يتحول منتجع ايفيان السياحي الفرنسي إلى قلعة محصنة ومدعمة بحماية أمنية صارمة لمناسبة انعقاد قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى من 1 إلى 3 حزيران يونيو المقبل، وذلك بعد 32 سنة على استضافته توقيع اتفاقية ايفيان الشهيرة التي أدت إلى استقلال الجزائر عن فرنسا. وحكم الأجهزة الأمنية الفرنسية التي تتولى ترتيب القمة حرص مزدوج يقضي بالحؤول دون تعرض المدينة لأي عمل إرهابي، وفي الوقت نفسه عدم تمكين المتظاهرين المناهضين للعولمة من دخولها والتسبب بأحداث شغب على غرار ما حصل في قمة جنوى عام 2001. ولذا تقرر ببساطة اغلاق المدينة أمام الوافدين غير المزودين بطاقات خاصة استصدرت لهم بصفتهم أعضاء في الوفود المشاركة في القمة أو من الصحافيين. أما سكان ايفيان، كباراً منهم وصغاراً، فتسلموا بدورهم بطاقات طلب منهم حملها خلال الفترة الواقعة بين 28 الجاري حتى 3 حزيران، وابرازها لدى دخولهم المدينة أو خروجهم منها. وذكر الناطق باسم وزارة الدفاع الفرنسية جان فرانسوا بيرو أن 11 ألفاً من الجنود ورجال الشرطة سيتولون الأمن في المدينة، تساندهم طائرات من نوع "ميراج 2000" وطائرات انذار مبكر من طراز "أواكس" ومروحيات، إضافة إلى بطاريات صواريخ أرض - جو من نوع "كروتال". ومع بدء القوات والآليات العسكرية بالوصول إلى المدينة، تتجاذب سكانها ردات فعل مختلفة، على حد قول رئيس بلديتها مارك فرانسينا، فبعضهم مسرور للفولكلور الذي بدأ يلف ايفيان ويغير معالمها، والبعض الآخر يرى أنها ستكتسب شهرة إضافية، فيما يتذمر آخرون من الرقابة الأمنية التي ستفرض عليهم طوال مدة القمة. وفي مقدم المرتاحين إلى انعقاد القمة أصحاب الفنادق الذين رأوا الحجوزات تنهال عليهم منذ نحو ستة شهور، فامتلأت كل الغرف لديهم وباتت معدة لاستقبال 30 ألف شخص. ومن المقرر أن يقيم رؤساء الدول والحكومات المشاركون في القمة في فندقي ايفيان الرئيسيين "لورويال" و"ليرميتاج"، وسيتحول كازينو المدينة وقصر المؤتمرات إلى مقرين للاجتماعات، أما المجمع الرياضي فسيصبح قاعة عمل لأكثر من 3 آلاف صحافي. ويعول تجار ايفيان على الصحافة وأعضاء الوفود للتعويض عما سيخسرونه من جراء غياب السياح عن المدينة. ومهما بلغت المضايقات الأمنية التي سيواجهها سكان ايفيان خلال فترة القمة، فإنها لا تقارن بما يتوقعه سكان جنيف القريبة، التي اختارها المناهضون للعولمة مقراً لقمتهم المضادة وتظاهراتهم. وأثار هذا الخيار بعض الاستياء لدى السلطات السويسرية، إذ يفرض عليها تحمل تبعات حدث لا يعنيها بشكل خاص، كما يثير تخوفاً كبيراً لدى تجار جنيف من جراء أعمال العنف التي تواكب عادة هذا النوع من التظاهرات. وفيما يتوقع أن تجتذب القمة حوالى مئة ألف متظاهر مناهض للعولمة إلى جنيف، انقسم أصحاب المتاجر بين من يعتزم اغلاق متجره وبين من فضل تحصين واجهاته بصفائح حديد أو بألواح خشبية. وأثارت هذه التحصينات غضب رئيس جمعية تجار جنيف بونوا غورسكي، الذي قال: "لسنا هنا على جادة الشانزيليزيه، وشوارعنا لا تتسع لهذا العدد من المتظاهرين". وتتحسب السلطات العامة في جنيف لأضرار بالغة قد تلحق بجدران المدينة من جراء الشعارات التي بدأت تطلى عليها منذ الآن وتندد بقمة ايفيان باعتبارها "قمة للشر وللأغنياء".