خلافاً لكل التوقعات، نجح حزب "ليكود" اليميني في استعادة عدد كبير من أنصاره الذين هجروه بعد ملفات الفساد التي عصفت به في الأسابيع الأخيرة، اذ أفاد استطلاعان جديدان نشرت نتائجهما صحيفتا "يديعوت احرونوت" و"معاريف" ان الحزب استعاد عافيته فحصل على 32 مقعداً، بزيادة أربعة مقاعد قياساً باستطلاعات الاسبوع الماضي، بينما هبطت شعبية خصمه التاريخي المحسوب على يسار الوسط "العمل" بمقعدين وحاز على 20 فقط. ويأتي تعاظم شعبية "ليكود" على رغم فشل زعيمه ارييل شارون في اقناع الاسرائيليين ببراءته من الشبهات المنسوبة اليه بالضلوع في مخالفات جنائية، إذ أفاد 47 الى 65 في المئة انه لم يقنعهم بحججه، مقابل 35 في المئة اقتنعوا بها. ويسوّغ المعلقون هذا التناقض في مواقف الاسرائيليين بنجاح شارون في إثارة عواطف "المترددين" في التصويت لحزبه على خلفية استيائهم من قضية الفساد، حين اتهم "العمل" وزعيمه عمرام متسناع ووسائل الاعلام "المعادي" بالتآمر لإطاحته عن الحكم، فهبّوا لنجدة الحزب لئلا يفقد اليمين تزعم الحكومة الجديدة. لكن اللافت في نتائج استطلاعي أمس ان ميزان القوى بين تكتل أحزاب اليمين والمتدينين المتشددين من جهة وتكتل الوسط واليسار لم يتغير، اذ ما زال الأول يحوز على 63 مقعداً مقابل 39 ل"العمل" واليسار و18 ل"الوسط"، ما يعني ان "ليكود" استعاد المقاعد الأربعة من أحزاب اليمين شاس والاتحاد القومي ومفدال، فيما خسر "العمل" مقعديه لمصلحة حزبين يساريين "عام إحاد" و"الورقة الخضراء"، والأخير يؤيد تشريع القنّب رسمياً. وقالت معدة الاستطلاع لحساب صحيفة "يديعوت احرونوت" الدكتورة مينا تسيمح انه من السابق لأوانه الادعاء بأن المعركة الانتخابية باتت محسومة، واشارت الى ان هامش الخطأ بنسبة 4.5 في المئة يؤكد ان القوى بين التكتلين المذكورين متوازنة تقريباً. ونوهت الى حقيقة ان 20 في المئة من الاسرائيليين لم يحسموا خيارهم بعد وبغالبيتهم أنصار "العمل" الذين لا يخفون خيبتهم من سلوكه في العامين الأخيرين، لكنها توقعت ان يعود معظمهم الى أحضان الحزب يوم الانتخابات. ونقلت مصادر صحافية عن أوساط في "ليكود" ارتياحها للنتائج وعزتها الى نجاح استراتيجية شارون ومستشاريه بعد قرار رئيس لجنة الانتخابات وقف بث خطابه المتلفز والتلميح لأنصار "ليكود" الذين غادروه بأن القاضي، كما الاعلام العبري، يناصب الحزب العداء، فجعلوا من هذه المسألة القضية الجوهرية لصرف النظر عن القضية الحقيقية المتعلقة بضلوع شارون ونجليه في الفساد. وجاء استطلاع "معاريف" بنتيجة لافتة اكدت ان شارون لم يعد في أنظار مؤيدي "ليكود" ذخراً انتخابياً. وأفاد بأن الحزب كان سيحصل على 36 مقعداً لو وضع بنيامين نتانياهو على رأس لائحته الانتخابية، أي بما يعادل أربعة مقاعد أكثر مما كان سيحصل عليه مع شارون. ورأى معلقون انه على رغم صحوة "ليكود" فإن النتائج التي حملتها الاستطلاعات الأخيرة لا تأتي بأي جديد لجهة تعادل المعسكرين، اليميني واليساري، المتواصل منذ نحو 15 عاماً، ما يعني ان الحكومة الجديدة التي ستتشكل بعد الانتخابات الوشيكة، في 28 الجاري، لن تصمد طويلاً ايضاً.