الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    اكتشاف كوكب عملاق خارج النظام الشمسي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    الرياض الجميلة الصديقة    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    مبدعون.. مبتكرون    هؤلاء هم المرجفون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المملكة أول من اكتوى بنار الإرهاب.. والعالم يدفع ثمن تردده في المواجهة
الباحث السياسي د. حمدي بشير يؤكد أن التدخل الخارجي وراء أزمات العرب
نشر في اليوم يوم 14 - 08 - 2015

أكد باحث سياسي أن الإرهاب ليس صناعة عربية، وأن الإرهاب ظاهرة دولية ارتبطت بصراعات عالمية، ولا ترتبط بمجتمع أو شعب أو دين بعينه، مشيراً إلى أن المملكة من أولى الدول التي دعت لمحاربة الارهاب، ولديها مبادرات دولية في هذا المجال.
ولفت الباحث السياسي المتخصص في الشئون العربية والشرق أوسطية، الدكتور حمدي بشير، إلى أن المملكة لم تجد الاستجابة الدولية المنتظرة لتفعيل مكافحة الإرهاب، ومع ذلك تواجه الكثير من العمليات الارهابية «الموجهة إقليمياً» لاستهداف وحدة الصف السعودي وإحداث حالة من الاستقطاب السياسي والانقسام المجتمعي على أسس مذهبية.
وقال إن ظهور «داعش» نتيجة مباشرة للحرب الامريكية في العراق وما قامت به من تسريح الجيش وانتهاكات في سجن ابو غريب، ثم تنصيب حكومة طائفية هناك. وأرجع سبب فشل المجتمعات العربية في تحقيق تسويات ذاتية لمشكلاتها وبالتالي تدويلها، إلى التدخل الخارجي، وضرب مثلاً بذلك بسوريا ولبنان، حيث إيران وذراعها حزب الله.. (اليوم) التقت د. البشير، وكان هذا الحوار:
ظاهرة قديمة
 د. حمدي.. كيف ترى سر تنامي ظاهرة الإرهاب عربياً وعالمياً؟
في الواقع ظاهرة الارهاب ظاهرة قديمة ارتبطت بالصراع الدولي، لاسيما الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي خلال فترة الحرب الباردة، حيث دعمت الولايات المتحدة جماعة طالبان والقاعدة في أفغانستان في حروبها ضد الاتحاد السوفيتي، وهذا لا يعني اعتراف الولايات المتحدة بهذه الجماعات، وانما تجد أجهزة المخابرات الامريكية في هذه الجماعات فرصة لاستخدامها كأداة وسلاح ضد الخصم، فتقوم بتسليحها وتقدم لها الدعم اللوجيستي وتهيئ لها مناخا دوليا واقليميا يساعد في تحقيق الاهداف المطلوبة للجماعة ذاتها وللولايات المتحدة في نفس الوقت. وبرغم ان واشنطن تدرك ان هذه الجماعات هي عدوها اللدود إلا ان كلا منهما يدرك حاجته للآخر في مواجهة عدو مشترك حتى انجاز المهمة. وما ان تفرغ هذه الجماعات من انجاز اهدافها الاقليمية حتى تنقلب على امريكا كانقلاب السحر على الساحر. وهذا الطرح ينطبق على القاعدة وداعش وبوكوحرام والنصرة، والجماعات الاخرى التي تخرج من رحمها.
ليست عربية
 هل تعتقد أن الإرهاب صناعة عربية، أم أنه أداة غربية؟
الإرهاب ظاهرة دولية ارتبطت بالصراعات الدولية، وليس ظاهرة ترتبط بمجتمع أو شعب أو دين بعينه، وانما هناك جماعات صهيونية متطرفة وهي عديدة، وجماعات مسيحية متطرفة وهي أيضا عديدة في اوروبا وامريكا.
