بعد شهرين من المفاوضات المكثفة والشاقة اعطى مجلس الامن الدولي أمس الجمعة العراق فرصة اخيرة لنزع سلاحه عبر التصويت بالاجماع على عودة المفتشين الدوليين الى العراق، مع تعزيز صلاحياتهم. فقد وافق مجلس الامن الدولى بالاجماع أمس على قرار يمنح العراق فرصة اخيرة للتخلص من اسلحته للدمار الشامل او انه سيواجه عواقب وخيمة. ومنح القرار - الذى وضعت مشروعه الولاياتالمتحدة وشاركت فى رعايته بريطانيا - العراق اسبوعا لقبول شروطه والتعهد بالاذعان لذلك. وينص القرار على منح مفتشى الاسلحة حقوقا فورية غير مقيدة وغير مشروطة للبحث فى اى مكان بما فيها قصور الرئاسة الخاصة عن اسلحة كيماوية او بيولوجية او نووية ويهدد العراق بعواقب وخيمة اذا لم يتعاون0وحتى سوريا التي ابدت قبلا علامات على انها لن تؤيد القرار انضمت الى اعضاء المجلس الآخرين في التصويت بالاجماع بموافقة الاعضاء الخمسة عشر. بوش يرحب ويهدد ورحب الرئيس الامريكي جورج بوش بالموافقة على القرار بالاجماع في مجلس الامن وحذر العراق من انه سيواجه اشد العواقب اذا لم يذعن لقرار مجلس الامن. وقال بوش عقب التصويت على القرار ان مجلس الامن: اعطى انذارا واضحا جليا بأنه يجب على الرئيس العراقي صدام حسين ان يفصح افصاحا كاملا عن اسلحته للدمار الشامل ويدمرها. ويترك القرار لواشنطن الحرية في مهاجمة العراق دون قرار آخر رسمي من الاممالمتحدة يجيز استخدام القوة. لكنه يطالب مجلس الامن بتقويم اي انتهاك خطير من جانب العراق قد يؤدي الى نشوب حرب. وجاء التصويت على القرار ختاما لثمانية اسابيع من المفاوضات الصعبة بشأن نص القرار بعد ان طالب الرئيس الامريكى جورج بوش الاممالمتحدة يوم 12 سبتمبر بارغام العراق على تنفيذ قرارات المنظمة الدولية بنزع اسلحته. وطبقا لتقارير صحفية امريكية فان الاجراء لا يتطلب ردا عسكريا تلقائيا اذا اعاق العراق عمليات التفتيش على الاسلحة غير ان السفير الامريكى لدى الاممالمتحدة جون نيغروبونتى قال ان الاجراء لا يمنع اى عضو فى الاممالمتحدة من الدفاع عن نفسه من تهديدات تشكلها اسلحة الدمار الشامل العراقية وسيكون امام مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة 45 يوما لبدء العمل ثم60 يوما لرفع تقرير الى مجلس الامن.وقال كبير مفتشي الاسلحة هانز بليكس ان فريقا طليعيا سيتوجه الى بغداد بعد عشرة ايام من اجازة القرار. قرار صعب وفي أول رد فعل عراقي على القرار قال سفير العراق لدى الاممالمتحدة محمد الدوري أمس ان القرار الجديد بشأن اعادة مفتشي الاسلحة الى العراق صيغ بطريقة كأنما قصد منها وضع شروط يصعب على العراق تلبيتها. واضاف السفير: هذه ارادة الولاياتالمتحدة تفرضها على باقي العالم وتابع: انا متشائم جدا. صيغ هذا القرار بأسلوب يمنع المفتشين من العودة للعراق. ولم يذكر الدوري ما اذا كانت بغداد ستقبل القرار. وقال: سنترقب رد الفعل من بغداد. واشار الى انه اذا رفضت بغداد القرار فمن المرجح ان تنسحب من اتفاق النفط مقابل الغذاء المبرم مع الاممالمتحدة. وقال: من المؤكد انه ستكون هناك عواقب. اذا قامت الحرب فسوف يوقف البرنامج. وتوج القرار ثمانية اسابيع من المفاوضات المكثفة حول الصياغة الامريكية. وقال الدوري: بذلت دول اخرى قصارى جهدها.. فعلوا ما بوسعهم.. فرنسا