صعود المحافظين الجدد في ادارة بوش 9 أستأنف من حيث توقفت أمس في عرض عمل مشروع القرن الأميركي الجديد، ففي أيلول سبتمبر من السنة ألفين أصدر المشروع تقريراً بعنوان "اعادة بناء دفاعات أميركا: الاستراتيجية والقوات والموارد لقرن جديد". وكان هناك 27 توقيعاً بين أصحابها: بول وولفوفيتز، ووليام كريستول، وروبرت كاغان، وغاري شميت، ولويس ليبي. وكان روبرت كاغان وغاري شميت الرئيسين المشاركين للمشروع وتوماس دونالي كاتبه الرئيسي. ينطلق التقرير من الاعتقاد ان الولاياتالمتحدة تريد ان تحافظ على قيادتها العالمية وتزيدها، وأن القوات الأميركية الأقوى في العالم، لذلك فهو يقترح زيادة الانفاق العسكري في شكل كبير، ومواجهة أخطار عدة لفرض الهيمنة الأميركية. ويقول التقرير ان الولاياتالمتحدة حاولت منذ عقود لعب دور دائم في أمن الخليج، وفي حين ان النزاع مع العراق "يوفّر عذراً عاجلاً، فإن الحاجة الى وجود عسكري أميركي كبير في الخليج تتجاوز نظام صدام حسين". ويدعو التقرير الى سيطرة أميركية على نظام الأمن الدولي بما يتّفق مع المصالح الأميركية. وهكذا "فحتى لو غاب صدام يجب ان تظلّ القوات الأميركية في المنطقة". التقرير في 90 صفحة وموجود على الانترنت لمن يريد قراءته كاملاً. مشروع القرن الأميركي الجديد أصدر لحملة انتخابات السنة ألفين كتاباً بعنوان "الخطر الماثل: الأزمة والفرصة في سياسة أميركا الخارجية والدفاعية". وأشرف على تحريره وليام كريستول وروبرت كاغان، وكتب بعض فصوله بول وولفوفيتز وايليوت ابرامز وريتشارد بيرل. ودعا ابرامز في فصل عن الشرق الأوسط الى مبدأ السلام من طريق القوة، وقال ان القوة العسكرية الأميركية مع الاستعداد لاستعمالها عنصر رئيسي في تعزيز السلام. وهو دعا الى حرب إجهاضية لاسقاط صدام حسين. وكان كريستول وكاغان قالا في مقدّمة الكتاب ان ثمة حاجة الى مواجهة العراق وايران وكوريا الشمالية والصين. وبالنسبة الى العراق وكوريا الشمالية حثّ الكاتبان على تدخل الولاياتالمتحدة "حتى عندما لا نستطيع ان نثبت ان هناك مصلحة أميركية مهدّدة". هذا ما حدث إزاء العراق حيث لم تكتشف أسلحة دمار شامل تهدد الولاياتالمتحدة أو الجيران في المنطقة. غير ان العمل الذي كاد يكون نبوءة مستقبلية لمشروع القرن الأميركي الجديد كان دراسة بعنوان "انفصال تام: استراتيجية جديدة لتأمين البلاد"، البلاد هي اسرائيل، أما انفصال تام فهي ترجمة بتصرّف يمكن ان أضع مكانها بداية جديدة. الدراسة أعدت لرئيس الوزراء الجديد في حينه، بنيامين نتانياهو وتكهنت بتطوّر السنوات السبع التالية. وأعد الدراسة ما يسمى فريق استراتيجية جديدة لاسرائيل نحو السنة ألفين، ضمن معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية المتقدمة، ومقرّه القدس، وتألف الفريق من: - ريتشارد بيرل من معهد أميركان انتربرايز، رئىساً. - جيمس كولبرت من المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي. - تشارلز فيربانكس، من معهد الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز. - دوغلاس فايث من شراكة فايث وزيل. - روبرت لوفنبرغ، رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية المتقدمة. - جوناثان توروب من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. - ديفيد وورمزر من معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية المتقدمة. - ميراف وورمزر من جامعة جونز هوبكنز. اليوم دوغلاس فايث هو الرجل الثالث في وزارة الدفاع بعد دونالد رامسفيلد وبول وولفوفيتز، وديفيد وورمزر مساعد جون بولتون، وكيل وزارة الخارجية لنزع السلاح والأمن الدولي، وريتشارد بيرل عضو مجلس سياسة الدفاع ورئيسه السابق. الدراسة تعارض اتفاقات أوسلو بحماسة، وتتحدث عن شرق أوسط جديد، وتنتقد اسرائيل لضعفها امام الارهاب. وتحث الدراسة حكومة نتانياهو الجديدة على انفصال تام عن السياسات المطروحة والتخلي عن فكرة السلام الشامل، وتغيير التعامل مع الفلسطينيين باللجوء الى المطاردة الحامية دفاعاً عن النفس، والبحث عن بديل لياسر عرفات أو بدائل. غير ان الدراسة أعنف ما تكون في حديثها عن سورية، وهي تدعو الى اسقاط صدام حسين، ثم بناء تحالف يحاصر سورية، ويمهد لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط. وأختتم اليوم بتقرير استراتيجية الأمن القومي الذي أصدره البيت الأبيض في 20 أيلول سبتمبر من السنة الماضية، وهو منشور، وقد دعا الى ضربات إجهاضية ضد الدول المعادية والمنظمات الارهابية، وبناء قوة عسكرية أميركية مهيمنة على العالم، واحتفاظ الولاياتالمتحدة بحق التصرف وحيدة اذا لم تستطع بناء تحالف دولي لهدف ما. كل ما أقول اليوم ان هذا التقرير هو تكرار، أو اجترار، للتقرير الذي قدمه الصهيونيان لويس ليبي وبول وولفوفيتز الى ديك تشيني سنة 1992. وهو فكر اسرائىلي خالص يعطونه في الولاياتالمتحدة صفة المحافظين الجدد. وأكمل غداً.