أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 22.8 % في سبتمبر من 2024    الأمن الغذائي: السماح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق للأسواق العالمية    هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    أكثر من 750 ساعة تخدير و60 عملية فصل ناجحة لتوائم ملتصقة من 21 دولة حول العالم    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    إصابة طبيب في قصف إسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    آل غالب وآل دغمش يتلقون التعازي في فقيدهم    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    المملكة تعزز التعاون لمكافحة الفساد والجريمة واسترداد الأصول    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    المدى السعودي بلا مدى    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يرى أن فيلمه الجديد "معالي الوزير" غير تقليدي . سمير سيف : الزمن هو من يحدد مكانة الافلام وقيمتها وتأثيرها
نشر في الحياة يوم 10 - 01 - 2003

استطاع المخرج المتألق سمير سيف المحافظة على مستواه الفني خلال مشواره السينمائي الذي أثمر 25 فيلماً يعد معظمها من علامات السينما العربية. وهو يعيد ذلك الى وضعه خطاً أحمر حدد نوعية أعماله ومواضيعها لم يتجاوزه تحت أي ظرف من الظروف، الى جانب أنه يعطي لنفسه "الوقت الكافي للاستزادة والامتلاء" على حد قوله سواء بالقراءة أم السفر أم الرؤية ليعود ويقدم بقوة أعمالاً على المستوى نفسه المتميز. كما أنه يعتبر نفسه محظوظاً كونه يقوم بتدريس الاخراج لطلبة معهد السينما فيستفيد منهم بقدر افادته لهم.
أخيراً قام سمير سيف بإخراج فيلم "معالي الوزير" من بطولة أحمد زكي ويسرا ولبلبة وهشام عبدالحميد وتأليف وحيد حامد، وقد عرض في مهرجان القاهرة السينمائي الماضي، كما حقق نجاحاً كبيراً عند عرضه جماهيرياً واعتبر أحسن فيلم خلال العام 2002. عن هذا الفيلم وفيلمه الجديد "ذيل السمكة" الذي يعرض في اجازة نصف العام، التقته "الحياة".
هل كنت تتوقع أن يحقق فيلم "معالي الوزير" هذا النجاح؟
- أرى أن ما حدث شيء طيب للغاية لأن موضوع الفيلم غير تقليدي وشكله ايضاً غير تقليدي، لأنه مبني على موقف لم نعقد رؤيته وبالتالي كان التحدي الأساسي في تبسيط هذا الموقف وتقديمه في قالب قريب من ذهن المتفرج العادي، حيث يكون ممزوجاً بقدر من خفة الدم والكوميديا حتى تصل رسالة الفيلم وقد تحقق ذلك من خلال رد فعل الناس.
ثقة
لو كان هذا الفيلم لمؤلف غير وحيد حامد ومخرج غيرك، هل كان يمكن أن يرى النور؟
- موضوع هذا الفيلم قد لا ترحب بانتاجه الجهات المعهودة عادة. لقد مر على أكثر من جهة تهيبت من انتاجه، وأعتقد أن وجودنا نحن الاثنين اعطى ثقة نوعاً ما بأن تكون النتيجة جيدة الى حد ما.
البعض شن حملة كبيرة على الفيلم، ولكن دعني اتوقف أمام جملة جاءت في مقال يقول ان "الفيلم مقال نفسي ذو أبعاد سياسية ومصور سينمائياً"، ما رأيك؟
- يظل الفيلم في حضانتنا الى ان يُعرض في أول عرض عام، بعد ذلك يكون مثل الطلقة التي خرجت من البندقية، لا يمكن ايقافها، عندها لا يكون ملكاً لنا بل ملك من يشاهده ويرى فيه ما يريد أن يراه. وهذا الفيلم يسري عليه هذا تحديداً. إذ من الممكن أن آخذ هذا الكلام في جانب ردود الفعل الايجابية. لكن هناك آخرين لم يعجبهم الفيلم على الاطلاق وكتب أحدهم عنه "هذا شيء المُسمى فيلماً". هذه النوعية من الاعمال اما تثير اعجاباً شديداً أو رفضاً شديداً وليس له أرضية وسط، وأعتقد أيضاً أن هذه علامة صحة. وفي النهاية اختبار الزمن هو الذي يحدد للأفلام مكانتها وقيمتها وتأثيرها، ومن حق كل شخص أن يرى ما يريد في الفيلم طالما يستطيع ان يجد الدليل الى ما يقوله. وليس مفروضاً أن يتلقى كل الناس الفيلم بالطريقة ذاتها.
