اعترفت وزارة الطاقة الأميركية بأن منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك ستتحمل العبء الأكبر في تلبية الزيادة المهمة المتوقعة في الطلب الدولي على النفط في العقدين ونيف المقبلين، لكنها لم تقلل من أهمية الدور الذي يلعبه المنتجون الآخرون بل اعتبرت "الاحتمالات المستقبلية لدور العراق في المنظمة مثيرة للاهتمام" وان رأت أن الظروف السياسية والاقتصادية والبيئية ستلعب دوراً أكثر أهمية مما ستلعبه مصادر النفط في تقرير اتجاهات العرض والطلب حتى سنة 2025. وأبرزت ادارة معلومات الطاقة، التابعة للوزارة، في تقرير آفاق الطاقة لسنة 2003 ثلاثة تطورات سبق أن أكدتها تقاريرها السابقة وان تضمنت هذه المرة تعديلات مهمة من ضمنها مد فترة الآفاق حتى منتصف العقد الثالث، وتمثلت هذه التطورات في احتفاظ النفط بدوره المهيمن وتحقيق معدلات نمو قوية في قطاع النقل طوال الفترة المقبلة وتزايد أهمية الدول النامية كمستهلك رئيسي للنفط بالمقارنة مع الدول الصناعية كمجموعة وانفراد سوق أميركا الشمالية، التي تضم كذلك كندا والمكسيك، بأكبر زيادة في استهلاك النفط بعد منطقة آسيا. وتوقع التقرير نمو استهلاك النفط بنسبة 1.8 في المئة سنوياً في الفترة من 2001 الى 2025 ما سيضيف نحو 42 مليون برميل الى الاستهلاك الدولي الذي ينتظر أن يصل الى 119 مليون برميل يومياً في نهاية الفترة. وستأتي هذه الزيادة، من احتفاظ النفط بموقعه المهيمن، في توليفة مصادر الطاقة على رغم تعاظم المنافسة التي يواجهها من الغاز الطبيعي واحتمال مواجهة منافسة مستجدة في وقت لاحق من بعض أشكال الوقود البديل خصوصا الهيدروجين. واحصائيا ستنخفض حصة النفط من 39 في المئة من اجمالي امدادات الطاقة عام 2001 الى 38 في المئة سنة 2025 الا أن استهلاك الطاقة في العالم سيرتفع في الفترة المذكورة بنسبة تصل الى 58 في المئة، وسيكون النفط أحد أكبر المستفيدين لأسباب عزاها التقرير الى نمو قوي متوقع في استخدام النفط في قطاع النقل في الدول الصناعية ونمو مماثل في تشكيلة واسعة من الاستخدامات النهائية للنفط في الدول النامية. ولن يتحقق النمو المتوقع في استهلاك النفط قبل حدوث تغير كبير في خارطة الاستهلاك الدولي، اذ لفت المحللون في ادارة معلومات الطاقة الى أن الدول النامية كمجموعة لا يزال من المتوقع أن ترفع حصتها من 36 في المئة من اجمالي الاستهلاك الدولي سنة 2001 الى 43 في المئة سنة 2025 وهي زيادة ضخمة نسبيا ستأتي بمساهمة قوية من الاقتصادات ذات الدينامية العالية مثل الاقتصادين الصيني والهندي. وبالمقارنة مع الدول النامية ستنخفض حصة الدول الصناعية من 57 في المئة عام 2001 الى 50 في المئة بحلول 2025 الا أن الجزء الأعظم من الانكماش المتوقع سيأتي بسبب ضعف نمو الطلب في دول الاتحاد الأوروبي حيث من المتوقع أن تحتفظ أسواق أميركا الشمالية بديناميتها العالية، من واقع أنها ستسجل في مدى الفترة المشار اليها زيادة صافية في الاستهلاك المحلي يصل مقدارها الى 12.2 مليون برميل يوميا بالمقارنة مع 15 مليون برميل يوميا بالنسبة للاقتصادات الآسيوية النامية. وفي ما يتعلق بدور امدادات النفط في آفاق الطاقة أكد المحللون الأميركيون أن "أوبك" ستكون المستفيد الأكبر من الزيادة المتوقعة في الاستهلاك الدولي، وان كانت المنافسة التي خفضت حصة "أوبك" من 52 في المئة من أسواق النفط الدولية عام 1973 الى أقل من 40 في المئة عام 2001 ستستمر في الفترة المقبلة وستتركز أهم مصادرها في الحقول البحرية في آسيا الوسطى قزوين وأميركا الجنوبية والمياه العميقة قبالة سواحل غرب أفريقيا. انتاج "اوبك" يتجاوز 55 مليون برميل يومياً ووفق تقديرات أساسية تأخذ في الاعتبار مستويات معتدلة من الأسعار ضمن النطاق السعري لأوبك توقع المحللون أن تتطلب آفاق النفط من "أوبك" زيادة انتاجها بنسبة 2.5 في المئة سنويا في الفترة المقبلة، ما سيعني في المحصلة أن المنظمة يُنتظر أن تلبي ما لا يقل عن 61 في المئة من الزيادة المتوقعة في الاستهلاك الدولي لترفع بذلك حصتها في أسواق النفط الى نحو 47 في المئة بحلول سنة 2025 في حين سيصل انتاجها الى 55.6 مليون برميل يوميا واجمالي صادراتها الى 52.7 مليون برميل. دول الخليج ومن بين أعضاء "أوبك" ستنفرد الدول الخليجية بالقسط الأوفر من عبء زيادة الانتاج اذ يتوقع أن يرتفع انتاجها من 21.7 مليون برميل يومياً سنة ألفين الى 30.7 مليون برميل سنة 2010 ثم الى 42.9 مليون برميل سنة 2020 لترتفع بذلك حصتها في الانتاج الدولي الى 37 في المئة بالمقارنة مع 28 في المئة عام ألفين بينما سترتفع صادراتها من 16.9 مليون برميل عام 2001 الى 35.8 مليون برميل سنة 2025، ما يعادل 30 و38 في المئة من الواردات الدولية في بداية الفترة ونهايتها على التوالي.