مع بدء الحرب الاميركية على العراق، تجدد الحديث بقوة عن عملية السلام في الشرق الاوسط، ففيما سعت واشنطن الى طمأنة الفلسطينيين الى ان اعلان "خريطة الطريق" يهدف الى "البحث في سبل تنفيذها" وليس الى إدخال تعديلات عليها، دعت باريس الى عقد مؤتمر دولي خاص بعملية السلام في الشرق الاوسط واعلان الخريطة. في غضون ذلك، بدأ رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن مشاوراته لتشكيل حكومته، وسط تكتم شديد، علماً بأن عليه اعلان الحكومة خلال ثلاثة اسابيع قابلة للتمديد أسبوعين. وعلمت "الحياة" ان "ابو مازن" ينوي اعلان حكومته بسرعة في ضوء التطورات الاقليمية المتسارعة والاوضاع الامنية الفلسطينية المتدهورة، فيما رأى مراقبون ان الاسراع من وتيرة الاصلاحات سينقل الضغوط الى رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون من اجل تقديم تنازلات. وبدا أن شارون أيضاً يسرع الخطى في "تطهير" المناطق الفلسطينية من الناشطين من خلال تكثيف الهجمات استعداداً لفترة ما بعد الحرب. وشوهدت دبابات اسرائيلية على مدى اليومين الماضيين على الطرق الرئيسة في عمليات تنقل داخل الاراضي الفلسطينية وصل بعضها الى نابلس التي شهدت بلدتها القديمة وحي رأس العين المجاور اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال اثناء حملة اعتقالات ودهم لمنازل المواطنين احتجز خلالها الجيش سبعة شبان على الاقل، كما اصيب اميركي بعيار معدني في الصدر. وعلى رغم الانشغال الدولي بالحرب في العراق، الا ان ذلك لم يمنع الاتحاد الاوروبي من التشديد على تمسكه بعملية السلام في الشرق الاوسط، اذ دعا وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان الى "عقد مؤتمر دولي للسلام واعلان "خريطة الطريق"، مضيفاً أنه "ينبغي التحرك بصورة عاجلة لفتح افق سياسي جديد لتحقيق تطلعات الشعب الاسرائيلي في الحصول على الامن، وحاجة الشعب الفلسطيني لاقرار العدل". واوضح مصدر فرنسي ان تصريح الوزير جاء في اطار رده على سؤال وجه اليه في مجلس الشيوخ "من باب تأكيد بقاء الوضع الفلسطيني في صلب اهتمامنا"، وأضاف ان موقف الوزير "يندرج في صلب الموقف الاميركي الداعي الى تطبيق خريطة الطريق" بعد تولي ابو مازن منصبه. وفي السياق نفسه، تلقى الرئيس ياسر عرفات اتصالاً هاتفياً من مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا امس للبحث في تداعيات الحرب على الوضع الفلسطيني من جهة، وتأكيد دعمه للفلسطينيين بعد تعيين "أبو مازن". وكان الدول الاوروبية الفاعلة اعربت عن ارتياحها الى تعيين "أبو مازن" ودعت اسرائيل الى العودة فوراً الى طاولة المفاوضات ووقف دوامة العنف التي تعيشها المنطقة. وعلى الجانب الاسرائيلي، رأى مراقبون ان شارون الذي حظي ب"مكافأة" سخية من ادارة الرئيس جورج بوش عشية بدء الحرب، من خلال منحه تسعة بلايين دولار كضمانات قروض وبليون دولار كمنحة عسكرية، سيطلب من بوش "الانتظار حتى ترسيخ قيادة ابو مازن، بصفته قيادة بديلة لعرفات، والتفاوض على التعديلات الاسرائيلية على خريطة الطريق"، كما سيسعى الى استغلال توافقه التام مع بوش ليجبر الفلسطينيين على القبول ب "دولة موقتة" تقع بين "الجدران الامنية" التي يشيدها الجيش الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية، بحسب المحلل السياسي الاسرائيلي آلوف بن.