تحولت مدينة ستراسبورغ الفرنسية أمس، في اليوم الثاني من قمة الحلف الأطلسي (ناتو) من مدينة مغلقة الى مدينة ميتة، بعدما عملت القوات الأمنية على حظر أي حركة وسط المدينة، للسماح للمواكب الرسمية بالتنقل بارتياح الى مقر انعقاد القمة وللحيلولة دون اختراق المتظاهرين المناهضين للحلف ما سمي «المنطقة الحمراء». وخلت الشوارع من أي وجود باستثناء قوات الأمن واضطر الصحافيون الى التوجه سيراً على الأقدام الى المركز الصحافي عبر شوارع فرعية متشعبة، وصولاً الى نقطة العبور الوحيدة المفتوحة أمامهم الى المنطقة الحمراء. وأثارت هذه الاجراءات البالغة التشدد تململ السكان الذين أفسدت عليهم القمة عطلة نهاية الأسبوع، والتجار وأصحاب المقاهي والمطاعم الذين اضطروا الى الاقفال، ما تسبب في نقص مداخيلهم التي تعاني أساساً من تراجع نتيجة الأزمة الاقتصادية. لكن هذا لم يمنع مجموعات صغيرة من المتظاهرين من افتراش الأرض في وضعية الموتى، على مقربة من الحواجز الأمنية، في تحركات بعضها صامت وبعضها عنيف سبقت التظاهرة المركزية التي أجريت بعد الظهر. وصدت الشرطة مئات المتظاهرين باستخدام قنابل مسيلة للدموع قرب ملعب مينو، ما أسفر عن سقوط جرحى، كما تعرضت مجموعة دعاة السلام «لا للأطلسي» (نو نيتو) التي ضمت مواطنين ايطاليين لغاز مسيل للدموع أمام حاجز أمني. كذلك صدت الشرطة قرب المركز الاداري عدداً من المتظاهرين الملثمين الذين تدفقوا على وسط المدينة. وردت 150 منهم على أعقابهم. وتمكن مئة ناشط في منظمة «بلوك نيتو» (سلمية غير عنيفة) من قطع شارع أمام كنيس السلام على بعد 400 متر من قصر المؤتمرات حيث عقدت القمة. واستخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لوقف تقدمهم. وتجمع المتظاهرون خلف لافتة كبيرة سوداء كتب عليها «حلف الأطلسي ارهاب دولي» (نيتو انترناشنل تيرور). وفي شيلتغهايم ضاحية المدينة الشمالية عطل نحو مئتي متظاهر، بينهم خمسون كردياً يطالبون بالافراج عن الزعيم الانفصالي عبدالله أوجلان المعتقل في تركيا، حركة السير في طريق تؤدي الى قصر المؤتمرات حيث تنعقد القمة على ما أفاد مراسل فرانس برس. وأوقفت الشرطة 25 شخصاً خلال تدخلها لتفريق المتظاهرين. وأفاد مقر حاكم اقليم رين الأسفل وعاصمته ستراسبورغ ان «عدداً كبيراً» من الناشطين الذين حملوا قضباناً حديدية وحجارة في أكياس حاولوا الخروج من المخيم الذي خصص للمعارضين في جنوب كبرى مدن منطقة الزاس. ولاحقاً، أضرم ناشطون النار في أحد الفنادق قرب جسر أوروبا الذي يعبر ضفتي نهر الراين بين فرنسا وألمانيا. والتهمت النيران الطابق السفلي للمبنى الذي يضم 78 غرفة والتابع لشبكة الفنادق «ايبيس». وتمكن رجال الإطفاء من التدخل قبل انتشار ألسنة اللهب في الطابق الأعلى. وسبق ذلك إحراق مقنعين متجراً في محطة للوقود. كما أحرق حوالى مئة شخص مركزاً للشرطة كان خالياً أثناء أعمال شغب اندلعت على الجانب الفرنسي من جسر أوروبا.