} أكد تقرير أميركي في شأن آفاق تجارة النفط الخام في العقدين المقبلين أن الدول الخليجية المصدرة ستبدأ في دعم موقعها في الأسواق العالمية في غضون سنتين وستستعيد كامل حصتها التاريخية بحلول سنة 2020، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن القدرات الانتاجية لهذه الدول وتوافر الامكانات الاستثمارية لزيادتها ستلعب دوراً مهماً في تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي وتحديد مسار أسعار النفط في المستقبل المنظور. قال تقرير أصدرته إدارة معلومات الطاقة الاميركية، ضمن سلسلة من التقارير المهمة في الاسبوع الأخير من العام المنصرم، ان حصة الدول الخليجية من اسواق النفط بلغت ذروتها في عام 1974 عندما شكلت زهاء ثلثي إجمالي مبيعات النفط في أسواق النفط العالمية، لكنها انخفضت تدريجاً بسبب ارتفاع أسعار النفط طوال عقد كامل وما نجم عنه من تراجع ملموس في الاستهلاك العالمي وتدنت دون مستوى 40 في المئة قبل أن تستعيد بعض زخمها عقب إنهيار أسعار النفط في عام 1985. وتوقع محللون يعملون لدى إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأميركية أن تشكل صادرات النفط الخليجية زهاء 50 في المئة من مبيعات النفط العالمية بحلول سنة 2002 وللمرة الأولى منذ مطلع الثمانينات وسترتفع باطراد في الفترة اللاحقة لتشكل أكثر من 62 في المئة في سنة 2020، لافتين إلى أن الزيادة المتوقعة في الصادرات ستأتي من جميع الدول الخليجية المنتجة، إلا أن السعودية والعراق على وجه الخصوص يتوقع أن تضاعفا من قدراتهما الانتاجية. ويعتقد المحللون أن الدول الخليجية ستكون المستفيد الأكبر من الزيادة المتوقع أن يسجلها الاستهلاك العالمي للنفط في العقدين المقبلين. وتوقعوا إرتفاع إجمالي الطلب العالمي بنسبة مركبة تناهز 55 في المئة ليصل إلى 117.4 مليون برميل يومياً بحلول سنة 2020. وتتضمن توقعات الطلب العالمي المشار إليها زيادة بنحو خمسة ملايين برميل يومياً على توقعات سابقة لادارة معلومات الطاقة وتعزا إلى إدخال تعديلات على حجم الطلب المتوقع في كل من أميركا والشرق الأوسط وروسيا وجنوب شرق آسيا والصين. وأفاد تقرير وزارة الطاقة الأميركية أن التوقعات الخاصة بالدول الخليجية ستنعكس ايجاباً على منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك التي ستحقق فائدة مؤكدة من الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي، إذ ستسجل بلدانها تحولاً مهماً يتمثل في زيادة إنتاجها الاجمالي بإطراد في العقدين المقبلين ليصل إلى 57.6 مليون برميل يومياً في سنة 2020 مايعادل ضعفي إنتاجها في الوقت الراهن ويشكل نحو 49 في المئة من الحجم المتوقع للطلب العالمي في السنة المذكورة. لكن المحللين الأميركيين أشاروا إلى أن "أوبك" ستواجه منافسة حادة من قبل الدول المنتجة غير الأعضاء في المنظمة، لاسيما بعد إجراء تعديل مهم على تقديرات الاحتياط العالمي وزيادته بنحو 700 بليون برميل في منتصف عام 2000 مقارنة بعام 1994 لترتفع بذلك تقديرات انتاج هذه الدول في العقدين المقبلين بنحو 2.9 مليون برميل يومياً، إذ يتوقع الآن أن يرتفع انتاجها من 45 مليون برميل يومياً في عام 2000 إلى 95.5 مليون برميل بحلول سنة 2020 مسجلاً زيادة نسبتها 28 في المئة. وستأتي الزيادة المتوقعة في انتاج الدول غير الأعضاء في "أوبك" بشكل رئيسي من منطقة الاتحاد الروسي، إذ توقع التقرير أن يبلغ انتاج بحر قزوين ستة ملايين برميل يومياً بحلول سنة 2020 في حال لم يقف الغموض السياسي عقبة أمام تطوير هذه المكامن. ولفت في هذا الخصوص إلى إمكانية تسجيل زيادات ملموسة في انتاج كل من البرازيل وكولومبيا والمكسيك وكندا واستراليا علاوة على الحقول البحرية العميقة قبالة سواحل غرب أفريقيا وجنوب الصين التي يتوقع أن تبدأ الانتاج