بالتأكيد ليست صناعة عربية ولكن منطقة الشرق الأوسط من ساحاتها، ولقد انتقل تنظيم القاعدة للعراق مع الحرب الأمريكية على العراق 2003، بعد حربها في افغانستان عام 2002، فتركت الساحة العراقية بالزرقاوي قائد القاعدة في العراق، ثم خروج تنظيم داعش في العراق والشام بعد مقتله.
الواقع ان الارهاب صناعة غربية وفي نفس الوقت أداة لتقسيم الدول واسقاط النظم الحاكمة. وليس بخاف ما يجري الآن في سوريا والعراق واستخدام هذا التنظيم الارهابي لتقسيمهما، فهناك حرب تقودها داعش في سوريا والعراق. ولقد غضت الولايات المتحدة الطرف طويلاً وتلكأت وترددت منذ خروجها وانسحابها من العراق في ضرب داعش، وهذا يعني انها قد اعطت هذا التنظيم المدى والوقت ليتضخم ويصبح قوة تهدد الدول العربية، وهذا يؤكد الاصرار الامريكي على تنفيذ مخطط التقسيم في الدول العربية لاسيما العراق وسوريا، بل المؤكد والواضح ان تقسيم الدولة السورية اهم من اسقاط بشار الأسد، ولا انكر الدور الروسي في مساندة الاسد، لكن استمرار الحرب السورية برغم معاناة الشعب السوري يخدم المصلحة الامريكية، ويمهد لإمكانية التقسيم أو حتى استمرار الحرب الأهلية بعد بشار ما لم تقسم الدولة على أسس طائفية، والعراق ايضا أقرب إلى هذا السيناريو. بل مخطط التقسيم جارٍ في الدولتين على قدم وساق.
مطلوب أولاً
 كيف يمكن الحد من تمدد الإرهاب في المنطقة العربية؟ وهل هذه المنطقة بيئة مثالية لنمو الإرهاب.. ولماذا؟
مواجهة ظاهرة الارهاب تتطلب جهوداً دولية وعربية وإسلامية، فلابد ان تتخذ الدول الفاعلة في النظام الدولي الاجراءات اللازمة للوصول الى توقيع اتفاق سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وألا تنحاز الى طرف ضد اخر بما يضمن تحقيق سلام عادل ودائم، ثم العمل على اخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وتفكيك الترسانة النووية الاسرائيلية والايرانية.
ترتبط ظاهرة الإرهاب بحالة من الصراع الدولى والإقليمي، والأخطر إذا ارتبط هذا الصراع بابعاد دينية يعني صراعا سياسيا ودينيا، وفي هذه الحالة يجد الصراع بيئته المثالية. ومنطقة الشرق الاوسط منطقة تشهد صراعا سياسيا ودينيا هو الصراع العربي الاسرائيلي من جهة، والصراع العربي- الايراني من جهة أخرى، الأول ديني والثاني مذهبي، والقوى الخارجية تستغل هذا الصراع في فرض سيطرتها وادارة الصراع وليس حله، ولذلك لم يتم حل الصراع العربي الاسرائيلي وهو من اسباب الارهاب، فبرغم الوساطة الامريكية في المفاوضات، الا ان الدور الامريكي يعكس منهج ادارة الصراع وليس حله، حتى الصراع العربي الايراني فهناك ادارة امريكية للصراع بهدف الاحتواء المزدوج لكل من ايران والعرب.
داعش وأمريكا
 بعد القاعدة، ظهرت «داعش» وجماعاتها المنتمية إليها، لتؤرق الواقع العربي، كما نشاهد ونرى.. لماذا هذا التوالد المفخخ للكيانات الإرهابية في منطقتنا العربية؟
يمكن القول إن ظهور داعش ارتبط بالحرب الامريكية في العراق وما قامت به من تسريح الجيش العراقي ومن انتهاكات في سجن ابو غريب، ثم تنصيب حكومة شيعية طائفية تركز على اقصاء السنة وابعادهم عن الحكم، فهناك عدد كبير من هؤلاء الذين يقاتلون في داعش هم من الجيش العراقي السابق، والذين تمكنوا من السيطرة على أسلحة وذخائر امريكية الصنع، وانسحبت واشنطن من العراق وتركت العراق لداعش والحكومة التي قامت بتنصيبها، إذ انسحبت الولايات المتحدة من العراق لتهيئ العراق لظهور تنظيمي القاعدة وداعش فيما بعد بهدف تفتيت العراق الى ثلاث دول: دولة للاكراد، دولة للشيعة، دولة للسنة.
