في ظل ثورة الاتصالات أصبح من الصعب على الإنسان العربي أن يغمض عينيه عن ظلمين: ظلم أنظمته، وظلم السياسة الغربية التي لم تفطن الى أن حماية أمنها لا تتحقق بالأنظمة الموالية، ومن دون حماية حقوق الإنسان العربي في المساواة والعدل والديموقراطية وسيادة القانون. واستغلت الجماعات المتطرفة هذا الظلم لتعكس أسوأ ما في نية المتطرفين في العالم العربي. وضربت أميركا، في عقر دارها، صفعة لم يجرؤ أحد عليها. وهاجمت أميركا كالثور المذبوح، ونسيت أو تناست كل القوانين الدولية، وتنبهت الى الخطر المقبل من الشرق. وكان العراق هو الهدف. اننا نحتاج الى ملايين الصفحات لنكتب بصدق عن القرن الماضي الذي تلازم مع اكتشاف الثروة النفطية التي. أسأنا في كثير من الأحيان استخدامها لمصلحة الإنسان العربي والمنطقة العربية. وكثير من اللوم يقع على السياسة الغربية التي ساعدت ومولت ظهور الحركات المتطرفة. ولكننا لا نستطيع أن ننكر مسؤوليتنا لأننا انغمسنا في ملذات الثروة. ومشينا عكس التيار العالمي الذي ينادي بالحقوق الإنسانية، واستعملنا شعارات لا تخدم مصالحنا، وتنم عن جهل بما يحدث من تطورات في الوضع الدولي والعلاقات الدولية، ورضينا أن نبقى على الهامش الدولي، ورضينا المحافظة على الوضع الراهن تيمناً بالعصور الغابرة. وفي صدد الحرب الدائرة، وما سينتج منها، هل من الممكن تحويل نتائج هذه الحرب الى شيء من المكاسب بدل الخسارة الكاملة التي قد تدمر العراق والمنطقة العربية الى أجيال قادمة؟ هل من الممكن استعمال درس هذه الحرب، كما استعملته أميركا في حربها الأهلية التي خرجت منها بأنه لن يحميها من حروب أخرى سوى التعاون والتكامل الاقتصادي بين الولايات؟ هل في استطاعتنا أن نأخذ من الوحدة الأوروبية نموذجاً في سياسة اقتصادية تلغي الحدود، وتعمل على سياسة عمالة، وسياسة. جمارك موحدة، وقوانين فوق المستوى العرقي والديني لحماية كرامة الإنسان العربي؟ هل في استطاعة الأنظمة العربية الإصرار على موقف تفاوضي موحد في الملف الفلسطيني الذي هو أحد أهم الأسباب في كره أميركا في كل المنطقة العربية؟ ولكن علينا الصدق: فالآبار النفطية العراقية لن تكون في حال صالحة للإنتاج الفوري. ولو نجحنا في اعادتها الى قدرتها الانتاجية السابقة، فلن يتم الاستثمار في هذا الحقل من دون الاستقرار السياسي أولاً، ليس في العراق فحسب، وانما في المنطقة العربية كلها. ونجاح أميركا في ادارة هذه الحرب، والخروج منها بالعودة الى الشرعية الدولية، كما تقول، وليس الى شريعة الغاب، وتقوية الأممالمتحدة، هما البرهان على جدارتها، بقيادة العالم الى مستقبل أفضل للجميع، وليس الى الجحيم. فالضوابط القانونية الدولية تعيد الى الإنسان العربي احترامه لنفسه، واحترام المجتمع الدولي لحقوقه. لندن - أحلام عميرة أكرم باحثة وناشطة في حقوق الإنسان