بدأت مدينة كربلاء الاستعداد لاستقبال ملايين الزوار لمناسبة إحياء ذكرى الاربعين لمقتل الإمام الحسين، مستفيدة من سقوط النظام العراقي وفاتحة المجال امام السكان الشيعة لدخول اختبار قوة يريدونه بداية للحصول على اعتراف سياسي بدورهم الذي حرموا منه في ظل النظام المخلوع. وتجري الاحتفالات اليوم وغداً في هذه المدينة الواقعة في وسط العراق، وتعتبر من اكثر المدن قداسة بالنسبة الى الشيعة اليوم وغداً. وللمرة الاولى منذ عقود يتحرك الشيعة من كل انحاء العراق مشياً على الاقدام او في عربات في اتجاه كربلاء للاحتفال بذكرى مقتل الحسين ثالث الائمة الشيعة وحفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وستكون كربلاء حيث يقع مرقد الحسين فرصة للشيعة العراقيين لاظهار قوتهم السكانية والسياسية وللتعبير عن رغبتهم بالقيام بالدور الذي يتناسب مع عددهم ويعوض عنهم القمع الذي عانوا منه في عهد حزب "البعث". ودعا رئيس "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" في العراق آية الله محمد باقر الحكيم الشيعة الى التوجه الى كربلاء لاظهار دعمهم ل"لنظام سياسي يضمن الحرية والاستقلال والعدالة لجميع العراقيين تحت راية الاسلام"، والتعبير "عن رفضهم أي هيمنة اجنبية". ويعيش باقر الحكيم في المنفى في طهران منذ نحو عشرين عاماً ويعتبر قريباً الى أركان السلطة في ايران. ولم يعلن أي تاريخ لعودته الى العراق. وكان عبدالعزيز الحكيم شقيق محمد باقر ونائبه في رئاسة "المجلس الاعلى" وصل السبت الى العمارة 300 كلم جنوب شرقي بغداد حيث كان حشد كبير في استقباله، حسبما أعلن ابنه محسن الحكيم من طهران. وقال محسن الحكيم الناطق باسم "المجلس الاعلى" ان "عشرات آلاف الاشخاص استقبلوا عبدالعزيز الحكيم في العمارة". وكان أوضح الاربعاء ان والده توجه الى الكوت 100 كلم جنوب شرقي بغداد حيث كان في استقباله نحو عشرين الف شخص. وعلى الطرق يسير عشرات آلاف الشيعة، وبعضهم منذ نحو اسبوعين في طريقهم الى كربلاء، منهم من انطلق من البصرةجنوباً التي تبعد عن مرقد الحسين نحو 500 كلم ومنهم من انطلق من بغداد التي تبعد نحو مئة كلم شمالاً. وهم رجال ونساء واطفال من كل الاعمار بعضهم بالثياب التقليدية وبعضهم الآخر بالثياب الغربية يضربون على صدروهم تحت شمس حارقة ويهتفون "يا حسين". واقيمت على الطرقات المؤدية الى البصرة سرادق لاستقبال المتعبين من طول الطريق والعطشى والجياع الذين لا يحمل القسم الأكبر منهم أي متاع. وكثيراً ما تتصاعد رائحة الارز والعدس المطبوخ في هذه السرادق حيث يدعى الزوار الى استراحة قصيرة قبل اكمال الطريق بحماس شديد. ولوحظ ان الوجود العسكري على الطرقات حول كربلاء كان خفيفاً واقتصر على بعض الآليات الاميركية او بعض العناصر التابعين لرئيس "المؤتمر الوطني العراقي" احمد الجلبي. ويفضل الجنود الاميركيون الابتعاد عن التجمعات السكانية في المناطق الشيعية، خصوصا بعدما تكررت الهتافات المنددة ب"الاحتلال الاميركي".