صعود المحافظين الجدد في ادارة بوش 8 ما هي مؤسسات البحث والفكر والمشاريع التي يلتف حولها المحافظون الجدد من أنصار اسرائيل في الولاياتالمتحدة؟ يمكن الرد على هذا السؤال بعمل موسوعي، غير أنني سأحاول اليوم والأيام المقبلة أن أقدم صورة وافية عن الموضوع، راجياً ألا يضيع القارئ في التفاصيل. هناك مشروع القرن الأميركي الجديد الذي أسس في ربيع 1997 تحت رعاية مشروع المواطنة الجديد، وهذا موّلته بسخاء مؤسسة برادلي. ومشروع القرن الأميركي الجديد مرتبط بمؤسسة أميركان انتربرايز التي تمولها مؤسسة برادلي أيضاً، ويستأجر مكاتب من أميركان انتربرايز. المشروع هذا مؤسسة لا تبتغي الربح هدفها تعزيز القيادة الأميركية حول العالم، وقد شكل منذ قيامه "لوبي" لخوض حرب على العراق، ومطالبة الولاياتالمتحدة بلعب دور دائم في الشرق الأوسط، وهو يفترض ان السياسة الأميركية يجب أن تكون "يمينية"، أو "مصيبة" هناك لعب على الكلام لأن للمعنَيين بالعربية الكلمة ذاتها بالانكليزية. يترأس المشروع وليام كريستول، والمديرون هم: روبرت كاغان، وبروس جاكسون، ولويس ليمان، ومارك غيرسون. وبين الموظفين المدير التنفيذي غاري شميت وريول مارك غيريشت، من أميركان انتربرايز ومبادرة الشرق الأوسط في مشروع القرن الأميركي الجديد. وعمل بروس جاكسون سنوات نائب رئيس شركة لوكهيد مارتن لصنع السلاح، وترأس لجنة فرعية للحزب الجمهوري للأمن القومي والسياسة الخارجية خلال الحملة الانتخابية سنة ألفين، وطالب في حينه بإطاحة صدام حسين. ويصف الكاتب والصحافي جيم لوب جماعة القرن الجديد بأنهم "تحالف من المحافظين الجدد والجمهوريين اليمينيين، واليمين المسيحي" يحرض على انتهاج جورج بوش "سياسة استعمار جديد". وقد انتقل عدد كبير من المحافظين الجدد في مشروع القرن الأميركي الجديد الى مناصب في الإدارة، وهم ينفذون فيها أفكارهم عملياً. ويمكن اعتبار مشروع القرن الأميركي الجديد محاولة من الصقور، أمثال ديك تشيني ودونالد رامسفيلد، للرد على مهادنة سياسة بيل كلينتون. والمشروع في رأي لوب هو آخر صيغة لجماعات متطرفة يسيطر عليها المحافظون الجدد اليهود، وكل الأعضاء المهمين في المشروع كانوا بين الذين وقّعوا رسالة الى الرئيس كلينتون سنة 1998 توبخه لأنه لم يرسل جنوداً الى بغداد. وقد حوّل مشروع القرن الأميركي الجديد أموالاً الى المؤتمر الوطني العراقي، وأسس جماعة جديدة هي لجنة تحرير العراق. بيان اعلان مبادئ المشروع الذي يحمل تاريخ الثالث من حزيران يونيو 1997 وقّعه 25 اسماً، بينها بول وولفوفيتز ودونالد رامسفيلد وديك تشيني وايليوت ابرامز، وجيب بوش، ونورمان بودهورتز وزوجته ميدج ديكتر، وزالماي خليل زاد، وفرانك غافني، ولويس ليبي، ودان كويل ودونالد كاغان، ووليام بينيت، وستيف فوربس. وقال البيان ان السياستين الخارجية والدفاعية تائهتان، وأن تاريخ القرن العشرين يظهر أهمية صوغ الظروف قبل بروز الأزمات، ومواجهة الأخطار قبل أن تستفحل. والمطلوب بالتالي: - زيادة الإنفاق الدفاعي "لتحمل مسؤولياتنا حول العالم". - تعزيز العلاقات مع الحلفاء الديموقراطيين، وتحدي الأنظمة المعادية لمصالح أميركا وقيمها. - تعزيز الحرية السياسية والاقتصادية حول العالم. - فهم الدور الأميركي الفريد ومسؤولية حفظ نظام دولي يفيد أمن أميركا ورفاهيتها ومبادئها. وتكشف الرسائل المفتوحة والمذكرات الصادرة دورياً عن مشروع القرن الأميركي الجديد أفكار الجماعة. وكانت رسالة مفتوحة الى الرئيس بوش حملت تاريخ 21 أيلول سبتمبر 2001 دعت الى توسيع الحرب على الارهاب، الى ما هو أبعد من أفغانستان، وإسقاط صدام حسين، وقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية، والاستعداد للتحرك ضد سورية وايران وحزب الله في لبنان. وكان بين الموقعين ريتشارد بيرل وجين كيركباتريك وفرانك غافني وفرانسيس فوكوياما ووليام كريستول ودونالد وروبرت كاغان. وفي رسالة أخرى حملت تاريخ الثالث من نيسان ابريل 2001، شكر الموقعون الرئيس بوش لدعمه اسرائيل، وتحدثوا عن ان الولاياتالمتحدة واسرائيل لهما عدو مشترك. وطالبت الرسالة بعدم التفاوض مع ياسر عرفات لأن ذلك مثل التفاوض مع أسامة بن لادن والملا عمر، وحثت على دعم اسرائيل دعماً كاملاً. وكان بين الموقعين ريتشارد بيرل ونورمان بودهورتز وكن ادلمان وروبرت كاغان وفرانك غافني ودانيال بايبس وراندي شوغان، ورئيس ال"سي آي ايه" السابق جيمس وولزي. هؤلاء كلاب اسرائيل، وهم محافظون جدد بقدر ما أنا أو القارئ محافظ جديد، فالاسم مجرد غطاء للولاء الواحد لإسرائيل. ولو ان مجرم الحرب آرييل شارون كتب الرسالة، ولعله فعل، لما كان زاد حرفاً واحداً على بذاءة الذين كتبوها ثم وقعوها. هؤلاء هم أعداء الولاياتالمتحدة لأنهم يربطون سياستها بدولة نازية مجرمة وهم خلقوا العداء للولايات المتحدة حول العالم. ويكفي ان أقول هنا انه قبل الالتزام الكامل بإسرائيل لم يكن للولايات المتحدة عدو واحد في الشرق الأوسط. وكانت هناك مذكرة في الخامس من أيار مايو 2003 تزعم ان العراقيين رحبوا بقوات الغزو الأميركية، ما لا أحتاج معه الى زيادة. وأكمل غداً.