في السنوات القليلة المقبلة. وعلاوة على تحديات إنتاج الدول غير الأعضاء، أوضح المحللون أن الزيادة المتوقعة في إنتاج دول "أوبك"، لاسيما السعودية والعراق، تفترض توافر الاستثمارات الضخمة المطلوبة لزيادة الطاقات الانتاجية الراهنة وقبول الدول المنتجة بهذه الاستثمارات وتوقعوا في هذا المجال استمرار تقييد الانتاج العراقي بموجب اتفاق النفط مقابل الغذاء حتى نهاية السنة الجارية وزيادة هذا الانتاج تدريجاً إلى 3.5 مليون برميل يومياً في غضون سنتين ثم إلى خمسة ملايين برميل يومياً بنهاية العقد الجاري. وأعرب المحللون عن اعتقادهم أن مسألة توافر الاستثمارات والقبول بها تضع ثلاثة إحتمالات لتطور انتاج دول "أوبك" ما من شأنه أن ينعكس بقوة على مسار أسعار النفط الخام في العقدين المقبلين. وأشاروا في سياق تقريرهم إلى أن إنتاج هذه الدول سيرتفع في الاحتمال الاساسي إلى 57.6 مليون برميل يومياً بينما سيرتفع في الاحتمال الأدنى إلى 51 مليون برميل لكنه سيقفز في الاحتمال الأعلى إلى 68 مليون برميل. وتوقع المحللون أن ترتفع أسعار النفط في الاحتمال الأساسي بنسبة 1.2 في المئة سنوياً لتصل في سنة 2020 إلى 22.41 دولار للبرميل، حسب أسعار صرف الدولار الأميركي في سنة 1999 وما يعادل 36 دولاراً بالسعر الاسمي، في حين ستنخفض الأسعار في الاحتمال الأدنى تدريجاً لتصل إلى 15.10 دولار للبرميل في سنة 2005 وتحافظ على هذا المستوى المتدني حتى نهاية الفترة لكنها سترتفع في الاحتمال الأعلى بنسبة 3.1 في المئة سنوياً وتنهي الفترة عند مستوى 28 دولاراً للبرميل. وأوضحوا أن سيناريوهات الأسعار ستنعكس أيضاً على الطلب العالمي الذي يتوقع أن يرتفع إلى 125 مليون برميل يومياً متأثرا بتدني الأسعار وينخفض بإرتفاعها إلى 113 مليون برميل. لكن الاحتمال الأساسي سيرفع الطلب العالمي بنسبة 2.6 في المئة وستساهم الدول الآسيوية النامية بجزء كبير من هذه الزيادة، إذ سيرتفع استهلاكها بنسبة 3.9 في المئة سنوياً في حين سيرتفع الطلب الأميركي بنسبة 1.3 في المئة سنوياً ليرتفع من 19.8 مليون برميل يومياً في عام 2000 إلى 25.8 مليون برميل في سنة 2020. وفي ما يتعلق بالسوق الأميركية، أشار التقرير إلى أن إرتفاع الطلب والتراجع المتوقع في الانتاج المحلي سيؤديان إلى زيادة الاعتماد على الواردات التي ستقفز نسبة مساهمتها في تلبية الاستهلاك المحلي من 51 في المئة في سنة 2000 إلى 64 في المئة في سنة 2020 مرتفعة من نحو 10.9 مليون برميل يومياً إلى 17.4 مليون برميل في الفترة نفسها. وسيشكل النفط الخام الجزء الأعظم من الزيادة المتوقعة في الواردات حتى سنة 2005 تبدأ بعدها حصة المشتقات بالتوسع بسبب عدم توافر طاقات إضافية لدى المصافي الأميركية. وتوقع التقرير أن تزيد الولاياتالمتحدة وارداتها من خامات "أوبك" طوال العقدين المقبلين لترتفع حصة هذه الدول من إجمالي الواردات الأميركية إلى 50 في المئة في سنة 2014 مقارنة بنحو 38.8 في المئة في الوقت الراهن ثم تواصل ارتفاعها لتصل إلى 62 في المئة بنهاية الفترة المذكورة وستنفرد الدول الخليجية بنسبة تراوح من 47 إلى 50 في المئة من حصة "أوبك" طوال الفترة لترتفع مبيعاتها في السوق الأميركية من 2.38 مليون برميل يومياً في الوقت الراهن إلى 3.61 مليون برميل في سنة 2020 مسجلة زيادة سنوية بمعدل اثنين في المئة. وبالمقارنة مع واردات النفط الخام يتوقع أن تسجل الواردات الأميركية من مشتقات النفط الخليجية، ولاسيما الغازولين، زيادة كبيرة تصل إلى 11.6 في المئة سنوياً، إذ سترتفع هذه الواردات من 80 ألف برميل يومياً في الوقت الراهن إلى 780 ألف برميل يومياً بحلول سنة 2020، بينما سترتفع واردات المشتقات من "أوبك" بنسبة 6.8 في المئة سنوياً لتصل في نهاية الفترة المذكورة إلى 1.74 مليون برميل يومياً.