تابع الكثير من الخليجيين برنامج المقالب الفكاهي "صادوه"، الذي اعده وقدمه الممثل الكويتي محمد الصيرفي، وعرضته فضائيات خليجية عدة: الكويت، البحرين وعمان في رمضان. فكرة البرنامج هي ذاتها فكرة برامج "الكاميرا الخفية"، وفيها يستضيف الصيرفي ممثلاً او شخصية فنية مدعياً انه يريد ان يقدم معها برنامجاً حوارياً عن اعمالها وهموم الساحة الفنية، ليفاجئها بكم غريب من الاسئلة والمواقف المستفزة التي تثير غضبها الى حد الاشتباك بالأيدي كما حصل مع الفنان محمد جوهر. الصيرفي استضاف عدداً من الفنانين منهم عبدالحسين عبدالرضا وابراهيم الصلال ومريم الصالح وحياة الفهد وحليمة بولند وسواهم. وتبدأ الحلقة عادة بسؤال يوجهه المقدم، وما ان يبدأ الضيف بالإجابة حتى يقاطعه الصيرفي بسؤال آخر، او برنة من هاتفه النقال، او بطلب من الصيرفي بأن يوقف التصوير من اجل اصلاح خلل في الاضاءة. ويلاحظ المشاهد ان المقالب التي استخدمها الصيرفي مكررة، وماثلة امام المشاهد في كل حلقة من دون ان تكون لديه مقدرة على اجتراح مواقف جديدة وحيل جديدة، ومن دون ان يستغل مقدرته التمثيلية في ان يجعل لكل حلقة ولكل ضيف خصوصيته بالإفادة من تجربة ضيف وامكاناته وما تتمتع به شخصيته من مواهب ذاتية. هذه المقالب في الغالب كانت محصورة في اسئلة "الفذلكات" حول "العولمة" و"البوتقة الثقافية" و"الوضع الاقتصادي" و"ثقب الأوزون" و"الوضع السياسي"، وما يدور في فلكها من اسئلة لا تمت الى الوسط الفني بصلة، وتظهر المقدم وكأنه يريد ان يبرز مقدرات ثقافية يتفلسف بها على الضيف، كما حصل في حلقته مع الفنان عبدالحسين عبدالرضا. نوع آخر من المقالب تمثل في استخدامه المتكرر للهاتف النقال الذي يرن بين فترة وأخرى، ليكرر اعتذاره للضيف كونه ينتظر مكالمة مهمة او انه نسي ان يغلق الجهاز، بينما كانت محاولاته الاستعانة بفريق العمل في تدبير المقالب تتمثل في قطعه للحوار بين فينة وأخرى بحجة عدم جودة الاضاءة، او بغية تعديل جلسته، او طالباً من احدهم ان يقرأ له الاسئلة ويشرحها، وفي بعض الحالات يدخل في حال من الشجار مع فريق العمل كما حصل في حلقة الفنانة حياة الفهد. واستقطب البرنامج جهوراً واسعاً، والبعض كان يشاهده اكثر من مرة ليلياً، وغدت كلمة "صادوه" لازمة تتكرر على ألسنة الكثيرين كباراً وصغاراً، وهو بالمقياس الجماهيري برنامج ناجح. لكن السؤال هو: كيف يمكن ان يقوّم البرنامج فنياً؟ في هذا المجال كان البرنامج رتيباً، كونه لا يخضع لحبكة درامية او تصور او رؤية مرتبة تقوم عليها حلقاته، وهو أتى من دون ان يضيف اي اضافة الى ما سبقه من البرامج، بل اتى نسخة مكررة منها، من دون ان يضيف كل من المخرج او المقدم اي شيء مختلف عما قدم. اجتماعياً، قد يبرز البرنامج، هذا اذا ثبت كونه اتى تلقائياً ولم يكن مدبراً ومتفقاً عليه مع الشخصيات المستضافة، على رغم وجود حلقات تشكك في ذلك مدى ضيق الافق لدى كثير من الفنانين، كاشفاً عن سلوكياتهم المتشنجة وطريقتهم العنيفة - بعض الأحيان - في التعامل مع مواقف كهذه، محطماً الهالة المثالية التي يحاول ان يضفيها عليهم البعض او يضفونها على انفسهم، مقرراً انهم بشر عاديون لا يتميزون عن بقية الناس، بل كشف البرنامج في بعض الحالات عن هشاشة ثقافية وعدم مقدرة سلوكية على الخروج من المأزق التي يقعون فيها. يأتي برنامج "صادوه"، ليعزز مقولة "الجمهور عايز كده"، ويقرر حقيقة مرة مفادها ان العقلية الفنية ما زالت واقعة في فخ التكرار والتكرار المستمر حتى لو اضطرها ان تصل الى حال من السماجة من دون ان تجدد في اسلوبها وأطروحتها العتيقة.