قال الخبير في العلاقات الروسية - الاميركية ديميتري ترينين من مركز "كارنيغي" في موسكو ان "بث الاتهامات الاميركية لروسيا علناً ينذر بانتهاء شهر العسل"، في إشارة الى إعلان مسؤولين أميركيين بيع شركات روسية أسلحة وأجهزة متطورة للعراق، على رغم قرارات الحظر الدولية. وجاء هذا التطور ليزيد التوتر في العلاقات الذي ظهر على السطح بعد طلب روسيا من الاممالمتحدة اتخاذ قرار حول شرعية الحرب على العراق. وقال ترينين "إنها مؤشر خطير". وأضاف ان "روسيا اتهمت الولاياتالمتحدة بمهمات تجسس ضدها انطلاقا من الاراضي الجورجية. كل ذلك يعيد الى الاذهان اجواء الحرب الباردة". وفي الواقع فإن المراقبين يرون ان العلاقات الروسية - الاميركية تعاني من الفصام. فالقسم الواضح منها هو العلاقة الشخصية بين الرئيسين الاميركي جورج بوش والروسي فلاديمير بوتين التي كانت تعكس حتى الآن صورة صداقة متينة ودافئة بينهما. ويشعر الرئيسان اللذان يتحملان مسؤوليات كبرى بانهما يواجهان تحديات مماثلة، احدهما يواجه تحدي ما بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر والآخر ما بعد الشيشان. والاختلاف في المعاملة الذي خصه الاميركيون للدول المعارضة للحرب في العراق جاء ليعزز هذا الانطباع، إذ أن واشنطن ألقت اللوم على فرنسا وجنبت روسيا ذلك. لكن الجانب الأقل بروزاً في العلاقات بين موسكووواشنطن، هو أن إدارة الحكم في البلدين تضمان بيروقراطيتين من موظفين عايشوا اجواء انعدام الثقة، مما يعطي انطباعاً سيئاً عن سير العلاقات بينهما. ورأى سيرغي ماركوف الخبير السياسي القريب إلى الكرملين والمطلع على الشؤون الاميركية ان النخبة السياسية الاميركية "محافظة جداً" ولا تزال متأثرة الى حد كبير بالحرب الباردة. واعطى مثالا على ذلك ابقاء واشنطن قانون جاكسون - فانيك الذي فرض في الماضي لمعاقبة الاتحاد السوفياتي السابق على عدم السماح بهجرة اليهود السوفيات. وقال ماركوف: "مر 15 عاماً على السماح لليهود بالذهاب أينما ارادوا، لكن القانون لا يزال قائماً ويحد من علاقاتنا التجارية". وتابع ماركوف ان العلاقات بين البلدين كانت دائماً متوترة والدليل على ذلك "السياسة الأميركية الهادفة الى ضرب صناعة الطيران والفضاء الروسية في مناسبة انضمام روسيا الى منظمة التجارة العالمية". لكن السبب المباشر لاتهامات واشنطن التي نفاها بوتين مباشرة خلال مكالمة هاتفية مع بوش ليل الاثنين - الثلثاء قد يكون، على حد قول ماركوف، المصاعب التي يواجهها الحلف الأميركي - البريطاني في العراق، والهفوات التي سجلت بعدما اخطأت قنابل وصواريخ أهدافها وأوقعت ضحايا مدنيين، حسب وسائل اعلام روسية. وتابع المحلل: "يجب اتهام احد ما بالوقوف وراء عدم نجاح الاميركيين والبريطانيين. ولتفسير ذلك تتم الاشارة الى استخدام بغداد اسلحة حديثة يفترض ان مصدرها روسيا…". ورأى ترينين ان المشكلة الاساسية الحقيقية تبقى الاختلاف حول العراق. وقال إن "خيبة واشنطن الكبرى لم تكن واقع ان روسيا ترفض الانضمام الى الحلف ضد العراق، لكن لها قضية مشتركة مع فرنسا".