البعض قال إن أداء أحمد زكي في الفيلم تأثر كثيراً بأدائه في فيلم "ايام السادات"؟
- وآخرون قالوا تأثر ب"ناصر 56". نحن لا نستطيع ان نفصل تاريخ الممثل او خبراته عن ادائه، فلنقارن هنا بفنان أعتقد ان احمد زكي يحبه ويبجله ولا خلاف على قيمته العالمية، روبرت دي نيرو، فهو ينوع في شخصياته لكن هناك ملامح أساسية تجدها في كل أداء له، حتى حركات يديه وتعبيرات وجهه تتكرر في الافلام وهذا ما يعطيه طابعه الخاص. مؤكد عندما تشاهد احمد زكي تستدعي بالضرورة ملامح من أدوار اداها سابقاً لأن هذا جزء من تاريخه وخبرته. انما متى يحق لك ان تنتقد؟ عندما تجده يقلد تماماً شخصية اخرى لا تناسب شخصية الفيلم.
أفضل لاعب
رشح أحمد زكي لبطولة الفيلم ثم اعتذر ورشح محمود عبدالعزيز ثم عاد ثانية الى أحمد زكي. هل اعطاك زكي ما كنت تنشده في شخصية "الوزير"، خصوصاً أن هذا كان اللقاء الأول الذي يجمعكما؟
- مئة في المئة، وهو من الممثلين "الذين يفتحون نفسك على الشغل" تخيل انك مدرب ومعك افضل اللاعبين، فهذا سيجعلك تضع افضل الخطط وتحلم بتحقيق نتائج كبيرة، وهذا هو الوضع تماماً عندما نجد ممثلاً من طراز زكي لأنه يعطيك فرصة للحصول على اداء من المستوى الرفيع، أما مسألة الاعتذارات فهذا الأمر يحدث دوماً في كواليس كل الافلام حتى العالمية لأسباب كثيرة انتاجية وشخصية وغيرها.
ما يميز احمد زكي عن غيره من بقية النجوم؟
- انه ذكرني بأمور كثيرة لدى سعاد حسني منها أنه لكي يبدع الفنان لا بد من أن يكون مقتنعاً تمام الاقتناع بما سيؤديه، وهذا الذي يجعلنا نتناقش كثيراً قبل التصوير، ولكن عند التصوير لم أجد ممثلاً في مثل طاعته وهذا حقيقي، الأمر الثاني الذي يميزه انه من الممثلين الاندماجيين، اي الذين يغلب لديهم انغماسهم في الشخصية على وعيهم بتقنيات العمل، وهذه مدرسة مشهورة ينتمي اليها فنانون مثل زكي رستم وعادل أدهم، حتى لو كانت هناك متاعب تنجم عن الأمر. النتيجة تعوض هذا النقص، هذا الى جانب الاشياء الاخرى المعروفة عن زكي ومنها مقدرته على ان يفاجئك في شكل الاداء وعدم الانجراف نحو الصيغ المعادة والمكررة.
هل تصنف الفيلم في اطار الفانتازيا ام ماذا؟
- ربما، لأن الشكل قائم على كوابيس الا ان هذه الكوابيس ليست في الحقيقة إلا إنعكاساً لما في الحياة اليومية، وبالتالي نستنتج من خلاله اشياء كثيرة جداً عن سلوكياته وهذا يعطي حرية أكثر في النقد وثانياً شكلاً فنياً مختلفاً عن الافلام التقليدية.
