استمدت اسرائيل التشجيع من الموقف الأميركي المائع في معارضته بناء الجدار الفاصل في أعماق أراضي الضفة الغربية ومن اعلان واشنطن عدم خصم تكلفة بناء الجدار في محيط المستوطنات من الضمانات المالية للقروض الممنوحة للدولة العبرية، لتتحدى المجتمع الدولي غير عابئة باحتجاجاته ولتقر حكومتها أمس خطة استكمال بناء الجدار، على مراحل واقامة جدران عديدة شرق معظم المستوطنات المنتشرة في أنحاء الضفة الغربية يتم ربطها، في غضون أشهر مع الجدار الفاصل ليصبح متواصلا. واعتبرت السلطة الفلسطينية قرار الحكومة الاسرائيلية الجديد بشأن الجدار "عقبة حقيقية" جديدة أمام جهود إعادة عملية السلام. تبنت الحكومة الاسرائيلية عملياً اقتراح اجهزة الأمن الذي صادق عليه رئيس الحكومة ارييل شارون ووزير دفاعه شاؤول موفاز بمواصلة بناء الجدار الفاصل الذي تم انجاز بناء 140 كلم منه، بمحاذاة الخط الأخضر مع إبقاء "ثغرة" مقابل كتل الاستيطان الكبيرة الخمس على أن تتم احاطة هذه، من شرقها أي بعمق 20 كيلومتراً وأكثر في أراضي الضفة بجدران وأسيجة واتخاذ تدابير أمنية مشددة وتعزيز انتشار جيش الاحتلال حولها، على أن يتم اغلاق "الثغرة" وضم المستوطنات داخل الجدار بعد التشاور من جديد مع واشنطن. ويمتد المقطع "المختلف عليه بين تل أبيب وواشنطن" على طول 40 45 كيلومتراً ويشمل المستوطنات غرب نابلس ورام الله وجنوب جبل الخليل وشمال القدس. ونقلت صحيفة "هآرتس" عن قريبين من شارون انه فضل تفادي صدام مع حليفته الكبرى وعدم الاعلان عن اقامة جدار متواصل يضم داخله المستوطنات والانتظار بضعة أشهر معولاً على انشغال الادارة الاميركية بالانتخابات للرئاسة ما سيحول دون ممارسة ضغوط على اسرائيل لمنعها من ضم المستوطنات. وكتبت ان إقرار الحكومة مسار الجدار مع إبقاء ثغرة يبدد حلم ضم الضفة الغربية الى اسرائيل ويخلق للمرة الأولى حاجزاً مادياً بينهما "لكنه في المقابل يحقق طموحاً يراود اسرائيل منذ سنوات كثيرة بتوسيع خاصرتها الضيقة". وجاء اجتماع الحكومة أمس بعد ساعات من اعلان مسؤول اميركي ان ادارة الرئيس جورج بوش لم تتخذ أي قرار حتى الآن حول قيمة العقوبات المالية التي ستفرضها على اسرائيل على سياستها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وقالت الاذاعة ان الاعلان يعني ان واشنطن لن تخصم أي مبلغ من الضمانات بأثر رجعي وان التهديد بالمعاقبة يتطرق الى السنة المالية الجديدة التي تبدأ في واشنطن في الأول من تشرين الأول اكتوبر. في المقابل لم يعر الاعلان الاسرائيلي اهتماماً للانتقادات التي تضمنها تقرير موفد الأممالمتحدة لحقوق الانسان، البروفيسور جون دوغارد، عن الجدار وحقيقة ان بناءه سيضم الى اسرائيل مناطق شاسعة من الضفة الغربية ويعزل 210 آلاف فلسطيني عن عائلاتهم. واشنطن ترفض خطتين سلميتين جديدتين وأفادت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان واشنطن رفضت مبادرات دولية جديدة لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي طرحت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الاسبوع الماضي أبرزها تلك التي تقدم بها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان باقامة "نظام وصاية" في الأراضي الفلسطينية وارسال قوات دولية لحفظ النظام. اما الاقتراح الثاني فطرحه الرئيس الفرنسي جاك شيراك وقضى بعقد مؤتمر دولي للسلام. وقالت الاذاعة ان المبادرتين رفضتا بداعي انهما تتعارضان ورؤية الرئيس جورج بوش لحل النزاع. من جهتها أفادت صحيفة "هآرتس"، اعتماداً على مصادر اسرائيلية وأميركية، ان واشنطن علقت مهمة رئيس الطاقم الأميركي لمراقبة تطبيق "خريطة الطريق" الدولية جون وولف الى حين تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة احمد قريع أبو علاء ومتابعة أدائها. وتابعت ان وولف الذي يقضي اجازة في واشنطن ينوي في حال ابلاغه باستئناف مهمته تجنيد المزيد من الاعضاء لطاقمه للقيام بمهمة المراقبة. وزادت ان موظفين اميركيين أبلغوا نظراءهم الاسرائيليين انهم خائبو الأمل من "مراهنتهم الخاسرة" على محمود عباس ابو مازن وانه لم يكن على قدر توقعاتهم منه. وأضافوا ان واشنطن لم تبلور بعد موقفا من قريع لكنها تتوقع انه سيفضل التعامل مباشرة مع اسرائيل والتقليل من دور الوسيط الأميركي. وختمت الصحيفة بالقول ان الادارة الأميركية تتوقع من قريع ان يوحد الاجهزة الامنية ويواصل الاصلاحات الاقتصادية وستنتظر لترى افعاله قبل ان تتقدم بمطالب من اسرائيل. السلطة: عقبة حقيقية واعتبرت السلطة الفلسطينية امس ا ف ب اقرار الحكومة الاسرائيلية بناء جزء جديد من الجدار الامني "عقبة حقيقية" جديدة امام جهود اعادة عملية السلام، مشدداً على ضرورة ازالته بالكامل. وقال نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في تعقيبه على قرار الحكومة الاسرائيلية لوكالة "فرانس برس" ان هذا القرار يمثل "عقبة اسرائيلية حقيقية جديدة امام المفاوضات وستعرقل جهود اعادة عملية السلام الى مسارها". وشدد على ضرورة "تنفيذ خريطة الطريق بالكامل، اذ لا يجوز ان تقوم اسرائيل بإجراءات احادية الجانب وفرض الامر الواقع". واكد ابو ردينة ان "المطلوب من الولاياتالمتحدة القيام بخطوات اكثر حزماً وقوة والضغط باتجاه هدم وازالة الجدار العنصري كلياً".