وهذا التوالد المفخخ للكيانات الارهابية يعود لاستمرار حالة الصراع في سوريا والعراق، فاحد اهم الحلول اللازمة لمواجهة ظاهرة الارهاب هو حل الصراع وتحقيق السلام العادل والدائم في العراق وسوريا، بمعنى توقف الدول الخارجية عن التدخل في الشئون الداخلية وترك الفرقاء واطراف الصراع للتوصل الى صيغة تحظى باجماع وطني تضمن وحدة الدولة واستمرارها.
مبدأ سعودي
 كانت السعودية، من أوائل الدول التي اكتوت بنار الإرهاب.. وبذلت جهودا كثيرة لمكافحته.. كيف ترى التعامل السعودي مع هذه الظاهرة؟
السعودية لديها مبدأ تحافظ عليه في علاقاتها الدولية وهو عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الاخرى، وهي تحافظ عليه جيدا، هي من اوائل الدول التي دعت الى مؤتمرات دولية لمحاربة الارهاب، ولديها مبادرات دولية عديدة، اهمها مبادرة الملك عبدالله لانشاء مركز دولي لمكافحة الارهاب وقد خصصت له المملكة حوالي مليار دولار. لكنها لم تجد الاستجابة الدولية المنتظرة لتفعيل المبادرة...برغم ذلك تواجه المملكة الان الكثير من العمليات الارهابية التي تستهدف وحدة الصف السعودي، غير ان المملكة تدرك دور القوى الاقليمية في هذه العمليات، ومع ذلك تصر على موقفها في استعادة الشرعية في اليمن والاستمرار في عاصفة الحزم بعدها عملية إعادة الأمل حتى تضع الحرب اوزارها وتحقق اهدافها.
تردد دولي
 سبق أن حذرت المملكة العالم من تنامي ظاهرة الإرهاب والتقاعس في التعامل معها دولياً.. لماذا برأيك هذا التردد الملحوظ في مواجهة عالمية موحدة ضد هذا الخطر؟
التردد ناتج عن اختلاف وجهات النظر لاختلاف المصالح وحرص بعض الدول على تحقيق مصالحها في المقام الاول، وهناك قوى تستفيد من هذه الظاهرة في اضعاف خصومها بل والضغط عليها للرضوخ لأجندتها، والبيئة الدولية الان تعكس انقساما دوليا بين كتلتين روسيا وحلفائها وواشنطن وحلفائها. ومن ثم لا يوجد توافق دولي على مواجهة الظاهرة على كافة الاصعدة وفي حركة السياسة الخارجية، فهناك حسابات معقدة ومختلفة للمكسب والخسارة. وهناك استراتيجيات دفاعية وسياسية، تسعى بعض القوى الدولية لتنفيذها، ربما تكون الجماعات الارهابية احدى ادواتها على الاقل خلال المدى القصير.
محصلة جماعية
 برأيك.. هل تنامي التطرف والتكفير نتيجة منطقية لفشل الخطاب الديني مجتمعياً، أم أن الأسباب الاقتصادية والسياسية في المنطقة وراء هذه التحولات؟
الواقع ان تنامي ظاهرة التطرف هو محصلة كل ما ذكرت، غير ان العامل الأكثر تأثيرا هو التضليل وتشويه الفكر لدى بعض الشباب المغرر بهم، وهذا ناتج عن أزمة في الخطاب الديني التي تعود إلى فوضى في الفتوى والتجرؤ على الافتاء بغير علم من جانب غير المتخصصين، والفهم الخاطئ لنصوص الكتاب والسنة، واستغلال الدين سياسيا بهدف تجنيد الشباب وتوريطهم فيما يدعونه بالجهاد ضد الكفار، وهذا يشير الى وجود فجوة كبيرة وجهود مطلوبة من رجال الدين المتخصصين لمقاومة الارهاب الفكرى والديني والسياسي. وعلى الحكومات ان تسن تشريعات تغلظ العقوبة ضد دعوات التحريض باسم الدين.
