يفصل جسر الزبير جنوب مدينة البصرة بين القوات البريطانية التي تحاصر المدينة من جهة، وبين القوات والميليشيات العراقية في وسطها، والتي تعرب عن استعدادها للقتال حتى النهاية ضد القوات الاميركية - البريطانية. ويقول فلاح بثقة بعد خروجه من المدينة "ان القوات البريطانية والاميركية لا تزال بعيدة عن وسط البصرة ودباباتها بعيدة. واجواء المدينة هي فقط التي تستطيع السيطرة عليها بفضل طائراتها. اما على الارض فإن رئيسنا صدام حسين هو الشخص الوحيد الذي يفرض سيطرته على المدينة". ومثله مثل مئات غيره من سكان البصرة غادر الفلاح المدينة امس. بعضهم لا يريد الحديث عما تركوه وراءهم، وبعض آخر يؤكد ان شوارع المدينة مليئة بالقتلى والجرحى ويحذر من وجود مئات المدافعين من ميليشيات الحزب اضافة الى القوات النظامية المستعدة للدفاع عنها حتى الموت. ويردد جميع الخارجين الكلام نفسه: ان مئات من عناصر الميليشيات واعضاء حزب البعث يسيطرون على المدينة البالغ عدد سكانها مع ضواحيها نحو مليوني نسمة، وهم يتنقلون بثياب مدنية او عسكرية ومسلحون بشكل جيد ويتحركون بسرعة ما يجعل من الصعب جداً على القوات البريطانية تحديد مواقعهم لقصفها. وعلى الضفة الاخرى من شط العرب تقف القوات البريطانية بمواجهة المدينة. وقال الكابتن البريطاني روبرت ساندفورد لوكالة "فرانس برس": "انهم يطلقون قذائف الهاون علينا من مدافع ينقلونها في سياراتهم ومن الصعب جداً تحديد مواقعهم للرد عليهم". وعلى الجانب الآخر من الجسر تسمع بسهولة الطلقات العراقية التي تطلق من اطراف المدينة. وقال الضابط البريطاني ان الرد صعب خوفاً من اصابة المدنيين. وذكر عراقي من الخارجين من المدينة: "هذه المعركة ستستغرق وقتاً طويلاً وكل من سيحاول دخول المدينة بالقوة سيذبح". وكان سبعة صحافيين ايطاليين دخلوا الى المدينة، فألقت القوات العراقية القبض عليهم. وتمت مرافقتهم لاحقاً الى بغداد. واعتبر مسؤول في مشاة البحرية الاميركية "المارينز" في جنوبالعراق ان "معركة البصرة ستكون طويلة واساسية". وقال هذا الضابط الذي طلب عدم كشف اسمه "ان القوات تريد تحقيق هذا النصر لتسهيل السيطرة على بغداد، لأن السيطرة على البصرة سيكون لها تأثير سلبي وسريع على الميليشيات العراقية في بغداد". وقام العراقيون في اطار الدفاع عن مدينة البصرة بإشعال النيران في حفر مليئة بالنفط حولها، ما يجعل الرؤية صعبة امام القوات البريطانية التي تحاصر المدينة. وقال العراقي طه جليد، وهو يغادر المدينة مع زوجته واولاده "ان المعارك الرئيسية تدور في القسم الغربي من المدينة بينما تنعم بقية أحياء المدينة بحياة شبه طبيعية حيث تفتح غالبية المتاجر ابوابها… انظروا لدينا البيض والخضار الطازجة ولا نفتقر الا للمياه".