في إطار المساعي المحمومة التي تبذلها واشنطن ولندن من اجل الحصول على دعم دولي لغزو العراق، عقد الرئيس جورج بوش مؤتمراً صحافياً طارئاً أعلن فيه التزامه تطبيق "خريطة الطريق" من أجل تحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، لكنه رهن اعلان الخريطة بتولي رئيس وزراء فلسطيني قوي يمتع "بصلاحيات فعلية" هذا المنصب. وبعد قليل من ذلك، اعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير خلال مؤتمر صحافي طارئ ايضا موقفا مشابها، لكن من دون التطرق الى صلاحيات رئيس الوزراء الفلسطيني. ولم يتطرق بوش أو بلير في كلمتيهما الى العدوان الاسرائيلي المتواصل في الاراضي الفلسطينية والذي اسفر عن استشهاد 12 فلسطينياً خلال 12 ساعة، معظمهم برصاص "وحدات خاصة" في الجيش الاسرائيلي. واللافت في خطابي بوش وبلير أن تعهدهما ايجاد تسوية في الشرق الاوسط لا يخرج عن اطار الوعود الفضفاضة وغير الملزمة، فهما يخلوان من أي التزام مادي أو تعهد ملموس بتحقيق السلام، كما أنهما لا يتضمنان أي إلزام لاسرائيل بتحقيق السلام أو حتى معالجة الوضع على الارض لمساعدة رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد في تثبيث مسؤولياته. وردّت السلطة الفلسطينية على اعلان بوش معتبرة أنه "غير كاف"، ودعاه كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات الى "اعلان خريطة الطريق بسرعة وايجاد آليات تنفيذ الزامية وجداول زمنية محددة ومراقبين دوليين في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني". وسارعت إسرائيل الى الترحيب بتعهد بوش، وقال ناطق باسم وزارة الخارجية: "حين يتم تعيين رئيس وزراء فلسطيني ويبدأ مهماته، عندها سنفكر بالتأكيد في بحث خريطة الطريق". وكشفت مصادر اعلامية اسرائيلية ان مستشارة الامن القومي الاميركي غونداليزا رايس كانت اطلعت دوف فايسغلاس مستشار رئيس الحكومة آرييل شارون على تفاصيل اعلان بوش اثناء زيارته لواشنطن اخيراً. في غضون ذلك، بحث ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز المسألة الفلسطينية خلال اتصال هاتفي اجراه معه الرئيس الاميركي. وأفادت وكالة الانباء السعودية ان المسؤولين تطرقا الى الوضع في المنطقة، خصوصاً القضية الفلسطينية. وفي خطابه، شدد بوش على ان "خريطة الطريق" ستوزع على الفلسطينيين والاسرائيليين لابداء الملاحظات عليها فور تثبيت رئيس وزراء فلسطيني في منصبه على ان يتمتع ب"سلطات فعلية"، متوقعاً أن يتم ذلك قريباً. وشدد على ان واشنطن ستشجع الطرفين على "مناقشة خريطة الطريق" في ما بينهما، معتبراً أن "الوقت حان للخروج من المواقف المتقوقعة واتخاذ اجراءات ملموسة لتحقيق السلام". كذلك شدد بوش في خطابه على ضرورة "وقف كل نشاطات الاستيطان في الاراضي المحتلة" مع "حصول تقدم نحو تحقيق السلام". اما بلير فتعهد تركيز جهوده على العمل من أجل إيجاد تسوية عادلة في الشرق الاوسط الى جانب التركيز على الازمة في العراق. وابلغ المراسلين العرب ان "خريطة الطريق" تعلن بعد تولي رئيس الوزراء الفلسطيني مسؤولياته. وقال انه تحدث امس مع ابو مازن وهنأه على منصبه وكذلك مع الرئيس ياسر عرفات، وعلم منهما ان ابو مازن سيتولى مهماته الاسبوع المقبل. وشدد على اهمية التزامه الانصاف في حل مشكلة الشرق الاوسط، متعهداً مواصلة دعم الاصلاح الفلسطيني، وداعياً الى استئناف مفاوضات السلام من دون ابطاء. ودافع بشدة عن "خريطة الطريق" كونها تمثل ارادة المجتمع الدولي وبداية حل للمشكلة الفلسطينية.