التحالف العربي مهم
 هل تعتقد أن إقامة تحالف عربي لمواجهة «داعش» هو البديل الآمن للتصدي للتنظيم الإرهابي؟
بالتأكيد نعم، فالعالم العربي بحاجة الى انشاء قوة عسكرية مشتركة لمواجهة هذه التحديات الأمنية وتنفيذ توصيات القمة العربية الأخيرة، لكن اعتقد ان الامر اختلف الان بالنسبة للحرب على داعش، فأي تحالف عربي لمواجهة داعش يحتاج الى تنسيق عسكري مع القوى الدولية التي دخلت الحرب بالفعل الان.
إشكالية الديموقراطية
 يكثر الحديث عن الديموقراطية كأحد المتغيرات التي أفرزها ما يُسمى «الربيع العربي»، أولاً: ما صحة ذلك؟ وثانيا: كيف يمكن توظيف الديموقراطية لصالح التنمية في مجتمعاتنا العربية؟
الديمقراطية ليست نظاما سياسيا انما هي مبادئ وقيم تلتزم النظم بها سياسيا كحماية حقوق الانسان وحرية التعبير وحماية حقوق المرأة وحماية الحريات....إلخ، والديمقراطية تبدو احيانا مفهوما نسبيا فما يعد ديمقراطيا من وجهة النظر الغربية قد لا يكون بالنسبة لوجهة النظر الاسلامية والعربية وهذا لاختلاف الفضاءات الثقافية والمواريث التاريخية وظروف وخصوصيات المجتمعات. فالالتزام بمبادئ الشورى وحماية حقوق الانسان وحرياته وفقا لقيم المجتمعات العربية والاسلامية هو في حد ذاته ديمقراطية. ولكل مجتمع ما يناسبه من النظم السياسية سواء كانت ملكية او برلمانية او رئاسية ولا توجد صيغة واحدة تناسب كل المجتمعات إنما العبرة بالممارسة.
خصوصية كل دولة
 من واقع الاضطرابات التي تشهدها عدة دول عربية.. هل يمكن فصل كل حالة عن الأخرى أم أن هناك قواسم مشتركة تجعل حل مشكلة في دولة قابلا للتطبيق في أخرى؟
بالتأكيد لكل دولة خصوصيتها وهيكلها الاجتماعي وما يصلح لدولة سياسياً قد لا يصلح لاخرى، على سبيل المثال هناك دول عربية شهدت احتجاجات قادتها إلى السقوط، فما حدث في ليبيا ليس سقوطا للنظام ولكنه سقوط للدولة حتى الان ومنذ أربعة أعوام، أما في مصر فقد وجدت نفسها بحاجة الى ثورة اخرى لتصحيح المسار وكادت تدخل في نفق مظلم مثل ليبيا، وعندما يكون التغيير هدفا في حد ذاته نجد الثورة تتحول إلى فوضى وحرب اهلية، في اليمن لان الثورة تحولت لانقلاب حوثي وطائفي ومذهبي على الشرعية السياسية، وحرب بالوكالة لاطراف خارجية. وهذا يعنى ان هناك قوى داخلية تتربص بالداخل وتعمل لوكلاء بالخارج وتنتظر الفرصة من اجل الانقضاض على السلطة وان أدى الامر الى تقسيم البلاد وتنفيذ مخططات اقليمية تستهدف وحدة الدولة وليس اصلاحا سياسيا كما تروج له.
تدخل خارجي
 لماذا فشلت المجتمعات العربية في تحقيق تسويات ذاتية لمشكلاتها وسمحت بتدويلها؟
اعتقد ان السبب الرئيسى هو التدخل الخارجى، فالعديد من القوى الداخلية في بلدان عربية لها اتصالات خارجية، مثل حزب الله في لبنان وبالتالي لا يعتقد وجود حل في لبنان بدون حضور ايراني في اي مفاوضات، واتوقع ذلك في اليمن وان كان من خلف الستار.
