استطاع الفنان الشاب عمرو واكد خلال السنوات الست الماضية ان يرسخ وجوده في الساحة السينمائية المصرية، من خلال ستة افلام، نصفها روائي قصير، وهو ما يطرح تساؤلات عدة عن اختيارات هذا الفنان الجريئة. فمنذ ان ظهر في فيلم "جنة الشياطين" للمخرج اسامة فوزي، مع زميليه صلاح فهمي وساري النجار، وهو ينتقي ادواره بعناية فائقة ليقدم بعد ذلك ثلاثة افلام روائية قصيرة، هي: "الطيارون" للمخرج محمد علي، وفيلمان قصيران مع المخرج الشاب مروان وحيد حامد هما "الشيخ شيخة" و"لي... لي" واتجه بعد ذلك للمشاركة في السينما التجارية، ولكن من خلال دور لاقى شعبية كبيرة في فيلم "اصحاب ولا بيزنس" مع هاني سلامة ونور، إذ لعب شخصية شاب فلسطيني يعد لعملية فدائية ضد العدو الصهيوني، وبعده قدم اولى بطولاته السينمائية المطلقة، من خلال فيلمه الجديد "ديل السمكة" امام حنان ترك وساري النجار وعبدالرحمن ابو زهرة ومحسنة توفيق وسوسن بدر، عن قصة وسيناريو وحوار لوحيد حامد واخراج سمير سيف. "الحياة" التقت عمرو واكد وكان هذا الحوار: كيف ترى فيلمك "ديل السمكة" الذي يعتبر اولى بطولاتك السينمائية المطلقة، خصوصاً بعد تأخر عرضه جماهيرياً؟ - هذا التأخير لم يضرني في شيء، بل على العكس منحني فرصة الوجود في الكثير من المهرجانات السينمائية العربية والدولية، والحصول على اكثر من جائزة كأحسن ممثل، وكذلك حصول الفيلم في عناصره المختلفة على الكثير من الجوائز، سواء في الاخراج ام السيناريو ام الديكور ام الموسيقى ام غيرها. وأنا ارى ان وحيد حامد من الكتاب السينمائيين المصريين الذين يملكون خصوصية في مواضيعهم، وهو الذي رشحني للقيام ببطولة فيلم "ديل السمكة" ووجدت في هذا الترشيح تشجيعاً لي، خصوصاً بعدما قرأت سيناريو العمل كاملاً، وشعرت بأنه يسعى الى ابراز الكثير من سلبيات المجتمع المصري، ويعري هشاشة تكوينه وانقساماته الداخلية، في قالب سينمائي فريد، من خلال شاب يعمل كشافاً للنور، ومن ثم يجعله عمله هذا دائم الاحتكاك بالكثير من الشخصيات الاخرى، وبالتالي يتم الكشف بطريقة غير مباشرة عن معاناة هؤلاء الافراد الذين يمثلون صوراً مختلفة ومتباينة من نسيج المجتمع المصري. هذا العمل منحني القدرة على تقديم صورة شديدة الواقعية للحظة الراهنة في مصر، من دون تزييف او تجميل، والنص السينمائي لم يسع الى طرح الحلول لهذه المشكلات، بقدر ما حاول طرح الاسئلة فقط، من خلال رصده مشكلات هؤلاء الافراد. ولكن الفيلم تضمن ايضاً الكثير من المواقف الكوميدية الساخرة، من خلال رصده لحياة هؤلاء الافراد؟ - هذا صحيح، ولكنني لا اعتقد ان هذه الخاصية تجعل الفيلم كوميدياً او خفيفاً، بل على العكس، انها المواقف التي تؤكد الجانب المأسوي في الحياة، الجانب الفكاهي الاسود الذي ننعم به في الشدائد والكوارث، وبالتالي اعتقد ان السخرية التي تتفجر في لحظات عدة في الفيلم، ما هي الا جزء شديد الارتباط بالنسيج العام للعمل، الا وهو الدراما الواقعية الصادمة جداً، وأعتقد ان الفيلم استطاع من خلال تصويره مأساة الكثير من ابطاله، الا يشعر المشاهد بالملل، لأنه يمس كل حكاية من هذه الحكايات مساً عميقاً، فيه شاعرية ورهافة وحيد حامد التي تعودنا عليها. ألا ترى ان في الفيلم بعض العيوب الفنية، خصوصاً في الصوت الذي كان متذبذباً جداً؟ - هذا صحيح، وان كنت أرى ان هذا العيب التقني ناتج من انتاج الفيلم منذ ثلاث سنوات كاملة، ولو كان هذا الفيلم انتج منذ عام او عامين لكانت تقنيات الصوت فيه افضل، لأنها كانت ستسجل بأجهزة احدث، وفي النهاية لو كانت اخطاؤنا السينمائية اليوم في تقنيات الصوت فقط لسهل علاج المشهد السينمائي لدينا، ولكن الكارثة اننا نرى ان اعمالنا السينمائية اصبحت تعاني الكثير من المشكلات، الداخلة في صميم صناعة الفيلم نفسه، بدءاً من السيناريو وانتهاء بالاخراج. لذلك ارى ان علينا فعلاً ان نهدم الهيكل كله لكي نقيمه من جديد على اسس سليمة وواضحة، ولكي تكون لدينا السينما التي نحلم بها فعلاً. أُهدي فيلم "ديل السمكة" الى الشاعر الراحل صلاح جاهين، وتخللته الكثير من الرباعيات الشهيرة له، حيث لعبت دور شاعر يهوى كتابة الاغاني مثل صلاح جاهين، ولكن المفارقة ان نجدك تكتب اغنية رديئة لمطربة مغمورة، فما رأيك؟ - هذه ملاحظة جيدة جداً، وأنا اتفق معك فيها تماماً، ولكن لا استطيع قول شيء في هذا الموضوع، فأنا لست إلا ممثلاً في هذا العمل! في فيلمك السابق "أصحاب ولا بيزنس" جسدت شخصية شاب فلسطيني مقبل على تنفيذ عملية انتحارية ضد العدو الاسرائيلي، كيف تعاملت مع هذه الشخصية الصعبة، وكيف تعلمت اللهجة الفلسطينية بهذا الاتقان الذي دفع البعض الى الظن انك فلسطيني؟ - لكي أتعلم اللهجة الفلسطينية تعرفت الى الكثير من الشبان الفلسطينيين الذين يعيشون في القاهرة، ولكن مشكلة هذه الشخصية، هي ان تستطيع التغلغل في نفسية هذا الشاب المقبل على الموت بإيمان شديد بما يفعله، وأعتبر ان مشاركتي في هذا الفيلم من خلال شخصية "جهاد" اضافت لي الكثير، كفنان وكإنسان عربي التحم في عمل فني بالانسان الفلسطيني العادي، وفي قضيته المصيرية المطروحة الآن على الساحة العربية والدولية. وعلى رغم اعجاب الكثيرين بإتقاني اللهجة الفلسطينية في هذا الدور، الا انني لم ارض في شكل كامل على ادائي هذه الشخصية، إذ لم يكن متاحاً لي التحضير الجيد لها، وهي آفة اخرى من آفات عملنا السينمائي الراهن، فأنا من مدرسة الاعداد المكثف للشخصية. رصيدك التلفزيوني لا يضم سوى عمل واحد هو "حديث الصباح والمساء". لماذا لم تكرر التجربة مرة اخرى؟ - على رغم ان العمل التلفزيوني ليس آخر طموحاتي، الا انني اعمل الآن في مسلسل جديد بعنوان "شمس يوم جديد" مع المخرج محمد حلمي عن قصة وسيناريو وحوار ماجدة خيرالله وبطولة عدد كبير من النجوم الشباب، من بينهم ريهام عبدالغفور وحنان كرم مطاوع... وماذا عن المسرح التجاري الذي كانت لك مشاركة وحيدة فيه، من خلال مسرحية "شباب روش طحن" للمخرج جلال الشرقاوي؟ - المسرح التجاري ليس لوني المفضل، لأنني لم استطع الاستمرار في مسرح الافيهات كما حدث في تجربتي الوحيدة مع المخرج جلال الشرقاوي، على رغم استفادتي الشديدة من عملي مع مخرج كبير مثله، ولكن هذه المسرحية لم استطع الاستمرار فيها اكثر من موسم واحد، قررت بعدها الا احاول دخول المسرح التجاري من جديد، إذا كان بهذا الشكل التجاري البحت، الذي يبحث عن الضحك بأي وسيلة... وأي طريقة.