وروسيا وسوريا والصين.. وفي النهاية كان عليهم ان ينظروا لمصالحهم الوطنية الخاصة. بغداد تدرس الرد وتدرس القيادة العراقية القرار الجديد في الوقت الذي يعتقد فيه العراقيون ان الضربة الامريكية قادمة مهما فعلت بغداد. ولم يصدر بعد اي رد فعل رسمي عراقي على القرار الجديد، لكن بغداد جددت قولها قبل عملية التصويت بقليل ان هدف مشروع القرار الامريكي هو التمهيد لضربة امريكية على العراق بينما رأى مواطنون عاديون ان الضربة الامريكية قادمة مهما فعلت بغداد. فقد اتهم وزير التجارة العراقي محمد مهدي صالح الولاياتالمتحدة بأنها تبحث عن حجة لمهاجمة بلاده . وقال ان هدف القرار ليس التحقق من وضع العراق فيما يخص اسلحة الدمار الشامل بل ايجاد اسباب للولايات المتحدة لضرب العراق . الا ان الوزير العراقي لم يعلن بوضوح ما اذا كانت بغداد ستوافق ام لا على القرار الجديد مما اكد ان بغداد تترك خياراتها مفتوحة رغم قولها مرارا إنه لا لزوم لقرار جديد بعد قبولها بعودة المفتشين. بلير: الخيار بيد صدام وفي لندن قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان العراق لا يزال بإمكانه تفادي الصراع العسكري بالامتثال لقرار مجلس الامن الدولي وبنزع السلاح. ومشددا على أن الخيار الآن في يد الرئيس العراقي، وقال بلير لصدام حسين محذرا: تحدى إرادة الاممالمتحدة وسننزع سلاحك بالقوة. لا يكن لديك أي شك بأي شكل من الاشكال بشأن ذلك . وقال بلير انه من الممكن تفادي الصراع ولكن لا يمكن تفادي نزع السلاح. عنان يناشد بغداد وقال كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة امام مجلس الامن: اناشد القيادة العراقية من اجل شعبها ومن اجل الامن والنظام العالميين انتهاز هذه الفرصة ومن ثم البدء في وضع نهاية لعزلة ومعاناة شعبها. فرصة لتفادي الحرب وتوالت ردود الفعل المرحبة بالقرار ففي باريس قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك انه يرى أن قرار الاممالمتحدة الجديد يمثل فرصة لنزع أسلحة العراق سلميا . وعقب إصدار مجلس الامن الدولي قرار رقم 1441 بالاجماع، قال شيراك من باريس ان المجتمع الدولي يرسل رسالة واضحة وموحدة إلى العراق أن الوقت قد حان ليتعاون مع الاممالمتحدة. وفي موسكو وصف نائب وزير الخارجية الروسى يورى فيدوتوف قرار مجلس الامن الدولي رقم 1441 بأنه يشكل حلا مقبولا. وقال فيدوتوف في تصريح نقلته وكالة انباء انترفاكس ان القرار يعتبر حلا مقبولا ويفتح الباب امام التوصل الى تسوية شاملة للوضع حول العراق. ولاحظ ان القرار حظي بالاجماع وابرز وحدة اعضاء مجلس الامن الدولى وقال ان القرار امسى كذلك دليلا على قدرة المجتمع الدولى على وضع حلول مشتركة ازاء القضايا المعقدة. واضاف ان من الاهمية بمكان احتفاظ مجلس الامن الدولى بدوره كمرجعية اخيرة فى تقرير استخدام القوة اذا تم اقرار قيام العراق بانتهاك الالتزامات المترتبة عليه. ونفى فيدوتوف ان يكون القرار 1441 قد الغى امكانية استخدام حق الفيتو لاحقا ازاء اى قرار يجيز استخدام القوة ضد العراق مضيفا ان هذا القرار لم يلغ الجانب الاجرائى المتعارف عليه لبلورة القرارات فى مجلس الامن الدولى وفقا للميثاق. واضاف ان تأكيد القرار على احترام سيادة العراق ووحدة اراضيه يعتبر امرا هاما.