تجاهلت موسكو "نصائح" أميركية بالتخلي عن اتفاق ضخم للتعاون الاقتصادي مع العراق، وأكدت وزارة التنمية الاقتصادية رسمياً نية روسيا توقيع الاتفاق وتوسيع التعاون مع بغداد، فيما أشارت مصادر شبه رسمية إلى أن الحجم الاجمالي لعقوده قد يصل إلى 62 بليون دولار. وعلمت "الحياة" أن الولاياتالمتحدة قدمت "النصائح" عبر قنوات رسمية وغير رسمية، في إطار حملة أميركية للضغط على موسكو قادها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي شدد على أن ابرام الاتفاق سيضع روسيا في خانة "أصدقاء الدول الإرهابية". وقال مصدر قريب إلى وزارة الخارجية الروسية إن الأميركيين لوحوا ب"عصا" وقف المساعدات الاقتصادية وقدموا "اغراءات" تشير إلى ضمان مصالح موسكو في العراق، في حال تغيير نظامه. لكن المصدر قال إن روسيا تتبع سياسة "مبدئية" وتراعي في الوقت ذاته مصالحها. وأشار إلى أنها "لم ترَ تحقق الوعود الأميركية الكثيرة". واللافت ان وزارة التنمية الاقتصادية التي يقودها غيرمان غريف، وهو يعد من أقرب "أصدقاء" أميركا في روسيا، هي التي أصدرت أمس بياناً يؤكد للمرة الأولى رسمياً أن الاتفاق مع العراق سيوقع "في الخريف" بعد أن يستكمل الطرفان وضع اللمسات الأخيرة عليه. وشددت الوزارة على نية روسيا توسيع تعاونها مع العراق. إلى ذلك، حاولت الوزارة أن تبين "ضآلة" العلاقات الاقتصادية مع بغداد الآن، وأفادت أن صادرات روسيا إلى العراق بلغت العام الماضي 187 مليون دولار فقط، فيما لم يصدر العراق أي بضائع إلى روسيا، علماً أن بغداد كانت تحدثت عن تبادل تجاري بلغ 5.2 بليون دولار العام الماضي. وأوضح خبير اقتصادي ل"الحياة" أن وزارة التنمية "تجاهلت" ما تشتريه الشركات الروسية من النفط العراقي الذي تصدر معظمه إلى الولاياتالمتحدة فتحصل موسكو على ربح من فرق السعر. ونسبت وكالة "نوفوستي" إلى مصدر حكومي قوله إن الاتفاق الجديد مع العراق لم يتضمن أرقاماً محددة، لكنه قال إن قيمة المشاريع الواردة فيه قد تصل إلى 62 بليون دولار، بعدما قدر السفير العراقي في موسكو عباس خلف المبلغ ب40 بليوناً. وأكدت الوكالة أن الاتفاق يضمن مواقع روسيا في مواجهة منافسين أميركيين وأوروبيين، في حال رفع العقوبات عن العراق. وأضافت ان الرئيس صدام حسين "لن يبقى إلى الأبد"، وان خليفته قد ينفتح على أسواق غربية أو شرقية آسيوية أو عربية، في حين أن توقيع الاتفاق على مستوى حكومي يضمن لروسيا عقوداً مهمة.