 ما حجم تأثير العامل الخارجي في الصراعات العربية؟
وهل نظرية المؤامرة فعلية أم جزء من الوهم السياسي لدى مجتمعاتنا؟
التأثير الخارجي والاقليمي حاضر جدا في الصراعات العربية فالانتماء الطائفي لبعض الجماعات والطوائف المحلية يجعلها تخضع لاملاءات طائفية. فالواقع ان هناك مشروعات واجندات خارجية واقليمية لتقسيم المنطقة وصياغة خريطة جديدة، دول شيعية، دول سنية، دولة للاكراد، وهذا مخطط ايراني أمريكي صهيوني، وان اختلفت مضامينه لدى كل طرف، وهذا لا تخفيه ايران بل صرحت به كثيرا عندما اعتبرت انقلاب الحوثيين على السلطة في اليمن بمثابة سقوط العاصمة العربية الرابعة بعد العراق وسوريا ولبنان.
خارطة طريق
 ما خريطة الطريق النموذجية للخروج من دائرة الصراع العربي الحالية؟
العالم العربي بدأ بالفعل يتخذ خطوات جادة وحاسمة لحماية أمنه القومي وعاصفة الحزم تجسد هذه الرؤية، وهذه اول خطوة على الطريق بالتحرر من التبعية للخارج وعدم الاعتماد على الولايات المتحدة في حماية امننا وانتظار قرارها ومشاركتها وردها على اجراءات تمس أمننا القومي.
والامر الاهم هو ان احترام سيادة الدولة ونظامها وقانونها الوطني يجب ان يكون موضوع احترام من الجميع، ويجب تجريم نشاط اي جماعة تعمل لصالح اي قوة بالخارج خاصة اذا كانت تهدد الامن الوطني.
ويجب التأكيد على اعلاء الهوية الوطنية والعربية للدولة ارضا وشعبا وحكومة، ويجب اصلاح نظام جامعة الدول العربية لتمكينها من دور فاعل في حماية الامن القومي العربي. وتحقيق مصالحة عربية وحل الخلافات السياسية واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشئون الداخلية.
جامعة متعَبة
 ولماذا تبدو الجامعة العربية متعبة وغير مواكبة لتسارع الأحداث العربية؟
تعاني الجامعة العربية الكثير من المشاكل وعلى رأسها ضعف الارادة السياسية والخلافات بين الدول الاعضاء وغياب بعض الدول عن حضور اجتماعات القمم العربية. وايضاً تقف الطائفية والانتماء الطائفي عائقا للتواصل والتفاهم السياسي بين الدول الاعضاء وخاصة لدى النظم في سوريا والعراق.
واضف الى ذلك نظام الجامعة وميثاقها الذي يجعل من توصياتها اجراءات غير ملزمة وهذا يعني ان هناك حاجة لمراجعة الميثاق واصلاح نظام الجامعة العربية.
شكوك حول إيران
 ما تقييمك للاتفاق النووي مع إيران؟ وهل يمكن أن تدخل إيران في التزامات جدية تضمن عدم تدخلها في الشؤون العربية؟
لا تزال هناك الكثير من الشكوك حول تأثير الاتفاق على سياسة ايران في المنطقة، اذ يبدو الاتفاق كنوع من انواع الخداع الاستراتيجي، بل يتوقع ان هناك الكثير من الاتفاقات السرية التي تمت تحت الطاولة، واتوقع ان يكون على رأسها اطلاق يد ايران في سوريا والعراق واليمن ومنطقة الخليج. وهذا قد يعني الكثير من الاضطرابات في المنطقة. ولا يتوقع ان تدخل ايران في التزامات جدية ما دامت لم تنسحب عن الجزر الاماراتية الثلاث التي احتلتها، ولان لإيران مشروعا اقليميا يستهدف تصدير الثورة الاسلامية واقامة دولة للشيعة.
