افتتح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس الثلاثاء جناح فنون الإسلام التابع لمتحف اللوفر. وألقى كلمة أشاد فيها بإسهام الحضارة الإسلامية في تنوير الإنسانية وإثراء حضارات كثيرة أخرى. وقال هولاند إن الذين يستخدمون العنف باسم الإسلام لا يمثلون القيم والمبادئ التي قامت عليها الحضارة الإسلامية. ورأى أن الذين يدمرون اليوم معالم أثرية إسلامية إنما يدمرون تراث الإنسانية كلها. وتطرق إلى الجدل حول العلاقات القائمة بين الحضارات وبخاصة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية فقال " ليست الحضارات كتلا تتصادم. بل عليها التلاقي ". فسيفساء جدارية إيرانية تعود إلى القرن السابع عشر ويعد افتتاح جناح فنون الإسلام في متحف اللوفر حدثا مفصليا في تاريخ العلاقة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية لأنه يعتبر أهم الأجنحة المخصصة للإسلام وحضارته في متاحف العالم كله. وإذا كان زواره يستطيعون انطلاقا من يوم السبت المقبل مشاهدة حوالي ثلاثة آلاف قطعة من أفضل القطع الفنية التي جمعت من عشرات البلدان الإسلامية، فإن مخزون الجناح الجديد في متحف اللوفر يتكون من قرابة عشرين ألف قطعة ساهم المتحف فيها بخمسة عشر ألف قطعة بينما جيء من متحف فنون الزخرفة الفرنسي بحوالي ثلاثة آلاف وخمسمائة قطعة. وتعود القطع المعروضة في الجناح بعد إلى حقبات في تاريخ الحضارة الإسلامية تمتد من القرن التاسع إلى القرن التاسع عشر وتتعلق بمناطق كثيرة أشعت فيها الحضارة الإسلامية في آسيا وإفريقيا وأوروبا. ومن القطع المعروضة زخارف وأوان ومنمنمات ورسوم ومخطوطات تعود مثلا إلى العصر الأموي وإلى إشعاع الحضارة الإسلامية في الأندلس والهند وفي عصر المماليك في مصر. غطاء جناح فنون الإسلام في متحف اللوفر من زجاج فضل شيراك والحقيقة ان الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك اضطلع فعلا بدور أساسي في تخصيص جناح كامل لفنون الإسلام في متحف اللوفر. بل إنه كان يريد عام ألفين وواحد إقامة متحف خاص في العاصمة الفرنسية لفنون الإسلام لعدة أسباب منها شغفه الشخصي بهذه الحضارة وفنونها. ومما حمله أيضا على الدعوة لإقامة متحف يكون حكرا على الفنون الإسلامية أن هذه الفنون لا تدرس في المدارس الفرنسية وأن مثل هذا المتحف يمكن أن يكون أداة أساسية لتسهيل التعريف بإسهام الحضارة الإسلامية في الحضارات الإنسانية الأخرى وبتأثرها بدورها بهذه الحضارات. ولكن هنري لوريت رئيس متحف اللوفر أقنع جاك شيراك آنذاك بأن هذا المتحف هو المكان الطبيعي لفنون الإسلام وأنه من الطبيعي والحالة تلك فتح جناح جديد هو الثامن في المتحف يكون حكرا على الفنون الإسلامية. وهو ما حصل. وقد كتب لوريت في توطئة الكتاب الدليل الذي نشر بمناسبة تدشين الجناح يقول إن هذا المسعى يراد من ورائه التعريف "بالوجه المشرق في حضارة حوت إنسانية موغلة في تعدديتها وثرائها". وتقديرا لدور شيراك في بعث جناح لفنون الإسلام في متحف اللوفر، رافقته وزيرة الثقافة الفرنسية الحالية في جولة قبل أيام توقف فيها مطولاً عند القطع المعروضة فيه قبل تدشين الجناح أمس بشكل رسمي. ويمتد الجناح على مساحة ثلاثة آلاف متر مربع. وقد غطي بغطاء من زجاج يذكر ببساط الريح. وقد أسهمت دول عربية وإسلامية في تمويل المشروع من أهمها المملكة والمغرب والكويت وسلطنة عمان وأذربيجان. أما مساهمات الشخصيات التي رعت بدورها المشروع فتأتي في مقدمتها مساهمة سمو الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز عبر " مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية " وإذا كانت كلفة المشروع كله قد قدرت بقرابة مائة مليون يورو، فإن الأمير الوليد تبرع لوحده من هذا المبلغ بزهاء عشرين مليون يورو. وتقديرا لهذا الجهد حرص الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك على أن يكون الأمير إلى جانبه عندما عرض عليه مجسم الجناح في شهر يوليو عام ألفين وخمسة.