أكد البعض ان كسر "التابو" في الفيلم لا يرقى الا الى مستوى الكابوس، فلقد ابتعد تماماً عن تشريح الشخصية واكتفى بقشرتها، ما تعليقك؟ وهل كان يمكن كسر "التابو" بأسلوب آخر؟
- من الاشياء التي تضايقني في النقد مطالبة الفنان بعمل فيلم على مقاس الكاتب. نحن حققنا فيلماً بهذا الشكل فناقشني في حدوده، أما أن تتصور فيلماً آخر فأمر يخصك. نحن وجدنا ان الكابوس هو وسيلتنا لتشريح الشخصية لأن أصدق شيء يعبر عن داخل الانسان أحلامه وكوابيسه لأن آليات الدفاع التي يستخدمها الانسان في حياته الواعية تكون مستسلمة تماماً. ما يدور في داخله فعلاً هو الذي يخرج، وبالتالي لن تكون القشرة. هنا يكون الولوج في أعمق أعماق الشخصية وليس الوقوف عند القشرة فقط.
قيام يسرا بمشهد وحيد في الفيلم هل مثّل اضافة إليه؟
- الاجابة موجودة في السينما العالمية حيث نجد كبار النجوم يقومون بمشهد واحد وأقرب مثال فيلم "الوعد" لجاك نيكلسون من اخراج شون بن الممثل. وهذا يعطي ثقلاً كبيراً لهذا المشهد ويمنحه اهمية في نظر المتفرج لأنه عندما يقوم نجم كبير بأداء هذه الشخصية فهذا يستثير وسائل الاستشعار لدى المتفرج بخلاف مشهد يؤدى بشخصية غير معروفة أو ثانوية وهذا جزء من اسلوب صانعي الفيلم لاضفاء نوع من الثقل والتوضيح والتركيز.
هذا هو لقاؤك الرابع مع لبلبة بعد غياب طويل، هل حدث تطور ما في ادائها؟
- نعم. لأنها تمر بمرحلة نضج كبيرة وتعيش اختلافاً بيّناً عن مرحلة حياتها الاولى التي بدأت بالمونولوجات والتقليد والاغاني الخفيفة. لقد اكتسبت خبرة وعمقاً في السنوات الأخيرة، ما يجعلها شخصية مختلفة تماماً.
لو كان في مقدورك اخراج هذا الفيلم مرة ثانية هل كنت ستنفذه كما ظهر أم ترى اشياء مرت كان يمكن تداركها؟
- الكمال لا يوجد إلا في ذهن الانسان، وفي جميع الاعمال التي اراها أجد اشياء مرت عليّ، وهنا اذكر كلمة احد المخرجين القدامى وهي ان الفيلم يكون عند عرضه بمثابة "المسودة" الاخيرة ولكن لا يمكن مراجعتها ثانية لأنها خرجت الى الناس، وهذا رد فعل صادق تماماً، وهذا السبب يجعلني لا أرى أفلامي بعد ذلك. الى جانب أن الانسان ينضج وتزداد خبراته ويتقدم فكره، فلا يمكن ان يرى شيئاً قدمه قبلاً بالطريقة نفسها.
علاقة زواج
"معالي الوزير" هو فيلمك التاسع مع المؤلف وحيد حامد الى جانب أربعة مسلسلات تلفزيونية، ماذا يعجبك في كتابات حامد دون غيره؟ وهل ترى أن "الدويتو" بين مخرج ومؤلف في مصلحة العملية الفنية؟
- قديماً وصفوا العلاقة بين المخرج والكاتب بأنها كعلاقة الزواج اذا لم يكن فيها تفاهم على رغم ما يجب ان تحمله من الخلافات الصغيرة في الداخل، فلا تصلح، وهي في النهاية علاقة تآلف واندماج تسمح بخروج هذه الاعمال لو لم تكن موجودة "تبقى مرة وخلصت". وقد يكون أكثر ما أراه في وحيد حامد مقدرته على لمس مواضيع تتميز بالابتكار أو الجدة وبقدرتها على إثارة المناقشة والجدال.
