يُعد متحف اللوفر في باريس، أحد أجمل متاحف العالم وأكبرها، لإضافة جناح ثامن على أجنحته السبعة القائمة، يخصص للفنون الإسلامية، في خطوة تهدف إلى القاء الضوء على البعدين الحضاري والابداعي اللذين تنطوي عليهما هذه الفنون. وتأتي الخطوة أيضاً ترجمة للرغبة التي أبداها الرئيس جاك شيراك في تشرين الأول اكتوبر الماضي عندما دعا إلى تخصيص جناح للفنون الإسلامية يبرز غناها الفريد، ويعبر عن الطابع الاستثنائي لما قدمته الحضارة الإسلامية للتاريخ البشري. ويراهن شيراك على أن يلعب هذا الجناح دور الجسر بين الحضارتين الغربية والإسلامية، خصوصاً عبر التعريف بالأخيرة وإبراز وجهها المشرف في ظل التشوهات التي التصقت بها، وتبديد الريبة القائمة حيالها في أذهان بعض الفرنسيين والغربيين، إذ "أن التعرف على الآخر واحترام التعددية الثقافية والحوار والتسامح" ضمانة ل"مستقبل سلام وتقدم في العالم الذي يرتسم أمام أعيننا"، على حد تعبير الرئيس الفرنسي. التجاوب مع الرغبة الرئاسية لم يطرح على متحف اللوفر سوى مشكلة واحدة تتمثل باستحداث صالة جديدة، وتخصيصها لمجموعة التحف الإسلامية التي يملكها، وهي الأهم في الغرب. إذ تتكون من حوالى عشرة آلاف قطعة معدنية وخزفية وزجاجية وخشبية، إضافة إلى السجاد والنسيج والعاج والمنمنمات. الفنون الإسلامية لم تكن غائبة عن المتحف الفرنسي، لكنها كانت موزعة على أجنحته المختلفة. فكؤوس الجاد المرصعة بالذهب والحجارة الكريمة المصنوعة في تركيا في القرن السادس عشر كانت معروضة في جناح التحف الفنية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الدست النحاسي، المرصع بالفضة والذهب، المصنوع في سورية في عهد المماليك، وأيضاً المنمنمات الخزفية المصنوعة في طهران في القرن الثامن عشر، وغيرها من التحف المبعثرة بين جناحي القطع الأثرية الشرقية والفنون الآسيوية. وتعتبر إدارة المتحف أن تجميع القطع المختلفة في جناح خاص يسمح للزوار بالوقوف على خصوصية الفن الإسلامي الذي بقي، على رغم تنوعه، متمسكاً بنماذجه الأساسية عبر العصور، خلافاً للفنون المسيحية التي تتسم بالتباين الشديد بين مرحلة وأخرى. كما أن الجناح الجديد سيظهر مدى تأثر الفنون الإسلامية بميل العرب إلى الرياضيات الذي يبرز خصوصاً من خلال الطابع الهندسي الدقيق للرسومات الخزفية. ويسعى اللوفر إلى تصميم جناحه الجديد بطريقة تميزه عن المتاحف العالمية الأخرى التي تعرض فنوناً إسلامية مثل متحف "متروبوليتان" في نيويورك و"البرت" في لندن و"بناكي" في اليونان و"توبكابي" في اسطنبول، من خلال ابراز القطع الأثرية العائدة إلى منطقة الإسلام التقليدية من اسبانيا إلى شمال الهند، وإبراز المكانة الخاصة للفنون المعدنية وهو ما لا يكترث له الغرب كثيراً. ويوصف الجناح الذي لم يعلن بعد موعد افتتاحه، بأنه سيكون حدثاً ثقافياً بارزاً، ونوعاً من الرحلة التاريخية تذكر بما اكتسبه الغرب الغازي لمناطق الإسلام من القرن الحادي عشر وحتى الثالث عشر في مجال الفيزياء والجبر والطب وعلم الكواكب.