طه ورنا وباسل وعبدالرحيم قليلات اضافة الى 14 شخصاً مقربين منهم على وكالات غير قابلة للعزل يتنازلون بموجبها لمصلحة "بنك المدينة" عن كل الأملاك العقارية المسجلة بأسمائهم الشخصية وبأسماء الشركات العائدة اليهم، وتقدر قيمتها بنحو 240 مليون دولار. وأشارت المصادر الى ان من بين أسباب العجز في المصرفين استخدام بعض القيمين عليهما، وبعض المدينين أموال المودعين في شراء عدد كبير من العقارات، تدنت أسعارها، وشركات، واستخدام الآخر الحسابات المدينة في عمليات تبذير وهدر وبذخ خيالية هي مدار تندّر في المجتمع اللبناني. وقال أحد المطلعين ل"الحياة" ان احدهم اشترى عشرات السيارات الفاخرة والنادرة التي تساوي عشرات ملايين الدولارات وقدم بعضها هدايا لأصحاب نفوذ. وذكرت المصادر ان بعض القيمين على ما حصل تمتعوا بالحماية، لكن هذه الحماية رفعت عنهم بسبب حجم ما ارتكبوه. وأوضحت ان جميع الواردة اسماءهم موجودون في لبنان ما عدا عدنان أبو عياش الموجود في الرياض، أو في بلد أوروبي.