ذكرت انك تريد أن تعبر عن هواجسك وأفكارك من خلال رسائل صغيرة مباشرة متضمنة في ثنايا العمل الذي كثيراً ما يبدو بسيطاً في خارجه. ماذا تقصد بهذا؟
- أقصد أنني لست من أصحاب الصوت العالي أو الافكار الكبرى، أي الذين يقولون "انني ادافع عن المهمشين - أُعبر وأرصد، وأغيّر وهكذا" انه كلام كبير يضع صاحبه في مصاف الفلاسفة وكبار المصلحين الاجتماعيين والمفكرين. ولكن في السينما قد يكون المرء في حاجة الى ان ينظر اليه الشخص بقدر من التواضع لأننا نعرف في النهاية، ان الفيلم السينمائي، شئنا أم أبينا، أداة ترفيهية في المقام الأول والبراعة ان تستطيع التواصل مع المستويات كافة وان تمتع رجل الشارع بمستوى معين من القصة ثم تمتع الأكثر ثقافة وعمقاً بمستوى آخر داخلي ثم الأكثر بمستوى ثالث وهكذا. وهذا يتأتى من أن على الفيلم أن يضم في داخله رسائل يمكن الا تكشف عن نفسها في الرؤية الاولى للفيلم. وهذا ما يعطي الفيلم ثراءه ونسيجه ودسامته. أما أن تقول عبارة طنانة كما لو كانت ذات تعبير فلسفي فهذا يذكرنا بالمحاولات التي كانت تحدث مثلاً في أفلام الماضي التي فشلت.
كيف استطعت المحافظة على توهجك الفني خلال مشوارك الذي أثمر 25 فيلماً، وكيف يحافظ المخرج عموماً على هذا التوهج؟
- بأن يضع ما يشبه الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه، تحت أي ظرف من الظروف ومنها الاحتياج المادي او الرضوخ الى طلبات أي طرف من الأطراف المشاركة في العمل. وأنا بقدر الامكان عملت على الا اتجاوز هذا الخط الذي يحدد مستوى معيناً. قد يعجبك الفيلم أو لا، انما لا تستطيع ان تقول انه فيلم سيئ أو لم ينفذ في الشكل الجيد المناسب. هذا قد يكون القاعدة البسيطة التي وضعتها في حياتي، إضافة الى شيء آخر يفسر قلة عدد أعمالي وهو أن يكون لدى الانسان وقت للاستزادة ليعطي ويضخ من جديد، وهذا يعني القراءة والسفر والرؤية. هذه الاشياء تساعد في ان تفرز مرة ثانية. والوعي بهذا يجعل الشخص لا يتعجل العمل باستمرار. الى جانب أن هناك شيئاً اعتبر نفسي محظوظاً به، وهو أنني أدرّس منذ تخرجت في معهد السينما، والتدريس يجعلك شئت أم أبيت تتابع باستمرار ما يدور حولك في العالم السينمائي لتستطيع أن تعطي الطلبة آخر ما توصل اليه الفن السينمائي، وهذا يجعلك انت ايضاً متجدداً فتكون دوماً متقد المعرفة. وهذا ينعكس في شكل غير مباشر حتى على عملك.
هل كان من الممكن الافادة من الوقت الذي يضيع في التدريس في انجاز أفلام سينمائية، أم أنك استفدت من عملك الاكاديمي بصورة جيدة؟
- التدريس طريق ذو اتجاهين: انت تستفيد من الذين تعلمهم بقدر افادتك لهم لأنك طوال الوقت تتعامل مع أجيال متجددة لها خلفية ثقافية مختلفة وطريقة رؤية للأمور مغايرة، واحتكاكك بهم يجعلك دائماً على تواصل مع المزاج العام السائد ولا يجعلك متقوقعاً في مكان بعيد لا تعرف كيف يفكر الشباب أو يرى؟ وماذا يؤثر فيه؟ أعتقد أن عملي الاكاديمي كان مكملاً ومفيداً حتى لو أنه يقتطع من وقتي. ولكنه اقتطاع للمصلحة.
