فوجئ الوسط السياسي الألماني امس، بوفاة السياسي الألماني البارز يورغن مولمان، وهو وزير اقتصاد سابق، ونائب سابق لرئيس الحزب الليبرالي ورئيس الجمعية الألمانية - العربية، بعد قفزه بالمظلة من الجو، وهي رياضة يمارسها منذ سنين. وعلى رغم ان الشرطة لم تعلن فوراً سبب موت مولمان، اكدت معلومات انه قفز ظهر أمس من الجو من دون ان يفتح مظلته. وأضافت مصادر غير رسمية ان التحقيقات الأولية أثبتت انه قرر الانتحار بعدما قطع حبل مظلته لئلا تفتح. وسبق خطوته نزع البرلمان الألماني الحصانة النيابية عنه، مفسحاً في المجال امام النيابة العامة في دوسلدورف ومونستر لتنفيذ مذكرة دهم وتفتيش لمكاتبه ومنزله وشركته وفروعها في اربع ولايات ألمانية. وقال مصدر في شرطة مونستر انها تعتقد ان مولمان "قفز بمظلته الى الموت". وبعد اعلان موته خيم وجوم على وجوه النواب الذين قطعوا مداولاتهم ووقفوا دقيقة صمت حداداً. وبسبب صدور مذكرة ملاحقة وتفتيش دولية في حقه وحق خمسة آخرين متعاونين معه، دهمت في الوقت ذاته مكاتب له في امارة ليشتنشتاين ولوكسمبورغ ووضعت اليد على حسابات مصرفية، ودهم منزله في جزيرة كناري الكبرى الاسبانية. وتتهم النيابة العامة مولمان وآخرين بانتهاك قانون الاحزاب الألمانية والاحتيال والغش. وأجمعت مصادر سياسية وإعلامية في برلين على ان خوف مولمان من وقوع وثائق تدينه في أيدي النيابة العامة هو الذي دفعه الى انهاء حياته. وكانت وسائل الاعلام الألمانية سلطت الاضواء على مولمان خلال نزاعه العنيف مع المجلس المركزي لليهود في المانيا خلال الانتخابات النيابية الاخيرة وتوزيعه منشوراً ضد رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون ونائب رئيس المجلس المركزي ميخائيل فريدمان، اعتبر معادياً للسامية وأثار غضب الاحزاب الشديد عليه وفتح صراعاً مع قيادة حزبه الليبرالي انتهى بانسحابه من الحزب قبل انتهاء معاملات طرده منه. النيابة العامة فتحت آنذاك تحقيقاً بعد تسرب معلومات تفيد ان تكاليف المنشور التي بلغت مليون يورو تقريباً دفعت من "ممولين عرب"، وتحدثت عن نشاطات مالية غير مشروعة يمارسها. وخلال هذا النزاع أصيب مولمان بأزمة قلبية، لكنه اعلن الاحد الماضي خلال ندوة سياسية بثتها القناة التلفزيونية الأولى انه يفكر في تأسيس حزب ليبرالي جديد. وشارك اكثر من مئة رجل أمن في دهم نحو خمسة وعشرين مقراً لمولمان في المانيا ولوكسمبورغ واسبانيا وليشتنشتاين، ومصادرة ملفات ووثائق منها. وكان مولمان يواجه مذكرات تحقيق في موارده المالية وهل كانت له حسابات سود في الخارج. عرف عنه طموحه الكبير وشجاعته السياسية في قول ما لا يقال، خصوصاً في اطار النزاع العربي - الاسرائيلي. وكان أحد السياسيين الألمان الأوائل الذين أرسوا علاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات منذ الثمانينات، ومع رؤساء ومسؤولي دول عربية. وتقلب مولمان في وظائف حكومية ابرزها وزارة الاقتصاد الاتحادية في عهد المستشار هيلموت كول، لكنه اضطر للاستقالة بسبب استخدام منصبه لتسهيل حصول صهره على عقود عمل حكومية.