دفع تحطم المكوك "كولومبيا" الرئيس الاميركي جورج بوش الى اقتراح زيادة موازنة ادارة الطيران والفضاء الاميركية ناسا بنحو 470 مليون دولار لهذا العام، في ظل شكوك بأن التخفيضات السابقة في الموازنة لعبت دوراً في الوصول الى الكارثة. وتحدثت تقارير عن عزل مجموعة خبراء في "ناسا" كانوا حذروا من انخفاض مستوى السلامة في المركبات الفضائية بسبب التقشف. وفي غضون ذلك، تم العثور على اشلاء رواد المكوك السبعة، اضافة الى اكثر من 500 قطعة من حطامه، فيما استمرت التحقيقات في اسباب الحادث. قال مسؤول في الادارة الاميركية ان الرئيس جورج بوش سيقترح زيادة موازنة ادارة الطيران والفضاء ناسا بمقدار 470 مليون دولار تقريباً في العام المالي 2004. ووعد بأن المحققين سيبحثون في ما اذا كانت للتخفيضات السابقة في موازنة "ناسا"، اي دور في كارثة المكوك "كولومبيا". وبهذه الزيادة، تصل موازنة "ناسا" الى .4715 بليون دولار في سنة 2004 المالية. بعد خفض مستمر في موازنتها على مدى الاعوام العشرة الماضي. وبلغت موازنة برنامج المكوك .2083 بليون دولار في عام 2003، اي بانخفاض مقداره 75 مليون دولار عن موازنة عام 2002. طرد الخبراء وتزامن ذلك مع انباء عن اقدام ادارة "ناسا" على طرد خمسة خبراء كانوا شاركوا في لجنة قدمت تقريراً يحذر من ان اسطول المركبات المكوكية الفضائية يواجه مشكلات في السلامة في حال عدم رفع الموازنة، وحضوا على تحديث اسطول المركبات المتقادمة وتطوير مركبة جديدة. ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" امس، ان الخبراء الخمسة كانوا اعضاء في لجنة مؤلفة من تسعة وتضم اثنين من المستشارين. ونقلت عن مصادر قولها ان هدف العزل كان اسكات الانتقادات لسياسة التقشف. وأضافت الصحيفة ان الاميرال المتقاعد برنارد كودرير كان مستاء من عزل الخمسة لدرجة انه انسحب من "لجنة سلامة الفضاء الاستشارية" التابعة ل"ناسا"التي أقرت ادارتها بأن هؤلاء اجبروا على الاستقالة. وكانت اللجنة حذرت في احدث تقرير لها صدر في اذار مارس الماضي، من ان العمل على ضمان سلامة المكوك "تدهور". واشار التقرير الى ان خفض الموازنة كان يؤدي الى التركيز على التخطيط قصير المدى فقط. وكان رئيس اللجنة ريتشارد بلومبرغ قال امام الكونغرس في نيسان ابريل الماضي: "لم اكن ابداً قلقاً على سلامة مكوك الفضاء كما أنا الآن، وحدسي يخبرني بأن الاسلوب الحالي برمته يزرع بذور الخطر في المستقبل". وأضاف ان قلقه ليس على "الرحلة الحالية او التالية او التي تليها، بل أن احد اسباب خوفي هي ان ما من احد سيعلم على سبيل التحديد متى يتقلص هامش السلامة في شكل زائد عن الحد". وأبلغ اعضاء الكونغرس الذين استمعوا الى شهادة اللجنة في الربيع الماضي "نيويورك تايمز"، انهم سيعيدون النظر في ما اذا كانت القيود التي فرضت على الموازنة ادت الى الاضرار بالسلامة، الا ان عدداً منهم قالوا انهم يشكون في ذلك. العثور على أشلاء الرواد على صعيد آخر، اعلنت "ناسا" انه تم العثور على اشلاء رواد المكوك كولومبيا السبعة. وقال بوب كابانا مدير عمليات الطيران في مؤتمر صحافي حول الكارثة: "ما زالت العملية في مرحلة تحديد الهوية". واضاف: "نتعامل مع تلك الاشلاء بأقصى درجات الاحترام والتقدير ونحافظ عليه". وواصل مئات من رجال