ما أقرب أعمالك الى قلبك؟ ولماذا؟
- دائماً تكون أكثر الاعمال قرباً من صاحبها تلك التي حققت نسبة أكبر في الاقتراب من النموذج أو المثل الذي كان يطمح اليه. صحيح أن ما يريده الشخص لا يحققه بنسبة مئة في المئة ولكن بنسبة أكبر من غيره لأن غيره تكون تدخلت فيه أحياناً اشياء، وهو سينجح ولكن ليس بتفوق. "والأولاد الشاطرون" الذين اعتبرهم نجحوا بتفوق كانوا أول فيلم لي "دائرة الانتقام" ثم "المشبوه" و"النمر والانثى" و"المطارد" و"الراقصة والسياسي" والفيلم الذي لم يحقق النجاح المأمول عند عرضه "المتوحشة" والذي بدأ يأخذ مكانه وأصبح فيلماً له مريدوه ويكتسب أناساً أكثر للفرجة عليه.
تسامح
غالبية أفلامك من تأليف وحيد حامد وابراهيم الموجي، لماذا لا تتعاون مع مؤلفين شباب؟ ام أن كتاباتهم لا ترقى الى ما تتطلع اليه؟
- كوني اقوم بالتدريس يجعلني أكثر تسامحاً وتقبلاً للأجيال الجديدة، بدليل أنني اتعامل معها. ومن هنا اقرأ أعداداً كبيرة جداً من الاعمال ولكن في اختياراتي للسيناريو الذي اخرجه لدي منطق عجيب وهو أن اقع فوراً في هوى العمل. غيره قد يكون بالمعايير الفنية الموضوعية جيداً ولكنه لا يمس "حتة فيّ". علاقتي بالسيناريو الذي أخرجه لا بد من أن تثير شيئاً فيّ يستفزني أو يحركني للإقدام على اخراجه، وكونه لم يحركني ليس معناه أنه عمل سيئ.
هل أنت من نوعية المخرجين التي تستخرج من الممثل ما تريده أم تعتبر التمثيل مسؤولية كل ممثل؟
- أنا أساساً مخرج ممثلين طبعاً. الجزء الحرفي موجود لدي ولكنني لا اجعل أحداً يشعر به. أنا أنتمي الى مدرسة فن اخفاء الفن. ان الجهد المبذول في العمل لا بد من أن يختفي وقد تهيأ لك ان هذا شيء عادي جداً على رغم صعوبته. وأركز هنا أن الذي يبرز للمشاهد هما القصة والممثل لأنهما ما يصل حقاً ومباشرة الى المتفرج ويؤثران فيه. وبالتالي اهتمامي بالممثل اهتمام أساسي وأولي. وأعتقد أنني لا أنصرف عن لقطة ما لم تصل الى أفضل مستوى يمكن الوصول اليه.
من يعجبك من المخرجين الشباب الذين ظهروا اخيراً وهل تشعر أن أحدهم يمكنه ترك بصمة في السينما المصرية؟
- كل من يعملون الآن قمت بتدريسهم في مرحلة او اخرى، ومنهم من عمل معي مساعداً وشعوري تجاههم جميعاً شعور أبوي، فكأنك تسأل أباً تقول له مَنْ مِن أولادك اقرب إليك؟ انه سؤال تصعب الاجابة عنه. أحبهم جميعاً وأتابع أعمالهم وعندما يسألونني أقول لهم بمنتهى الامانة والصراحة والوضوح ماذا اعجبني وماذا لم يعجبني لديهم.
