أكد وزير خارجية فرنسا دومينيك دوفيلبان من بيروت موقف بلاده بأن "الشرق الاوسط ليس بحاجة الى حرب جديدة، اما وان هذه الحرب جرت، فإن علينا الآن ان نعمل كي تتمكن المنطقة من فتح آفاق جديدة، وان شعب العراق يستحق ان يحصل على انتصار يتمثل بالسلام والوحدة ووحدة الاراضي والاستقرار". وشدد على "ان السلام لا يمكن تجزئته، ولا يمكن التوصل اليه في الشرق الاوسط من دون اشراك كل البلدان المعنية والمجموعة الدولية". وكان دوفيلبان اجرى محادثات في لبنان في اطار جولته في المنطقة، والتقى امس رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري ووزير الخارجية محمود حمود. وسمع دوفيلبان من لحود تأكيداً لموقف لبنان لجهة مسؤولية الشرعية الدولية عن معالجة الوضع المستجد في العراق ورعاية أي حل يتصل بمستقبل هذا البلد "إذ ليس من المنطقي والمقبول ان يكون دور الأممالمتحدة مقتصراً على النواحي الانسانية"، لافتاً الى "ان تصاعد حال الفوضى والتسيب وتفكيك قدرات العراق عوامل ستكون لها انعكاساتها السلبية على مستقبل السلام في الشرق الاوسط". وإذ اشار الى ان "خريطة الطريق" لم تنشر بعد ليصار الى اخذ موقف منها، لاحظ ان الجانب الاسرائيلي يعمل من خلال التصريحات والاعلام "على وضع شروط يرفضها لبنان لا سيما تلك التي تتعلق بتوطين الفلسطينيين في الدول التي يقيمون فيها". وحذر من "ان الاجواء الضاغطة والاعتداءات المتواصلة ستؤدي الى تصاعد الارهاب واتساعه جغرافياً"، داعياً الى عمل اوروبي ودولي سريع "قبل فوات الأوان". وكان دوفيلبان عرض للحود الآلية التي يراها لتحريك "خريطة الطريق" من خلال خمس نقاط تبدأ بنشر الخريطة ثم بإعلان هدنة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، تليها خطوات دعم انمائية وإدارية تسهل قيام دولة فلسطين ثم عقد مؤتمر دولي يمهد لاعلان الدولة الفلسطينية. وأوضح بري للوزير الفرنسي "ان ادارة العراق من الأممالمتحدة لا تتم بالتصريحات والمواقف، انما بتنسيق بين فرنسا وروسيا وألمانيا مع دول الجوار، وخصوصاً مع سورية وايران". وقال: "من دون هذا التنسيق وتوحيد المواقف لإعادة الامور الى الأممالمتحدة لا اعتقد بأن الولاياتالمتحدة في الوقت الحاضر تسمع شيئاً او انها في صدد صوغ الديموقراطية في العراق، لأن من يرفض المشاركة الدولية عبر الأممالمتحدة لا يمكن ان يسمح بديموقراطية في هذا المكان من العالم". مشيراً الى "ان الفوضى التي حصلت في العراق أمر ضروري ومطلوب من واشنطن لتبرير البقاء اطول مدة ممكنة". وأضاف: "نحن لا نؤيد "خريطة الطريق" لأنها لا تحقق اماني الشعب الفلسطيني، وهي مرفوضة من الاسرائيليين طالما انها تتضمن كلمة دولة فلسطينية"، ولفت الى "ان التهديدات المتواصلة ضد سورية ليست من أجل العراق ابداً ولكن لمنع أي حركة اعتراضية لما سيجري في الذهاب بالقضية الفلسطينية". وفي مؤتمر صحافي عقده في ختام محادثاته في مطار بيروت الدولي قبل مغادرته الى الرياض للقاء المسؤولين السعوديين، شدد دوفيلبان على أهمية "التحاور في هذه المرحلة والعمل سوياً كي نتوصل الى حل للمشكلات الصعبة التي تواجهنا"، وأكد اهمية الدور المركزي للأمم المتحدة في إعادة الاعمار السياسي والاقتصادي في العراق، مشيراً الى "ان حماية الثروات الطبيعية في العراق يجب ان يستفيد منها العراقيون". وطالب بتأليف "حكومة معترف بها من المجموعة الدولية وتمثل مختلف الاطراف العراقية". وعن التهديدات التي توجه الى سورية ولبنان قال: "ان الوضع القائم في المنطقة يتميز بتحديات كبيرة، وفي مرحلة كهذه من المهم ان نعطي الأولوية للمشاورات". وشدد على اهمية ان تنبع الديموقراطية من طموحات الشعب وتكون وفية لتقاليده ومتماشية مع ثقافته ونظمه الخاصة، و"هذا ينطبق على شعوب المنطقة كلها، وعلينا ان نسعى الى احترام كل الاطراف وان نضع نصب اعيننا هدف السلام والعدالة، والاعتراف بحق الفلسطينيين بإقامة دولة لهم"، وقال: "ليس هناك حل سحري كما انه ليس هناك وباء معد بالنسبة الى الديموقراطية". وشدد على ان فرنسا "تود ان تشجع التطبيق الكامل لاتفاق الطائف والأخذ في الاعتبار الواقع والحياة اليومية". وفيما شدد الوزير حمود على "ان الوجود السوري في لبنان هو وجود شرعي وقانوني"، رأى دوفيلبان "ان التحديات التي تواجه المنطقة كبيرة ومنها ما يتعلق بتسوية الوضع في العراق وإيجاد الحلول للأزمات بين اسرائيل والدول العربية". ودعا الى اهمية احترام السيادة الكاملة للبنان من مختلف الاطراف، وخصوصاً من اسرائيل.