تعيش كربلاء على وقع طبول المواكب الحسينية التي يستمر تدفقها الى المدينة من مختلف مناطق العراق، فضلا عن زوار من الخارج، لإحياء ذكرى الامام الحسين ثالث ائمة الشيعة. وتنتشر المواكب حول مرقد الامام الحسين والأخ غير الشقيق العباس، وسط كربلاء ( 110كلم جنوب بغداد)، فور وصولها من المحافظات الى المدينة التي تعتبر من ابرز الأماكن المقدسة لدى الشيعة الاثني عشرية. وتزاحمت مواكب عاشوراء التي ستبلغ ذروتها اليوم السبت، قرب مرقد الامام الحسين الذي قتل في موقعة الطف عام 680ميلادية. وقبل وصول مئات الآلاف من الزوار الشيعة الى وسط المدينة، فرضت السلطات المحلية اجراءات امنية مشددة. وأكد محافظ كربلاء عقيل الخزعلي الخميس ان "اعداد الزوار سيبلغ اكثر من مليوني زائر في العاشر من محرم، في حال استمرار تدفقهم على هذه الوتيرة". وتعبر المواكب التي يشارك فيها المئات من الرجال باللباس الاسود عن مشاعر حزينة عبر ضرب الصدور بالاكف وضرب الزناجيل على الظهر، بالتزامن مع اصوات تشيد بالحسين مع وقع طبول ومكبرات صوت تصدح بحب الامام. كما انتشرت على جوانب الطرق الرئيسية التي يسلكها الزوار متوجهين نحو مرقد الامامين مئات السرادق التي تقدم الخدمات والطعام والمشروبات مجانا للزوار، وهو امر يعتز به المشرفون عليه كونه يمثل تقربا من الامام الحسين. ويتوجه الزوار الى اماكن تقديم الاطعمة وخصوصا الارز والحساء المطبوخ باللحم ويعرف ب "القيمة" والمشروبات والشاي حيث يستقبلون بالترحاب. وتتواصل طوال الطريق هتافات المواكب التي تستذكر الامام الحسين ومعاناة اكثر من سبعين شخصا لقوا حتفهم في موقعة الطف قرب صحراء كربلاء. ويقول ابو علي من سكان كربلاء وهو في الستينات من العمر ان "زيارة عاشوراء آخذة في التصاعد سنويا". وأضاف الرجل الذي يعمل مزارعا ويرتدي دشداشة سوداء "لا احد ولا حتى البرد القارس يستطيع منع احياء ذكرى الامام الحسين" في اشارة الى حرمان الشيعة من هذه الطقوس ابان نظام صدام حسين. وقال شبان يسيرون قرب المرقد ان "الحسين هو مثلنا الاعلى". ويؤكد هؤلاء عزمهم ليل الجمعة السبت مشاهدة عرض يتضمن وقائع معركة الطف، في الساحة الرئيسية في كربلاء، يظهر شجاعة الامام الحسين حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة الظلم. من جانبها، قامت قوات الامن من شرطة وجيش بفرض اجراءات امنية مشددة بهدف منع وقوع اي هجمات لمتطرفين من السنة او الشيعة، او اعمال عنف تستهدف امن الزوار. ومنعت السيارات التي تحمل الزوار من مختلف المحافظات من الوصول الى كربلاء عند نقاط تفتيش تبعد نحو عشرة كم منذ مساء الخميس، كما منعت السلطات تنقل سكان المدينة بسياراتهم. وتم فرض عمليات تفتيش دقيقة عبر نقاط متعددة للزوار المتوجهين الى مرقد الامام الحسين، بمشاركة حوالي 500امرأة يمارسن عملهن بتفتيش النساء القادمات لزيارة المدينة. الى ذلك، انتشر الجنود في مناطق متفرقة وعلى اسطح المباني القريبة من مرقد الامامين، بما فيها قبب المآذن التي رفع فوقها قماش احمر، فيما تحلق مروحيات للجيش العراقي في سماء المدينة طول النهار. ويشارك في تنفيذ المهام الامنية ما لايقل عن 24ألفاً من عناصر الشرطة والجيش يرتدي بعضهم ملابس مدنية، بينهم عشرون ألفاً من قوات كربلاء، وفقا للمحافظ الخزعلي. ويتدفق الزوار طوال الايام العشرة الاولى من محرم قادمين من مختلف ارجاء البلاد فضلا عن دول اسلامية مثل ايران وباكستان، لاحياء ذكرى مقتل الامام الحسين. وكانت الشرطة العراقية اعلنت الخميس مقتل ثمانية اشخاص واصابة 13آخرين في هجوم انتحاري استهدف موكب عزاء للامام الحسين قرب مسجد شيعي احياء لذكرى عاشوراء، في وسط بعقوبة ( 60كلم شمال شرق بغداد).