تبدو الحركة غير ناشطة عند مركز جمجمال الحدودي. فالخوف من الحرب يتنامى، والسلطات العراقية تعرقل تحرك الشاحنات، ما يؤدي الى تراجع تهريب الوقود بين مدينة كركوك التي تسيطر عليها بغداد ومنطقة كردستان الخارجة عن سلطتها. والعملية مربحة كما يقول احد المهربين، موضحاً: "نشتري على سبيل المثال 60 ليتراً من الوقود في كركوك بستة دنانير الدولار يساوي سبعة - تسعة دنانير ونعيد بيعها بتسعين ديناراً في السليمانية" غير الخاضعة لسلطة بغداد منذ نهاية حرب الخليج عام 1991. ويضيف: "في حال القيام برحلتين الى السليمانية يومياً كما افعل، مع استخدام السيارة كسيارة اجرة في الوقت ذاته، أحصل على 120 دولاراً احتفظ بعشرين منها في حين تذهب المئة المتبقية الى صاحب السيارة". ولأداء هذا العمل يكفي ان يكون الشخص حاملاً بطاقة اقامة في كركوك، المدينة النفطية الواقعة على بعد نحو اربعين كيلومتراً من جمجمال. ويؤمن المهرب، الذي هجر كركوك شأن كثيرين من الاكراد، لقمة عيشه من هذا النشاط، وحصل على بطاقته بعدما رشا موظفاً عراقياً. بيد ان شبح الحرب يسيء الى هذه "التجارة". ويقول ابراهيم راشد طاهر، المسؤول عن المركز الحدودي، ان العراقيين اوقفوا على مدى يوم نقل الوقود الى جانب قوافل برنامج "النفط للغذاء". ويوضح المهرب انه منذ ذلك الحين ارتفع سعر ستين ليتراً من الوقود الى تسعين ديناراً. لكن ما يبدو مربحاً ليس بالضرورة كذلك، لأن ثمة ازمة وقود. ويشرح المهرب "اعتاد الناس تخزين الوقود، وهم يخشون ان يضطروا الى الهرب". تضاف الى ذلك التقلبات في سعر الصرف، ويقول صيرفي في السليمانية: "في الفترة الاخيرة كانت المئة دولار تساوي 690 - 930 ديناراً، وفقا للانباء أكانت جيدة او سيئة بالنسبة الى الرئيس صدام حسين. ويزيد سعر صرف الدولار كلما كانت الانباء جيدة بالنسبة اليه". ويعتمد الاكراد وسيلة اخرى لمواجهة بغداد عبر رفضهم التعامل بالدينار الجديد الذي اطلقه صدام ويحمل صورته، معتبرين ان لا قيمة له. ويواصل الاكراد التعامل بالدينار القديم الذي يحافظ على مستويات جيدة حيال الدولار عندما ينهار الدينار الجديد. لكن الدينار القديم بات عملة نادرة في السوق. ويقول عدنان المفتي، المسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني "وزير المال" السابق في المنطقة التي يسيطر عليها هذا الحزب: "كثيرون من الناس يعتقدون خطأ انهم في حال اطاحة صدام سيتمكنون من صرف دنانيرهم القديمة بدولار لكل دينار. لذا يحتفظون بها في منازلهم". وبما ان الاموال التي يرسلها الاكراد في الخارج الى منطقة كردستان هي بالدولار، إضافة الى ان الاممالمتحدة تفاوضت على عقود مع شركات محلية بالدولار، فان تأثير ذلك لا يستهان به. ويقول صيرفي آخر: "لا شيء منطقياً في كل ذلك، ولا نفهم لماذا يشتري الناس او يبيعون، لكن الاكيد أن رحيل صدام بسرعة سيؤمن استقراراً اكبر". والأكيد أن احداً في كردستان لا يمكنه ان يتوقع شكل النظام النقدي الذي سيعتمد مستقبلاً.