الشرطة والجنود في شرق تكساس ولويزيانا البحث عن الحطام الذي تناثر على مساحة طولها نحو 160 كيلومتراً وعرضها نحو 16 كيلومتراً اغلبها من غابات تكساس الكثيفة. وفي المناطق الريفية استخدمت فرق البحث الجياد وسيارات الدفع الرباعي للتنقيب في الغابات. وتم العثور على اكثر من 500 قطعة من اجزاء المكوك في منطقة ناكوغدوتشيس في تكساس. اسباب الكارثة وفي الوقت نفسه، ركز علماء "ناسا" اهتمامهم على دراسة الارتفاع المفاجئ في درجة الحرارة في الجانب الايسر من المكوك والمناورة التصحيحية الحادة غير العادية التي قام بها الطيار الآلي، وذلك لمعرفة سبب تفكك المكوك وتحطمه فوق تكساس يوم السبت الماضي، مما ادى الى مقتل افراد طاقمه السبعة في انفجار مروع. وعقد مجلس مستقل للتحقيقات عينته "ناسا" اجتماعه الاول امس، لدراسة التحليل الاولي للبيانات التي ارسلها "كولومبيا" الذي طار للمرة الأولى قبل 22 عاماً. وتظهر البيانات ان درجة الحرارة في اجزاء من الجانب الايمن للمكوك، ارتفعت 32 درجة مئوية خلال خمس دقائق فيما كانت المركبة تدخل المجال الجوي للأرض. وقال رون ديتمور مدير برنامج المكوك انه بعد اربع دقائق من ذلك "كانت هناك زيادة في المقاومة على الجانب الايسر من المركبة، ونظام التحكم في الطيران كان يواجه هذه المقاومة بمحاولة توجيه المركبة لميل نحو اليمين، وبعد ذلك فوراً فقدنا الاتصال". واضاف: "يزيد اعتقادنا بأنها كانت مشكلة تتعلق بالحرارة وليست مشكلة هيكلية". ويتعرض المكوك لدرجة حرارة تصل الى ثلاث آلاف درجة مئوية لكنه محصن بعوازل للحرارة. وأكد ديتمور ان الجناح الايسر من المكوك تعرض بعد اطلاقه بنحو 80 ثانية لسقوط جزء من المادة العازلة عن خزانات الوقود، لكن المهندسين اعتقدوا انها لن تسبب اي ضرر خطير لغطاء العزل الحراري في المكوك. ويذكر ان "ناسا" اوقفت ثلاث رحلات مكوكية الى حين معرفة سبب الكارثة ومعالجته. وكانت حادثة تحطم المكوك "تشالنجر" قبل 17 عاماً، ادت الى وقف رحلات اسطول المكوك لمدة ثلاث سنوات حتى تم التوصل للسبب واصلاحه في برنامج تكلف بلايين الدولارات. ومن شأن وقف الرحلات الحالية تعطيل عمليات الامداد والانشاء في محطة الفضاء الدولية، ذلك ان المكوك هو وسيلة المواصلات الرئيسية للمحطة التي تكلفت 95 بليون دولار. وستضطر المحطة وطاقمها للاعتماد على مركبة "سيوز" الروسية ومركبة الشحن "بروغرس" في نقل الامدادات وافراد الطاقم طوال فترة وقف طيران اسطول "كولومبيا". معاريف تنشر صور تشققات في المكوك ونشرت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية امس، صورة للمكوك كولومبيا التقطت في اليوم الخامس من مهمته، ظهر فيها تشقق على جناحه الايسر. وجاءت هذه الصورة الفوتوغرافية من مجموعة لقطات بثتها كاميرا تلفزيونية كانت في المركبة، لمناسبة محادثة بين رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون والكولونيل ايلان رامون اول رائد فضاء اسرائيلي الذي كان في المكوك. وفي مرحلة محددة من الحوار اراد رامون ان يشاركه شارون مشاهدة الارض من الفضاء كما تبدو له من المكوك. وكشفت الصورة وجود شقين وصفتهما الصحيفة بانهما "طويلان" على الجناح الايسر للمركبة. ويمكن ان يكون الشقان سبب المشكلات التقنية التي ادت الى انفجار المركبة.