قال رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين جمال الناظر ان غالبية رجال الاعمال ملتزمون وجادون، الا ان طاقتهم تقل كثيراً عن طموحات الوطن في المرحلة الراهنة. وأضاف في مقابلة مع "الحياة" إن بناء القطاع الخاص الذي نطلبه في حاجة الى تضافر الجهود على ثلاثة محاور، الاول الحكومة التي يسيطر عليها الفكر الشمولي، الثاني الجهاز المصرفي الذي يسعى الى استعادة الثقة من جميع الاطراف، الثالث الإعلام الذي شوه عن قصد ومن دون قصد صورة النشاط الاقتصادي في البلاد. واعتبر ان ضعف الجهاز الاداري في الدولة ادى الى ظهور سلبيات عدة نشكو منها جميعاً، وهو بدوره المسؤول الرئيسي عن عدم ظهور قطاع خاص جديد بالقوة التي نتمناها. وزاد ان على الحكومات العربية ان تجاهد للحصول على جزء من كعكة العراق، لافتاً الى ان العالم العربي يستورد من الخارج ب70 بليون دولار ويتعامل مع بعضه ب11 بليوناً. وفي ما يأتي نص المقابلة: قال الرئيس السابق للجمعية سعيد الطويل انه قدم نحو 55 مذكرة لاصلاح الوضع الاقتصادي وفك رموز اللغط بين الجمعية والحكومة لكن لا جدوى، هل ما زال الوضع كما هو؟ - أعتقد أن هناك بعض التقدم على ما كان عليه الوضع في السابق، فلو نظرنا تاريخياً، بدأت الجمعية عملها في السبعينات في ظل تحفظ رسمي بأنها تسعى للهيمنة، إلى ان جاءت مرحلة السيد كمال حسن علي رئيس الوزراء السابق الذي طالب بعقد مؤتمر في حضور الوزراء للبحث في العلاقة مع الحكومة، التي تتغير من آن لآخر، ما أدى الى بروز قنوات اخرى مثل البرلمان الذي يمكنه طرح آرائنا على الحكومة، والحزب الوطني الحاكم الذي تغير بصورة ايجابية منذ العام الماضي، وهناك لجنة السياسات وهي من أهم لجان الحزب وتضم في عضويتها أربعة من اعضاء جمعية رجال الاعمال ويمكن من خلال اللجنة طرح آرائنا. وأؤكد ان منظمات الاعمال عموماً لم تتأخر في توثيق الروابط مع الحكومة وللأسف لم يتم في غالبية الظروف الأخذ بآرائنا على رغم اهميتها، فمثلاً نحن نرى ان الصادرات ينتظرها أمل في قطاع مهم مثل المقاولات، وبحثنا نقاط الضعف واستمعنا الى شركات مصرية في الخارج حققت نجاحاً والعكس، وعلمنا أن هناك نحو بليون دولار متاحة من صناديق عربية للتنمية في افريقيا والأولوية في العقود لشركات المقاولات العربية، خصوصاً بعد خروج شركات مثل التركية من السوق الافريقية والعربية، واتجهت الى سوق الاتحاد السوفياتي سابقاً ومن ثم الباب مفتوح لشركاتنا. ما حدث في المقاولات طرحناه بالنسبة للسوق العراقية والتعاون العربي، ذلك يعني اننا نسعى لفرض ارادتنا بما هو صالح البلاد. هناك اتهامات بأن الحكومة يسيطر عليها الفكر الشمولي وعجزتم عن محاربة هذا التيار على مدى ثلاثين عاماً، وهو في غير صالح البلاد، ما هو رأيك؟ - طرحت نقطة مهمة جداً، فالفكر الشمولي قائم، واحيطك علماً أنني منذ توليت رئاسة هيئة الاستثمار عام 1974 قلت إن مصر تغيرت وبدأنا عهداً جديداً لكن للاسف ما يحدث حالياً يعود بنا الى مرحلة 1974، وهناك قوى كبرى وفعالة في البلاد ضد اي تغيير. كمثال، عندما احتدم الجدل في شأن المتعثرين العام الماضي قيل إن هناك نحو 35 بليون جنيه بدّدها المتعثرون ولم يمتلك أحد الشجاعة ويقول ان نصف هذا المبلغ يتبع شركات قطاع عام متعثرة ولم نلحظ حواراً مع مسؤولي هذه الشركات لتوضيح الحقيقة، هناك غُبن شديد وروح عدائية ضد القطاع الخاص في كل المجالات وهناك مجندون لذلك للأسف في الحكومة ووسائل الاعلام وأتساءل لمصلحة من هذا العداء؟ يُلاحظ في حديثك انك تميل الى دور للحزب الوطني الحاكم في هذه المرحلة، قد يُغني عن دور الحكومة؟ - ليس كذلك، لكن هناك تغييراً طرأ على فكر الحزب في الفترة الاخيرة، وللاسف فالحزب ناقش غير مرة التيسيرات للمستثمرين، لكن نجد أن المناخ غير صحي بسبب قرارات حكومية تُجهض محاولات جادة، فمثلاً نجد اتهامات للقائمين على مشاريع "بي او تي" بأنهم يربحون اموالاً طائلة، ما الخطأ في ذلك، هؤلاء لن يستثمروا اموالهم من دون تحقيق الجدوى، منها مثلاً مطارات في المنطقة العربية تم تنفيذها بالنظام المذكور، لماذا لا يطبق ذلك في بلادنا؟ البعض يرى أن في ذلك خطراً على البلاد، وأيضاً ما زال هناك معارضون أقوياء لتخصيص بعض البنوك على رغم مناداة كل المؤسسات الدولية والمحلية بذلك. لكن هل هؤلاء على حق، كون البلاد مستهدفة من دول بعينها كما يرددون؟ - ذلك غير صحيح، نظرية المؤامرة بأن مصر مستهدفة هي نظرية خاطئة، نحن لا نملك زيادة على دول العالم، لا بد أن نعمل وننافس، والكلام بأن اسرائيل ستلحق بنا خسائر وتدخل مجالات التخصيص كلام فارغ. اسرائيل لم تعد "بعبع" مصر خصوصاً بعد عام 1973. مصر حصلت على بعض التطوير الزراعي الاسرائيلي وطوعته لصالحها، وما يقال عن مبيدات مستوردة من اسرائيل اضرت بالمنتج المصري غير صحيح، المستوردون هم الذين لم يتعاملوا مع القنوات الرسمية ولجأوا الى غير الرسمية ما قلل من جودة المنتج. لا بد أن ننسى نظرية المؤامرة علينا كي نطور انفسنا، وبلادنا تملك طاقات وامكانات ضخمة جداً. ما تصورك لعمل منظمات الاعمال في البلاد؟ - رئيس أي منظمة اعمال أمامه أمران: الاول الدفاع عن المنظمة التي يرأسها ومن ثم هو يتعامل مع الحكومة، وداخلياً هو ينفذ المطلوب منه داخل منظمته لضمان النجاح في دورة مقبلة، وأنا شخصياً لا اسعى لإعادة انتخابي، وقاومت بشدة تولي الرئاسة كونها تحتاج الى وقت صعب ترتيبه، انا كنت وزيراً للسياحة في عمر 40 عاماً اضافة الى انه لا يهمني رأي الحكومة في شخصي لكن ما يهمني هو عمل شيء جيد من خلال رئاستي الجمعية. العراق وإعادة إعماره، ما تصورك في مشاركتنا وما نصيبها؟ - دخول السوق العراقية لم يعد موضوعاً اقتصادياً، هو سياسي بالكامل، اعتقد ان على الحكومات العربية ان تجاهد للحصول على جزء من كعكة العراق، خصوصاً اننا لم نكن متعاطفين مع النظام لكن في الوقت نفسه لم نكن معادين، انا لو كنت مكان رئيس الوزراء ارسل وزراء للولايات المتحدة للحصول على عقود ملموسة حتى ولو من الباطن، ولا ينبغي ان نخسر ما خسرناه في حرب الخليج الثانية عام 1991. ذلك يعني انه لا توجد سياسة مدروسة للمشاركة في إعمار العراق؟ - أعتقد ان كل عقد خاص بالعراق سيخرج من اميركا ومن ثم من الضروري مفاوضة الاميركان وليس البريطانيين أو غيرهم للحصول على اعمال لا تقل عن 10 بلايين دولار، علماً أن كلفة الإعمار تتجاوز ال80 بليوناً، وهذا ليس صعباً. لا شك أن الحملة العسكرية ضد العراق خلقت في الشارع العربي كراهية لأميركا، جزء كبير من الكراهية ممكن أن ينقضي لو اعطت اميركا نصيباً كبيراً للحكومات والشركات العربية في اعمار العراق. ما تصورك لوضع رجال الاعمال الأعضاء وغير الأعضاء في منظمات الأعمال، في الداخل؟ - هناك سياسة جديدة نتيجتها ايجابيات وسلبيات وعلى النظام السياسي والحكومات توحيد السياسات للقضاء على السلبيات وتعظيم الجوانب الايجابية، والوضع الحالي في البلاد يحوي الكل، رجال اعمال جادين ومتعثرين، والجادون يحاربون للبقاء وإظهار الصورة الجيدة لرجال الاعمال. باعتبارك رئيساً سابقاً لهيئة الاستثمار ووزيراً سابقاً للسياحة، ما تقويمك لوضع المجالين حالياً؟ - الوضع الاستثماري مشكلته المناخ غير الصحي الذي سيجذب استثمارات لمنافسة الخارج، وهذه عملية سياسية في الاساس، أما السياحة فهي مهمة جداً للبلاد، كل غرفة في فندق تشغل عمالة وتنعش المجال عموماً وللأسف انا غير راضٍ على السياسة القائمة، نمتلك امكانات هائلة وينقصنا الكثير للنهوض بها واتمنى تحقيق ذلك في المستقبل، فالسياحة ليست فنادق بل قوى بشرية وتسويق جيد ووجود مميز، ولا بد ان يشعر السائح أنه في وطنه، اضافة الى معالجة وسائل الاعلام لقضايا عدة اضرت، وتنبغي التوعية لمثل هذه الأمور.