بدأت بوادر حملة الانتخابات البرلمانية في الكويت في الصحف المحلية، اذ قام عدد من المرشحين، واكثرهم من الجدد ومن مناطق القبائل، بنشر اعلانات يبلغون فيها الجمهور انهم سيدخلون المنافسة، في الوقت الذي يتوقع تراجع مهم في فرص مرشحي القوى السياسية من ليبراليين واسلاميين في كسب تأييد الجمهور، لأسباب مختلفة لمصلحة المعارضين المستقلين. وفي أوساط الأسرة الحاكمة بدأت تحركات استعداداً للتشكيل الحكومي الذي يلي الانتخابات. وربط مراقبون ذلك بعودة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح الى فتح ديوانه أمام الجمهور، بعد توقف لمدة طويلة بسبب وضعه الصحي الذي يقول قريبون اليه انه شهد تحسناً في الآونة الأخيرة. وقيل ان عودة ديوان الشيخ سعد ترتبط برغبة اقربائه من الشيوخ في تحسين فرص عودتهم الى مقاعد الحكومة. ومن المتوقع ان يصدر أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح مرسوماً خلال 3 أسابيع يدعو فيه الناخبين الى الاقتراع، وذلك في موعد اتفق عليه رئيس الوزراء المفوض الشيخ صباح الأحمد مع رئيس مجلس الأمة البرلمان جاسم الخرافي هو الخامس من تموز يوليو، حين يتوجه نحو 120 ألفاً من الذكور الكويتيين الى صناديق الاقتراع لانتخاب 50 عضواً في المجلس. وخلافاً للرغبة التي أعلنها الأمير في 16 ايار مايو 1999، لن تشارك المرأة الكويتية في هذه الانتخابات، بعدما احبط النواب الاسلاميون والمحافظون المرسوم المقترح لإعطاء المرأة حق الترشيح والانتخاب. وفي الدوائر الانتخابية الخارجية قام عدد من القبائل، وفي تجاوز مستمر للقانون، بعقد انتخابات "فرعية" حددت مرشحين للقبيلة للدائرة الواحدة. وفي الدائرة 22 الرقة اختار العجمان النائب الحالي مبارك صنيدح والنائب السابق هادي الحويلة، وفي الدائرة 21 الأحمدي جدد العجمان اختيار النائبين وليد الجري وخالد العدوة، وفي الدائرة 14 الفروانية اختار الرشايدة علي الدقباسي، وهو زميل في شارع الصحافة الكويتي، والنائب السابق براك النون، وفي الدائرة 24 الفحيحيل انتخب الهواجر علي بن مركوز وانتخب العوازم تركي المجلية. وسيتحالف هذان كما هي العادة بين هاتين القبيلتين في دائرة الفحيحيل. وكانت نتائج هذه الانتخابات التي يجرمها القانون تعلن في الصحف اليومية، بل وتنشر كإعلانات مدفوعة، مما أثار حفيظة السياسيين الليبراليين الذين اتهموا الحكومة بالتغاضي عن الانتخابات القبلية. وعلى رغم ان وزارة الداخلية احالت بعض المتورطين فيها من أبناء القبائل على النيابة، لكن نادراً ما كان القضاء يصدر عقوبات فعلية بحق هؤلاء. جمود القوى السياسية ولا تحمل الانتخابات المقبلة مؤشرات ايجابية للقوى السياسية التقليدية من ليبراليين واسلاميين. وهناك انطباع بأن نواب هذه القوى في المجلس الحالي لا يتمتعون بأقدام ثابتة بين الجمهور. فالليبراليون مثلاً، وعددهم ثمانية نواب، يتعرضون لانتقادات بأنهم صاروا في صف الحكومة الحالية منذ تشكيلها في شباط فبراير العام 2001، اذ صوتوا الى جانبها ضد عدد من المشاريع التي تحقق مكاسب للجمهور. كما ساندوا سياسة التقارب والتطبيع مع بعض العواصم العربية في شأن المسألة العراقية، في صورة تتعارض مع التوجه الشعبي الكويتي الذي تدافع عنه القوى الاسلامية والمحافظة. أما الاسلاميون الممثلون ب21 نائباً، فإنهم ما زالوا ضحية الجمود وفقدان المبادرة على قيادة العمل البرلماني. ولا يزالون عاجزين عن التنسيق في ما بينهم في الدوائر الانتخابية وسط استمرار الخلاف بين "الاخوان المسلمين" والمجموعات السلفية داخل بعض الدوائر المهمة. كما ان موقفهم المعارض للحرب على العراق قد يفقدهم بعض الأصوات. وهم، مثل الليبراليين، يعانون منافسة "التجمع الشعبي" الذي تشكل في المجلس الأخير ويجمع بين نواب يتبنون مشاريع جذابة شعبياً ويقاتلون من أجلها. وقد تمكن هذا التجمع الذي يضم 11 نائباً من سحب البساط من القوى السياسية الاخرى في كثير من المناسبات. ومن القضايا التي ستبرز في الانتخابات المقبلة عملية شراء الأصوات، وكانت هذه الظاهرة تتركز في عدد محدود من الدوائر الخارجية غير انها تزحف الآن الى المناطق الداخلية، وتستهدف شرائح من الناخبين من ذوي الدخل المحدود ولم تعد الشعارات السياسية المعارضة تهمهم في شيء. ويؤكد نواب ان الظاهرة ستأخذ حجماً أكبر بكثير في الانتخابات المقبلة، وستدفع بمرشحين ليس لهم من الجاذبية الشعبية شيء غير انهم يدفعون بكرم "لأن هناك من يدفع نيابة عنهم"!