شحنة تفاؤل
ماذا تفعل في حال تصادم خيالك السينمائي مع واقع محيط بك في عمل فني؟
- في أوقات الأزمات انزع دائماً نحو الرؤية والقراءة عن السينما وأعيش في جو السينما الجميلة وأشاهد أعمالاً جيدة، وأقرأ كتباً عن الفن السينمائي كما يجب أن يكون فيعطيني هذا شحنة من التفاؤل الى أن اجتاز الأزمة حتى لا أشعر بالمرارة أو يصيبني قدر من الاحباط أو اليأس.
إلى أي مدى يمكن أن تتدخل في نص مكتوب؟
- في إطار عملي كمخرج لأنني كما يقال في القانون وهذا تعبير يقوله دوماً وحيد حامد مخرج يبسط فكره، أنا أبسط فكري في السيناريو والتصوير والموسيقى التصويرية والمونتاج لأن هذا جزء من عملي كمخرج وليس شيئاً اضافياً، وبالتالي فإن تبسيطه فكرياً في السيناريو جزء اساسي ومهم جداً في عملي الاخراجي.
ما تعليقك على النجاح الجماهيري الكبير والايرادات الضخمة التي حققها فيلم "اللمبي"؟
- اقول دائماً ان هذا النجاح ظاهرة اجتماعية. لكن علينا ألا نحاول تحليل العمل فنياً لنقول لماذا نجح الآن. النجاح الكبير يتجاوز التحليل الفني ويصل الى مرتبة الظاهرة الاجتماعية، إذ يكون الفيلم مس شيئاً في الناس. لا يمكن أن يكون هناك نجاح من فراغ.
هل تشعر بالحنين الى الانتاج السينمائي بعد حل شركة "بوب آرت فيلم" التي كنت شريكاً فيها الى جانب المصور سمير فرج والراحل مصطفى متولي؟
- بالتأكيد، وأنا كونت أخيراً شركة خاصة بي وأعتقد أن هذا هو التطور الطبيعي إذ مع الوقت او الخبرة يكتسب الفنان رؤية أشمل للأمور وكلما كانت مقاليد الامور في يدك كلما خرج العمل قريباً من تصورك.
علق الكثير آمالاً عريضة على جهاز السينما في مدينة الانتاج الاعلامي، ولكن للأسف لم يثمر عامان من الوعود والتصريحات وعشرات المشاريع إلا فيلم "معالي الوزير"؟
- أعتقد أن الأمر في النهاية يرجع الى مستوى الادارة، فلو أنها متطورة ومرنة تنجح المؤسسة أو الجهاز سواء كان شركة خاصة أم حكومية، أما اذا ادير بعقلية روتينية تهتم بالشكل لا بالجوهر فسنظل في محلنا ويتحول جهاز السينما الى الاجهاز على السينما.
فيلمك الذي صورته قبل "معالي الوزير" "ذيل السمكة" سيعرض خلال اجازة نصف العام، وتلعب بطولته مجموعة من الشباب منهم: حنان ترك وعمرو واكد وسري النجار. هل يختلف تعاملك مع الشباب عنه مع كبار النجوم؟
- في تقديري أنني أتعامل على قدر واحد، ولو جاء داستين هوفمان او روبرت دي نيرو سأتعامل معهما بالطريقة نفسها. لا أنظر الى شاب أتعامل معه من علِ أو من واقع أنه وجه جديد، علاقتي بالممثل الكبير هي نفسها بالصغير، بل في حال الصغير يكون حجم التسامح والصبر أكبر لأن خبرته أقل وحاجته الى التشجيع والطمأنينة أكثر. أنا أشك في أن الذي سيرى فيلم "ذيل السمكة" سيقول ان هذا أول أو ثاني عمل لمعظم أبطاله. أزعم هذا؟
ما جديدك؟
- اقرأ الآن نصوصاً كثيرة الى أن أجد العمل الذي يحرك فيّ شيئاً وأنا بطبيعتي لا أفكر عادة إلا في أمر واحد أركز عليه وأعمل من أجل انجازه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.