في تقديرات أولية تناولت آفاق الطاقة لسنة 2003 نشرتها أمس أجرت وزارة الطاقة الأميركية تعديلات ملموسة على توقعاتها في شأن نمو الطلب الدولي على النفط الخام في العقدين المقبلين لكنها أكدت أن اعتماد السوق الأميركية على واردات النفط، خصوصاً من منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، سيتعاظم بشكل مطرد الى أكثر من ثلثي الاستهلاك المحلي في نهاية الربع الأول من القرن مقارنة بنحو 37 في المئة فقط عام 1980. توقع المحللون في ادارة معلومات الطاقة التابعة للوزارة في تقرير سنة 2002 أن يرتفع الطلب الدولي على النفط من 76 مليون برميل يومياً في 2001 الى 118.9 مليون برميل بحلول سنة 2020 لكنهم يعتقدون الآن أن الحجم الاجمالي لاحتياجات الدول المستهلكة من النفط قد لا يتجاوز 112 مليون برميل وعزوا السبب الى انخفاض توقعات الاستهلاك في الاتحاد السوفياتي سابقا والبلدان النامية ومن ضمنها كبار المستهلكين الصين والهند. ولم يقدم المحللون الأميركيون الكثير من التفاصيل في معطياتهم الأولية التي ستصدر كاملة مطلع السنة الجديدة لكن تقديرات نمو الطلب في بلد مستهلك رئيسي مثل الصين تتباين بشكل حاد اذ رأت وكالة الطاقة الدولية في تقرير أصدرته الشهر الماضي أن الطلب المحلي في الصين سيتضاعف في الفترة من السنة الجارية الى سنة 2020 بينما يعتقد المحللون الصينيون أن النمو المتوقع في الفترة المذكورة قد لا يتجاوز 50 في المئة كنسبة مئوية. وحسب ادارة معلومات الطاقة من المتوقع أن يستمر النمو في الطلب الدولي بعد سنة 2020 ليصل اجماليه من النفط الخام التقليدي وغير التقليدي مثل النفط الثقيل وما يسمى النفط الاصطناعي المستخرج من القار أي الرمال النفطية ليصل الى 123.2 مليون برميل يومياً بحلول نهاية الربع الأول من القرن. وجدد المحللون الأميركيون التأكيد على الدور الرئيسي الذي ستلعبه "أوبك" في تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب الدولي اذ توقعوا أن يتضاعف انتاج "اوبك" مرتفعاً من 28.2 مليون برميل يومياً العام الماضي الى 60.1 مليون برميل بحلول سنة 2025 مفترضين توافر استثمارات كافية لتحقيق هذا التوسع الضخم في الانتاج. لكنهم توقعوا في الوقت نفسه أن تعمل زيادة الانتاج في "أوبك" وخارجها على نمو أسعار النفط ببطء ملحوظ في الفترة حتى سنة 2025 مشيرين الى أن العوامل القصيرة المدى مثل خفض انتاج "أوبك" والمخاطر الجيوسياسية التي رفعت الأسعار من 16 دولاراً للبرميل مطلع السنة الجارية الى مستوى يراوح بين 25 و30 دولاراً في الفترة الأخيرة، تفقد بعض فاعليتها في المدى الطويل. وفي حال أصاب المحللون الأميركيون في توقعاتهم ينتظر أن ترتفع الأسعار الدولية للنفط الخام وفعليا متوسط أسعار واردات المصافي الأميركية من 22.1 دولار للبرميل متوسط العام الماضي الى 25.83 دولار السنة المقبلة ثم تتراجع الى 23.27 دولار بحلول سنة 2005 قبل أن تعاود الصعود ببطء لتصل الى 25.5 دولار سنة 2020 والى 26.5 دولارا سنة 2025 وجميعها مقومة بأسعار سنة 2001 اذ أن السعر الأسمي لنفط سنة 2025 سيصل الى 48 دولاراً للبرميل. وعلى رغم التراجع المتوقع في الطلب الدولي على النفط أضافت ادارة معلومات الطاقة قرابة نصف مليون برميل يومياً على توقعاتها السابقة في شأن حجم الطلب الأميركي الذي يتوقع الآن أن يرتفع الى 27.13 مليون برميل يومياً سنة 2020 ويرتفع ثانية الى 29.17 مليون برميل يومياً سنة 2025 مسجلاً زيادة سنوية بنسبة 1.7 في المئة في المتوسط. وأرجعت سبب هذا التعديل الى زيادة متوقعة في استهلاك قطاع المواصلات الذي سيشكل 75 في المئة من اجمالي الاستهلاك المحلي سنة 2025. وسيترافق نمو الطلب مع تراجع الانتاج المحلي الذي سينخفض الى 5.3 مليون برميل يومياً في فترة المقارنة أي أقل بنحو 200 ألف برميل يومياً في تقديرات تقرير 2002 مسجلاً هذه المرة نمواً هزيلاً لا تزيد نسبته على 0.4 في المئة وان كان الانتاج الاجمالي من النفط الخام وسوائل الغاز سيرتفع من 7.7 مليون برميل يوميا الى 8 ملايين برميل في الفترة المذكورة. وستساهم المعادلة السلبية للانتاج والاستهلاك المحليين في زيادة اعتماد أميركا على المنتجين الآخرين لسد حاجتها من النفط وتوقع المحللون أن تضطر أميركا الى تأمين أكثر من ثلثي احتياجاتها، وتحديداً 68 في المئة منها، من المصدرين بحلول سنة 2025 وذلك بالمقارنة مع 55 في المئة السنة الماضية و42 في المئة سنة 1990. ولم يشر المحللون الى حدوث تغيير في توقعاتهم بخصوص تشكيلة الواردات الأميركية التي بلغت حصة "أوبك" فيها في النصف الثاني من السنة الجارية نحو 42 في المئة، لكنهم جددوا توقعاتهم في أن تشكل المنتجات المكررة نحو ثلث الواردات سنة 2025 مقارنة بنحو 15 في المئة فقط في الوقت الراهن واعترفوا أن تحقق هذه الزيادة الضخمة سيتوقف على مدى توافر هذه المنتجات في الأسواق الدولية. وخارج "أوبك" توقعت ادارة معلومات الطاقة أن يرتفع الانتاج من 45.5 مليون برميل يومياً العام الماضي الى 58.8 مليون برميل بحلول سنة 2025 مشيرة الى أن انخفاض انتاج الدول الصناعية أميركا وكندا والمكسيك وبحر الشمال واستراليا بنحو مليون برميل يومياً في فترة المقارنة سيجد تعويضاً وافراً في مناطق الانتاج الأخرى سيما روسيا وبحر قزوين وغرب أفريقيا والبرازيل.