يسعى العراق إلى حمل مجلس الأمن على مناقشة الغزو الأميركي - البريطاني لأراضيه، فيما أبغلت واشنطن المجلس رسمياً بالمبررات التي دفعتها إلى مهاجمة العراق. وقال المندوب العراقي لدى الأممالمتحدة السفير محمد الدوري، في بيان هو الأول من نوعه، إنه سيطلب من مجلس الأمن الدولي ادانة الولاياتالمتحدة على تصرفها مثل "دولة إرهابية"، بشنها حرباً منتهكة القانون الدولي. وقال البيان العراقي: "تصرفت الولاياتالمتحدة كدولة إرهابية بمحاولتها اغتيال قادة دولة عضو في الأممالمتحدة. لن تكون هذه الحرب نزهة كما يحلو لبعض المسؤولين الأميركيين تصويرها". واتهم البيان الرئيس جورج بوش باستخدام "طائفة من الأكاذيب" لتبرير الحرب، قائلاً إن بغداد ليست خطراً على الولاياتالمتحدة التي تبعد عنها ستة آلاف ميل. وأضاف ان بوش يزعم أنه يريد تحرير العراقيين، لكن اتضح للجميع في العالم أنه يريد تحرير آبار النفط من قبضة الشعب العراقي". وقال الدوري، الذي لم يستطع أن يتصل بحكومته في بغداد إلا مرة واحدة الخميس، إنه لا يدري متى سطلب، من خلال سورية عضو المجلس، عقد اجتماع لمجلس الأمن. وقال مسؤول في بعثة اندونيسيا لدى الأممالمتحدة إن بلاده تريد أيضاً اجراء مناقشة في مجلس الأمن، وانه إذا تعذر ذلك، فإن اندونيسيا تريد أن تطرح القضية على الجمعية العامة. وأوضح الدوري، في تصريحات، أنه بعث برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة توضح أن الرئيس بوش "بدأ الحرب". وقال إنه طالب الأممالمتحدة بإثبات التزامها بميثاقها. وأضاف: "هذه حرب عدوانية… وانتهاك للقانون الدولي". في موازاة ذلك، أبلغت الولاياتالمتحدة مجلس الأمن أسبابها الرسمية لغزو العراق. كما قدمت بريطانيا واستراليا، الدولتان الاخريان في التحالف الذي تقوده واشنطن، رسائل مماثلة إلى المجلس. ولم يرد في أي من هذه الرسائل ذكر "تغيير النظام" في بغداد، وهو سبب للغزو لم يخوله قط أي قرار لمجلس الأمن. ووصف السفير الأميركي جون نيغروبونتي العمليات العسكرية بأنها "ضرورية" لضمان اذعان العراق لالتزاماته نزع السلاح بموجب سلسلة قرارات مجلس الأمن ومنها القرار 1441. وقال نيغروبونتي: "قررت حكومة بغداد ألا تستفيد من فرصتها الأخيرة بموجب القرار 1441 وارتكبت بوضوح انتهاكات أخرى". وأشار إلى أن القرار 687 الذي صدر في نيسان ابريل العام 1991 فرض التزامات نزع السلاح على العراق كانت شروطاً لوقف النار في نهاية حرب الخليج، حينما طردت قوات تحالف آخر قادته الولاياتالمتحدة قوات بغداد من الكويت. وأضاف نيغروبونتي ان العراق رفض مراراً استجابة المبادرات الديبلوماسية والعقوبات الاقتصادية وغيرها من السبل السلمية التي تهدف إلى حمله على الاذعان لالتزاماته نزع سلاحه والسماح بعمليات التفتيش على برامجه للأسلحة. وقال إنه نتيجة لذلك، فإن العمل العسكري كان "الرد المناسب" و"الخطوة الضرورية للدفاع عن الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي من الخطر الذي يشكله العراق واستعادة السلام والأمن الدوليين في المنطقة". إلى ذلك، قال المسؤول القانوني في وزارة الخارجية الأميركية وليام تافت إن الحرب على العراق تندرج في إطار القانون الدولي. وأضاف، خلال اجتماع للمدعين العامين في الولاياتالمتحدة عقد في واشنطن، انه بموجب الدستور الأميركي "فإن رئيس الولاياتالمتحدة لا يتمتع فقط بصلاحية، بل أيضاً بمسؤولية استخدام القوة لحماية الأمن القومي". وأوضح "ان استخدام القوة ضد العراق مبرر أيضاً بموجب القانون الدولي"، مشدداً على أن القرار 687 الصادر عن مجلس الأمن والذي سمح بشن عمل عسكري خلال حرب الخليج العام 1991 "يعطي بوضوح الاذن" بنزع أسلحة العراق بالقوة. وأضاف تافت ان الرئيس "يمكنه في أي حال أن يستخدم القوة في إطار القانون الدولي وبهدف الدفاع عن النفس، وهذه هي الحال الآن". وكان مجلس الشيوخ الأميركي اعتمد بالاجماع قراراً يدعم بوش في الحرب على العراق. وجاء في النص الذي اعتمده مجلس الشيوخ: "اننا ندعم جهود الرئيس بصفته القائد الأعلى في النزاع ضد العراق". وأشار القرار إلى أن الرئيس العراقي لم يحترم أياً من قرارات الأممالمتحدة التي تطالبه بنزع أسلحته، وأن الرئيس الأميركي يملك الصلاحية التي منحه اياها الكونغرس في العاشر من تشرين الأول اكتوبر 2002 للجوء إلى القوة، وان أكثر من 255 ألف رجل وامرأة من القوات المسلحة الأميركية موجودون في منطقة الخليج. وأعرب أيضاً "عن امتنان الأمة لكل عناصر القوات المسلحة، فضلاً عن عائلاتهم" لالتزامهم وتفانيهم. وعبر القرار عن "عرفان الولاياتالمتحدة الصادق" لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير وحكومته ل"دعمها الجريء".