وجود مخطط
 بم تفسر مخطط الفتنة الذي يضرب المساجد في السعودية والكويت والبحرين؟
استهداف المساجد وأماكن العبادة هو أكبر دليل على وجود مخطط يستهدف دفع المنطقة في حرب طائفية، وهذا ماتسعى اليه الجماعات والقوى المتطرفة سواء أكانت داعش أو الحرس الثوري الايراني.
خلافة وأزمة
 كتبت مقالاً عن أزمة الخلافة السياسية في العالم العربي.. ماذا تقصد بالضبط، وهل لذلك علاقة بمفهوم «الخلافة» الذي تروج له مشاريع الإرهاب العربية؟
انا لا اقصد الخلافة بالمعنى الذي تقصده الجماعات المتطرفة ولكن اقصد به مسألة انتقال السلطة وتداولها، واعتقد ان أزمة السلطة والحكم في بعض البلدان العربية مثل اليمن ولبنان وسوريا والعراق غالبا ما ترتبط بتدخلات واملاءات ايرانية، فايران هي الازمة نفسها في هذه الدول.
مخاوف الحروب
 سبق لك أن قلت إن العالم العربى يُجر الى حرب اقليمية مع ايران، وان رقعة الحرب تتسع يوما بعد يوم، بعد ان صدقوا الشبح الداعشي...وما هي الا أمريكا متنكرة تنفخ في نار الحرب.. ماذا تعني بذلك؟
نعم العالم العربي بالفعل يجر الى حرب اقليمية وذلك امر واضح وتاريخيا ومنذ الحروب الايرانيةالعراقية، فالصمت الامريكي على ما يحدث في المنطقة وتدخلات ايران المتزايدة في الدول العربية في اليمن وسوريا ولبنان والعراق والبحرين والكويت وبالفعل حدثت مواجهات ايرانية مع القوات العربية في البحر، لكن يبدو ان الولايات المتحدة قد وجدت نفسها امام امر واقع وهو ما جعلها تخرجها عن صمتها لتعترف بعاصفة الحزم....وهذا قد يكون من اهم العوامل التي جعلت ايران تنسحب من المواجهة المباشرة وتفضل العمل غير المباشر....والواقع ان المواجهة لم تبدأ وانما الممارسات والتدخلات والاستفزازات الايرانية بلاشك لن تتوقف وهذا يزيد من التوتر ودفع المنطقة الى حروب طائفية تبدأ من الداخل وتتسع رقعتها لتشمل المنطقة.
تياران ولكن
 أخيراً.. هل هناك صعود لما يُسمى ب «الإسلام المعتدل».. وهل وصلنا إلى مرحلة تقسيم الدين ما بين معتدل ومتطرف؟ ولماذا؟
ليس المقصود بصعود الاسلام المعتدل هو الصعود السياسي فقط وانما ايضاً الدور الديني والمجتمعي لرجال الدين المعتدلين على الساحة، فقد ادى فشل الممارسات السياسية والدينية الخاطئة لجماعات الاسلام السياسي بعد فتاوى التكفير الى تنفير الرأى العام من الاقتناع بهذا الفكر المتطرف مما ادى الى سقوط هذه القوى سياسياً واجتماعياً وهذا افسح المجال للقوى المعتدلة لتلعب دوراً فاعلاً في الاصلاح الاجتماعي والتجديد الديني.
وما تشهده الساحة العربية من حروب وعمليات انتحارية وتدمير وخراب على ايدي قوى تنتسب الى الاسلام يؤكد ان هناك تيارين رئيسيين: التيار المتطرف يستخدم الدين لتحقيق اهداف سياسية، والتيار المعتدل ويمثله رجال الدين المتخصصون مثل رجال الازهر الذىن اصبح دورهم هاما ومحوريا في التثقيف والتوعية الدينية في ظل تنامي ظاهرة العنف الديني التي تستهدف أمن واستقرار مجتمعاتنا العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.